المواطن24
برنامج “نجم الشعبي”، الذي تبثه القناة الثانية، يهدف ظاهريًا إلى الاحتفاء بالأغنية الشعبية وإبراز المواهب الجديدة في هذا اللون الموسيقي العريق. ولكن، عند التمعن في فكرته ومضمونه، يبدو أن البرنامج قد ابتعد عن روح الشعبي الأصيلة وحوّلها إلى منافسة سطحية تُحكَم بمعايير لجنة تحكيم لا تعكس بالضرورة جوهر هذا التراث.
الشعبي: فن لا يحتاج إلى تحكيم الأغنية الشعبية المغربية ليست مجرد فن يُتنافس عليه، بل هي جزء من روح المجتمع وهويته الثقافية. الشعبي نشأ في الأزقة والحقول، في جلسات السمر والحفلات العائلية، حيث يكون الجمهور البسيط هو الحَكم الحقيقي. لا يحتاج الشعبي إلى لجان تُقيّمه أو قواعد تُقيّده، لأن طبيعته العفوية والبسيطة هي التي جعلته خالدًا في قلوب المغاربة.
جعل الشعبي مادة للتنافس على منصة تلفزيونية يفقده عفويته، وكأنه يُحاصر داخل أطر تتقمص صفة أكاديمية لا تمت لروحه بصلة. كيف يمكن للجنة تحكيم أن تُقيم فنا نشأ من الشعور الجمعي للمجتمع؟ هل يمكن للتراث أن يُختصر في نقاط وجولات؟ خصوصا وان الشعبي للاسف يعيش فوضى الملكية الفنية التي تسود الأغاني الشعبية حيث يتبارى المتسابقون على أداء أغاني تراثية وأخرى معاصرة مسروقة من واحد إلى الآخر دون أدنى احترام لحقوق المؤلف أو الملحن. تتكرر الألحان والكلمات في مشهد يعكس غياب الإبداع والابتكار، وكأن البرنامج يشرعن لهذه الفوضى هل نستطيع اليوم كمشاهد ان نعرف الفنان الحقيقي لاغنية ما ؟ من يدري؟ بدلًا من أن يكون البرنامج منصة لإحياء التراث وتقديم مواهب تحمل جديدًا، أصبح استعراضًا لمجموعة من الأصوات تُردد أغاني معروفة دون إضافة قيمة فنية حقيقية.
هذا الوضع لا يسيء فقط للأغنية الشعبية، بل يكرس نمطية تجعلها عرضة للاندثار بدل التطور. ماذا يحتاج الشعبي؟ الشعبي لا يحتاج إلى برامج تنافسية أو لجان تحكيم، بل يحتاج إلى فضاءات تحفظ عفويته وتمنح فرصة للأصوات الصادقة التي تعبر عن هموم الناس وأفراحهم دون تصنع.
المطلوب هو مبادرات تحترم أصالة هذا الفن وتعمل على توثيقه وحمايته من السرقة والتكرار، بدل تقديمه كمنتج استهلاكي فاقد للروح. برنامج “النجم الشعبي” قد يكون بنيّة حسنة، لكنه للأسف انعكاس لمقاربة سطحية للأغنية الشعبية المغربية. الشعبي لا يحتاج إلى منافسات، بل يحتاج إلى اهتمام حقيقي بجوهره وأصالته. لأن هذا الفن، في جوهره، هو صوت الناس الذي لا يُحكَم ولا يُقيَّد