المواطن 24/تغطية إدريس سحنون
تحت شعار ” الصحافة وتحديات الثورة الرقمية” نظمت النقابة الوطنية للإعلام والصحافة، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، يوم السبت27 فبراير 2021 ،بالمقر المركزي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل النسخة التكوينية الأولى من سلسلة التكاوين المستمرة لفائدة منخرطيها الصحافيات والصحافيين، أطرها ثلة من الأساتذة الأجلاء وهم الأستاذ مصطفى ياسين، الأستاذ الباحث في قطاع الإعلام والصحافة والدكتور رشيد عرايشي، الأستاذ الجامعي، المتخصص في التواصل السياسي والأستاذ لخضر نوالي، الصحافي والمراسل الدولي.
وفي كلمته الترحيبية المقتضبة، شكر الكاتب العام للنقابة الوطنية للإعلام والصحافة المؤطرين لتلبيتهم الدعوة وذكر بأهمية التكوين كرافعة أساسية في إغناء مكتسبات المنتمين للحقل الصحافي في الجوانب التقنية والأخلاقية والمهنية والنقابية وغيرها.
الجلسة التكوينية الأولى: الصحافة الوطنية بين الواقع والطموح.
تناول مصطفى ياسين، الصحافي والأستاذ الباحث في قطاع الإعلام في مطلع مداخلته بتسليط الضوء على مجال الصحافة الذي باتت تتجاذبه عدة قطاعات متنافرة ،جعلته يعيش فوضى عارمة على مختلف الواجهات.
وقدم المتحدث مسردا للمحطات التاريخية الدولية التي عرفها العمل الصحفي منذ أن اخترعت الصين الورق ومرورا باختراع الطباعة ووصولا إلى ظهور الأنترنيت والصحافة الإلكترونية كمنافس شرس للصحافة الورقية.
وتناول بالدرس والتحليل تاريخ الصحافة الوطنية قبل الحماية الفرنسية بالمغرب، حين كانت الأعمال الصحفية تنشر كدوريات وجرائد دون أن يؤطرها قانون ما، إلى أن صدر أول قانون للمستعمر الفرنسي بهدف تكميم الأفواه وتحرير خطاب واحد.
وذكر الأستاذ مصطفى ياسين بالرسالة الملكية بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، التي ربط فيها جلالته حرية الصحافة بالمسؤولية كركيزتين لمهنة الصحافة ومنبع شرفها.
ووقف المتحدث وقفة طويلة عند المجلس الوطني للصحافة وأشار إلى دواعي تأسيسه وعلى رأسها محاكمة مجموعة من الصحافيين، كما ذكر بأهداف قانونه كتطوير حرية الصحافة والنشر والعمل على الارتقاء بالقطاع، وتطوير حكامته الذاتية على أسس ديمقراطية… وعرج على هيكلته واختصاصاته ومهامه كالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومنح بطاقة الصحافة المهنية وممارسة دور الوساطة والتحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين والنظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس…
وقارب المتحدث ـ تاريخيا ومن عدة زوايا ـ الصحافة الإلكترونية التي ظهرت مع ظهور الأنترنيت وتطورت بشكل سريع مكنها في زمن قياسي من تجاوز الصحافة الورقية، عبر مواصفات جديدة وبين كيف تميزت الأولى على الثانية من حيث السهولة والسرعة في الحصول على المعلومة وتلقي الخبر وتبادل البيانات والتفاعل المباشر بين الكاتب والقارئ وقدرتها على عبور القارات…
ولم يفته أن يسجل ـ مع ذلك ـ الصعوبات الجمة التي تواجه الصحافة الإلكترونية كعدم وضوح الرؤية وقوانين الدولة وأجهزتها التي تحرص كل الحرص على تكبيلها وإلجامها وغياب عائداتها المالية ـ عكس الورقية ـ…
وختم المتحدث هذه الجلسة بدعوة الجهات المسؤولة إلى النهوض بهذا القطاع الإعلامي ، الحيوي وإعادة النظر في القوانين المسطرة في شأنه ضمانا لحريته واحتراما لحقوقه كعنصر مكمل للصحافة الورقية التقليدية، كما شدد على ضرورة حماية مصدر الخبر وضمان حق كل مواطن في الوصول إلى المعلومة ومراعاة حرية المعتقدات السياسية والدينية والفكرية للأشخاص. ونبه إلى أن هذه المكتسبات لا تعفي الصحافي من احترام أخلاقيات المهنة.
الجلسة التكوينية الثانية: الصحافة السياسية في عهد الرقمنة
افتتح الدكتور رشيد عرايشي الجلسة الثانية بمقاربة الرقمنة المستوردة من الغرب وقارن بين مدرستين إعلاميتين، المدرسة الليبرالية التي يوجه فيها الإعلامي الرأي العام باعتباره المؤثر الأساسي والمدرسة الثانية التي يغدو فيها الإعلام وسيلة في يد السياسي، يوجه بها الرأي العام ويجعل دوره مزدوجا، أي سياسي وإعلامي معا.
وفي معرض حديثه عن تاريخ التواصل الرقمي في العالم كمولود جديد، ظهر في أواخر التسعينات، ركز على تمجيد الغرب للرقمي وعلى عقلية الاستهلاك دون الإنتاج وعلى أهداف الصحافة الرقمية المعلن عنها والمضمرة وتساءل عن مهمة الصحافي في ظل الرقمي ووسائل عمله بما فيها البسيطة كالهاتف الجوال وزمن عمله المرتبط بعصر السرعة وكل ما من شأنه أن يجعل الكتابة الصحفية ملائمة لمتطلبات القارئ كمستهلك لا منتج…
وأجاب المتحدث عن سؤال القديم والجديد في حقل الإعلام وعن موت الإعلام القديم في عهد الرقمنة وتحدث عن التكنولوجيا الجديدة للمعلومة والدينامية الرقمية وتعدد الوسائل والتناص والتفاعلية والتشاركية والمواطنة والسياسة والتسويق في الإعلام الجديد.
وقارن بين الصحافة السياسية عند الغرب والصحافة السياسية عند العرب مبينا العلاقة بين الإعلامي والسياسي والتي أصبحت مرهونة بالمصلحة الفردية والمعلومة البعيدة عن الجانب التحليلي والمغرقة في الحكي والمقذوفة على الفور، بعيدا عن التفكير والإبداع.
وحرص المتحدث طيلة هذه الجلسة على مد الحاضرين بمجموعة من الأبحاث والمراجع في موضوع الصحافة السياسية والرقمنة في أوربا والدول الأنجلوسكسونية على الخصوص.
الجلسة التكوينية الثالثة: منظومة الصحافي الشامل.
افتتح الأستاذ لخضر نوالي جلسته بالتنويه بكل العناصر المكونة للإعلام المتواجدة في أحضان مركز الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، النقابة العتيدة، الفاعلة في التاريخ والتي لم يثبت في حقها أن خاصمت إعلاميا أو صحافيا. وخص بالذكر الكاتب الوطني للنقابة المغربية للإعلام والصحافة، السيد عبد الهادي الناجي كرجل يفكر بغيره أكثر مما يفكر بنفسه…
ومهد لموضوعه بالحديث عن النسبية في الأفكار وقابليتها للتطور وربطها بمهنة الإعلامي التي لم تكن يوما ما معزولة في التاريخ عن الإنسان وعن المهن الأخرى، فهي مهنة تتداخل فيها كل التخصصات. فالصحافي الشامل بهذا المعنى ليس خريج معهد أوجامعة متخصصة بل هو إنسان متخرج من مسالك كثيرة، يمتزج فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والألعاب والرسوم المتحركة…
ولذلك فإن الدول المحترمة في سلم الديموقراطية لم تشرع قانونا للصحافة ايمانا منها أن الصحافة ليست كباقي المهن، فهي مهنة كل الناس وهي مهنة تتطور بتطور المجتمع عبر التاريخ.
وضرب مثلا بكندا الدولة القوية اقتصاديا والمتسامحة مع مختلف الشعوب والمهاجرين التي لم تشرع قانون الصحافة لأنها تدرك أن مهنة الصحافة لا تختلف عن المهن الأخرى وأنه بإمكان أي شخص أن يمارسها.
وقارب الأستاذ نوالي مفهوم الصحافي الشامل من عدة زوايا كمفهوم جديد، يجعل من الصحافي إنسانا غير متخصص بل محايدا، جاهزا لجميع الوضعيات، قابلا للعب كل الأدوار بما فيها دور الميكانيكي والمصور والبث والتشويق، يهوى الإعلام ولا يحترفه، يعمل بميوله لا بممارسة الضغوط عليه، يتفاعل نفسيا وذاتيا مع ما يكتب ومع قارئه، فالصحافي الشامل شخصية مميزة تكون دائما في “وضعية قتال” في مهنة المتاعب.
وعرفت الجلسات نقاشات مستفيضة ركزت على ما يلي:
ـ التكوين المستمر، برنامجه والشواهد التقديرية والدبلومات والجهات المنظمة.
ـ إشكالية النسخ الحرفي مضمونا وشكلا من جريدة إلكترونية إلى أخرى.
ـ الحق في المعلومة والسبق والتأكد من صحتها وتوجيهها إيجابا وسلبا.
ـ العشوائية في مهنة الإعلام والصحافة.
ـ بطاقة الصحافة.
وختم هذا اليوم التكويني بتوزيع شواهد المشاركة على جميع الحاضرين المنتسبين للكونفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة المغربية للإعلام والصحافة معا.