المواطن 24/متابعة
موسم “البيع والشراء” ينطلق مبكرا وغاضبون يفضحون الأسرار
رفض حزبي معروف مغادرة مقر حزبه السياسي بالرباط، حتى يعرف أسباب رفض تزكيته من قبل لجنة أنشئت للغرض نفسه، ومنح التزكية لصاحب مقاولة معروف، رغم أن لا انتماء كان يجمعه بالحزب المعلوم.
وتلقى الحزبي جوابا صادما، عندما قال له قيادي: “واش أنت قادر تحط 200 مليون”، فاضطر إلى مغادرة المقر، وهو يردد، حسب إفاداته، “كون كانت عندي 200 مليون كاع ما نشوف فيكم يا البياعة والشراية في التزكيات”.
ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يشرع بعض السياسيين في ترتيبات “البيع والشراء” في التزكيات، حتى يحجزوا لمن يدفع أكثر ورقة الترشح في الدوائر الانتخابية التي تعرف منافسة شديدة بين المترشحين الذين ينتمون إلى الحزب نفسه.
وكشفت مصادر حزبية مطلعة لـ “الصباح”، أن قياديين حزبيين انخرطوا مبكرا في مساومة مترشحين أثرياء، من أجل تجديد ترشيحهم مقابل الدفع لهم من تحت الطاولة، وهو ما دفع برلمانيا رفض هذا النوع من “الابتزاز” إلى فضحهم. ويختلف سعر التزكية من دائرة إلى أخرى، ومن شخص إلى آخر، ويتراوح سعرها في السوق الانتخابي حاليا ما بين 50 مليونا و200، تحت غطاء دعم الحزب، واشتداد التنافس بين المترشحين الذين يدخلون في تحد، وهو التحدي الذي يحسمه المال لشراء التزكية. ويلعب حزبيون على المستوى الإقليمي أو المحلي دور الوسيط، وصلة وصل بين القيادات الحزبية المؤثرة، ذات الصوت المسموع والباحثين عن التزكية بأي ثمن.
وشرعت أحزاب سياسية في وقت مبكر، في عملية اختيار مرشحيها ووكلاء لوائحها، بيد أن العملية بدأت تفوح منها روائح فساد وجب فضحه، لاستئصال ورمه الانتخابي الخبيث.
وتجري عمليات “البيع والشراء” والمتاجرة في التزكيات منذ الثمانينات، وتأبى الممارسة نفسها، أن تزول، غير أن مهتمين بالشأن الانتخابي يتوقعون انخفاض منسوبها خلال الانتخابات المقبلة.
وتوقع قيادي حزبي أن تكون عمليات “البيع والشراء” في تزكيات تشريعات 2021 محدودة، وأن يتقلص حجمها، وذلك في حالة ما إذا صودق على تطبيق القاسم المشترك على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس عدد المصوتين داخل لجنة الداخلية، التي شرعت أمس (الأربعاء) في المناقشة العامة لمشاريع القوانين الانتخابية.
وفي حال تمرير القاسم الانتخابي بالصيغة المذكورة، يمكن للباحثين عن التزكية الحصول عليها دون عناء، أو دفع أموال كبيرة، خصوصا من قبل الأحزاب التي تصنف صغيرة، ولا تظهر إلا مع اقتراب كل موسم انتخابي.
ويسعى نافذون وأثرياء ورجال أعمال، إلى شراء تزكية حزب بعينه، ما يجعل الظاهرة مستمرة، ولن تزول بسهولة. وتتكرر “حرب التزكيات” في بلادنا، وإن اختلفت مستوياتها من حزب إلى آخر، وهو ما يفسر بأن الأحزاب السياسية تجد نفسها أمام معادلة معقدة، فمن جهة عليها أن تفكر في كيفية إعمال مبدأ الديمقراطية داخل هياكلها الحزبية من أجل اختيار مرشحيها، ومن جهة ثانية ترغب في ضمان الفوز بالمقاعد خلال الانتخابات، ولذلك تفكر في المرشحين الذين سيجلبون لها أكبر قدر من المقاعد.
عن جريدة الصباح