حميد سامر
اقترحت حكومة عزيز أخنوش، في مشروع قانون المالية 2022 عددا من التدابير من أجل تعزيز الإدماج الاجتماعي وذلك لتحسين ظروف عيش جميع المغاربة، تماشيا مع التوجيهات الملكية وخلاصات تقرير النموذج التنموي الجديد. التغطية الاجتماعية والصحة يعد تعميم التأمين الصحي الإجباري بحلول نهاية عام 2022 محورا أساسيا لمشروع قانون مالية 2022، بالنظر إلى أن 22 مليون مغربي إضافي سيتمكنون من الوصول إلى النظام الأساسي التي يغطي تكاليف الرعاية والأدوية والاستشفاء والعلاج.
وسيساهم هذا التعميم في رفع القدرة الشرائية، حيث ستكون الأسر قادرة على تخصيص أي نفقات صحية تتحملها بشكل مباشر لأمور أخرى، وستخصص الحكومة لهذا المشروع مبلغ 8.4 مليار درهم وهو جهد مالي كبير بالنظر إلى قيود الميزانية.
وينطبق الشيء نفسه على أكثر من 8 مليارات إضافية سيتم ضخها في الميزانية الخاصة بالصحة والتعليم، وهو ما يبرز أن الحكومة عازمة على تحسين الظروف المعيشية لجميع المغاربة، ولاسيما الفئات الأكثر ضعفا والطبقة الوسطى. التشغيل والتعليم وتولي الحكومة أهمية كبرى لورشي التعليم والتشغيل. وهو ورش اقتصادي، فيما يتعلق بخلق الثروة، واجتماعي كذلك، لأن التشغيل هو عامل من عوامل الإدماج. فيما يتعلق بالوظيفة العمومية، بلغ عدد المناصب المالية المخطط لها لعام 2022، 26.510 منصبا، وبالمقارنة مع عام 2021، فإن الحكومة ستبذل جهدا من أجل خلق 5000 وظيفة إضافية في سياق وباء كوفيد 19.
هذه المناصب مخصصة في المقام الأول للقطاعات ذات الأولوية، منها 700 منصب للتعليم العالي، و17000 للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (AREF)، و2000 منصب لتوظيف طاقم دعم بيداغوجي وإداري على مستوى المؤسسات التعليمية، وهو ما يستجيب للمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في النموذج التنموي الجديد الذي يخصص مكانة مركزية للتربية والتكوين.
وتضمن مشروع قانون المالية 2022، نقطة أخرى تتعلق بدعم التوظيف في القطاع الخاص والجمعوي. إذ أدركت الحكومة أنه من الضروري إعطاء دفعة جديدة في هذا المجال، بعدما تبينت محدودية معظم برامج إنعاش التشغيل، أو أنها لم تعد تتناسب مع السياق الحالي، بحسب ما أكدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي.
ولأن العودة إلى برنامج “انطلاقة” ضرورية ومرغوبة، اقترحت الحكومة في مشروع قانون المالية 2022، برنامج ”فرصة” الذي سيعزز إنعاش تشغيل الشباب، وسيستفيد منه أكثر من 50000 شاب. السمة الأساسية لـ “فرصة” هي أن المتقدمين سيكونون قادرين على الحصول على قروض دون شروط. ولن يكون التمويل وحده كافيا، وسيكون من الضروري التأكيد على المواكبة، وإلا فلن يكون النجاح مضمونا. والمواكبة هي نقطة تؤكد عليها الأطراف الفاعلة في مجال برامج إنعاش التشغيل، لذلك سيكون من الضروري تسليط الضوء على التعاون مع القطاع الخاص والقطاع المالي، والبنكي على وجه الخصوص، لمساعدة حاملي المشاريع على تدبيرها بشكل أفضل.
مستوى المعيشة تعتبر الزيادة البالغة نسبة 28 في المائة فيما يتعلق بالدعم، أي بما يقارب 16 مليار درهم، نقطة إيجابية للقدرة الشرائية للأسر، في سياق ارتفاع أسعار الغاز والنفط، وبالنظر لعدم استقرار السوق العالمي للمواد الغذائية. ويعد تفعيل تعميم الإعانات العائلية اعتبارا من عام 2023 إجراء قويا آخر في مشروع قانون المالية 2022. وهذه فرصة للاستباقية، وتسليط الضوء على احتمالات زيادة القدرة الشرائية، وخاصة بالنسبة لذوي الدخل المنخفض.
الإدماج الاجتماعي يعد تفعيل السجل الاجتماعي الموحد مشروعا هيكليا مهما لضبط الفئات المستهدفة وعدد التلاميذ المدعومين في إطار النظام المدرسي بشكل أحسن، إذ أن التوزيع الأفضل للمساعدات والدعم للفئات السكانية الأكثر ضعفا يتطلب معرفة أحسن بتكوينهم.
وأكدت الحكومة في برنامجها الحكومي، والذي ستترجم بعضا منه في مشروع المالية لسنة 2022، أنها ستولي اهتماما خاصا لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع. وفي نفس السياق، فإن تعزيز المساواة بين الجنسين في المجالين الاقتصادي والاجتماعي من أولويات الحكومة التي جاء بها مشروع قانون المالية، ويساهم هذا المقياس في زيادة نسبة مشاركة المرأة والتي تبلغ حوالي 20 في المائة.
وينطبق الشيء نفسه على تعزيز دروس الدعم وتسريع تعميم التعليم الأولي وإصلاح نظام تكوين الأساتذة وإعادة تأهيل مراكز التكوين. وعلى المدى المتوسط والطويل، سيكون لهذه التدابير تأثير مباشر على نوعية الرأسمال البشري، وما هو أبعد من ذلك، على الإدماج الاجتماعي للفئات السكانية المعنية.