عبد الفتاح تخيم
(.. رْدُّوا لي دراهمي..)
هي الجملة التي ما زال صداها يتردّد داخل المكتب الرئاسي بقصر المرادية بالجزائر مباشرة بعد إغلاق الهاتف الحامل لخبر زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس لوزير الدفاع الإسرائيلي قبل يومين بتل أبيب..
هو حالة الرئيس تبّون هذه الأيام الذي لايستيقظ الا على كوابيس أخبار أومواقف وأحداث تعمّق أكثر عزلة هذا النظام التوسّعي من جهة.. وتهدّم ما تبقّى من مشروعه الوهمي من جهة ثانية..
ويكفي العودة إلى الوراء وبأسابيع قليلة لاسترجاع بعض من هذه الكوابيس المزعجة لنظام العصابة هناك لكي نفهم هذا السعار والنباح الذي ارتفع منسوبه بشكل غير مسبوق مثال مانشر أخيرا بوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية من اتهام المغرب وراء التقرير الأسود للبنك العالمي حول مستقبل الجزائر.. وضمن ما وصفنا به وبكل وقاحة ديبلوماسية القول بأننا مملكة الشر والبؤس..
هم يعرفون جيّداً أن لا علاقة لنا بالموضوع.. وأن المؤسسة البنكية العالمية تشتغل بمعايير علمية واحترافية وتحت أعين خبراء يتدوالون في معطيات وأرقام بأساليب علمية وخلاصات ذات توقعات حقيقية بعيدة عن الأدلجة وغيرها من الشعارات الثورية
العصابة تعرف كل هذا وأكثر.. و إقحام المغرب في هكذا موضوع هو فقط للتنفيس على انتكاسات دبلوماسية متتالية بشكل سريع أخطرها هي زيارة عباس لوزير الدفاع الإسرائيلي دون غيره.. وهي رسالة واضحة ومباشرة للعصابة التي أرادت الإجابة عن زيارة نفس الوزير الإسرائيلي للمغرب.. بدعوة عباس لزيارة الجزائر وحكاية المئة مليون دولار هي برقية صغيرة من عباس إلى تبون بصيغة ( الله اخلف عليكم.. وخلينا نصعوا التاريخ مع إسرائيل) كما قال حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، وزير الشؤون المدنية الفلسطينية،الذي أكد على أنّ السلطة الفلسطينية تبحث عن “صناعة التاريخ” مع إسرائيل.
هي الزيارة التي تجعل من تصريح صالح قوجيل رئيس مجلس الأمة الجزائرية حول المغرب كلام في مهب الريح..
وتجعل من الهيجان الكروي ورفع الإعلام الفلسطينية في مقابلة مع المغرب وإهداء كأس العرب لهم بمثابة مشهد من الكاميرا الخفية لا غير..
طبيعي أن يرتفع منسوب العداء وهم على بينة من موقف أمريكا التي اعتبرت الجزائر طرفا أساسيا في النزاع الإقليمي حول الصحراء وكما جاء في القرار الأممى الخير..
بل أكثر ما جعل النباح يرتفع منسوب هي شهادة أحد القياديين بجبهة البوليزاريو من الصف الأول بعدم وجود اية دولة صحراوية.. بل مجموعة لاجئين عند جنيرالات الجزائر..
قبل كل هذه الانتكاسات التي بدأت مع عودة العلاقات بمبادرة من ألمانيا حليف الجزائر إلى حدود البارحة.. إلى جانب فشل كل التوقعات التي راهنت عليها العصابة في الزيارة إلى تونس.. وآخرها اللقاء مع موريتانيا..ووسط كل هذه الأحداث تخرج خريطة الوطن العربي بمغرب ممتد حتى آخر نقطة بالگرگرات.. عززها البيان الختامي للتعاون الخليجي الذي أعتبر أمن واستقرار المغرب جزء من أمنها القومي
هي انتكاسات هناك.. وانتصارات هنا بمملكة الخير والبركة التي أنهت سنتها هاته بنسبة نمو 7،3 حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط..
لذلك أتفهّم صراخ الرئيس تبّون وهو يردّد- وإلى الآن – كأي تاجر ذهب ضحية طمعه وخبثه :
( ردوا لي دراهمي…)
بحس السخرية.. لكن بطعم جنائزي/ لنظام جزائري يحتضر وفق معطيات جاء بها تقرير البنك العالمي..
هي نهاية حتمية لأنظمة العصابات كما دونتها صحف التاريخ.