[success]سعبد الهوداني[/success]
سهل جدا ان تخرج وزيرة التضامن والتنمية والمساواة والاسرة في يوم دراسي ، تدعو فيه وتحث الأسر المغربية إلى إحياء قيمة التضامن والتكفل بالأطفال المتخلى عنهم. إن واقع الاسرة المغربية سواء كانت غنية أم فقيرة لايبعث على الاطمئنان. فالفقيرة رفعت الراية البيضاء بسبب الحاجة والعوز، والغنية خرج أطفالها عن المراقبة والسيطرة بسبب انبهارهم بعالم التكنلوجيا وانغماسهم في الملاهي والمغريات التي عصفت بهم في عالم الانحراف والإدمان، والأمثلة كثيرة ولا مجال للخوض فيها. وحتى إن رغبت أسرة في التكفل بطفل فالمساطر الادارية معقدة والشروط لا تتوفر في معظم الأسر، التى لم ترزق بأطفال والراغبة في التكفل. الحديث هنا عن دخل الأسرة أو الراتب الشهري للكفيل .
الذي يسمح له بالتكفل بطفل، ثم تنزيل هذا الأخير بعقد شرعي عدلي كوارث للثلث في حالة وفاة رب الأسرة، وهذا طبعا يخلق صراعات ونزاعات على الورث، ويعتبره الورثة إجحافا في حقهم. والأمر الخطير الذي تعانيه الأسر التي تكفلت بطفل متخلى عنه هو فراغ مكان اسم الاب في عقد الازدياد. الشئ الذي يسبب إحراجا للطفل أمام أقرانه عند كبره أو عند إدلائه بهذه الوثيقة في مؤسسته التعليمية أو إدارة أخرى. ناهيك عن تساؤلات الجيران والأقرباء والطفيليين عن اختلاف كنية الطفل والاسم العائلي للأسرة، مما يسبب عقدة وأزمة نفسية لدى الطفل، وهذا مادفع بكثير من الأسر إلى تغيير الكنية التى منحتها الحالة المدنية للطفل بكنية رب الأسرة، سالكين في ذلك طرقا ملتوية، اي تبني الطفل وليس التكفل به.
وقد عالجت الجهات المختصة بكفالة الأطفال فراغ عقد ازدياد الطفل المتكفل من اسم الأب لأنه في غالب الأحيان يكون مجهولا، بملئه بما عبد أو حمد كإسم عبد القادر أو عبد الحميد أو محمد…… ومع كل هذا فالأسر تعاني الأمرين عندما يعلم الطفل سواء كان ذكرا أو أنثى انه متكفل به والوالدان اللذان عاش معهما ليسا والديه الحقيقيقين، والحوادث التي كتبت في الجرائد والقصص المؤلمة التي بثت على شاشاتنا التلفزية والتي تجسد تمرد المتكفل به على الأسرة لأنه علم أنه في الأصل طفل متخلى عنه، خيردليل على ذلك ،وخصوصا عند مطالبته أبويه بالتكفل بإخباره باسم أبيه الحقيقي ومكان تواجده، الأمرالذي لايعلم به هؤلاء، مما يسبب مشاكل عويصة يصعب السيطرة عليها، بل تؤدي في غالب الأحيان إلى هروب الطفل أو لجوئه إلى العنف أو الانتحار، او الإدمان على المخدرات.
كتابتي لهذه السطورا ليس تشاؤما ولا تخويفا للأسر الراغبة في التكفل وإنمأ لأخذ الإحتياط وتنويرهم لمعرفة الإجراءات الشرعية والإدارية فقط، فأنا عشت التجربة ونجحت فيها والحمدلله وابنتي الآن في السنة الأولى من سلك الدكتوراه في مجال الاقتصاد، بعدما مرت من الأقسام التحضيرية ثم المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير . واعتبارا لما سبق وفي ظل أزمة القيم التى يعيشها المجتمع المغربي والإجراءات والشروط الإدارية المعقدة، وضغط الحياة اليومي، كل هذا لا يشجع على التكفل بالأطفال المتخلى عنهم. لذا يجب على الدولة ان تتحمل جزء من المسؤولية اتجاه هؤلاء، وتحفز الأسر على ذلك وخصوصا المتوسطة منها والفقيرة الراغبة في التكفل، وذلك بتخصيص مبلغ مالي شهري للطفل المتكفل به تساعد به الأسرة مع التتبع والمراقبة والمواكبة طبعا .
كما ينبغي تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية التى تؤوي هذه الشريحة من الأطفال لوجستيكيا وتربويا وإداريا، مع احداث لجان مراقبةوتفتيش دورية وتنزيل عقوبات صارمة على المتلاعبين والمخالفين للقوانين. والتفكير بجدية وعقلانية في مصير ومآل الأطفال الذين وصلوا سن الرشد المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية. أما على مستوى الأسرة الكفيلة فينبغى لها مصارحة الطفل بواقعه في سن مبكرة والتمهيد لذلك، مع استشارة الخبراء والأطباء النفسانيين طبعا.