المواطن24
قال الصحافي اللبناني علي حمادة إن رسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نقلت إسبانيا إلى موقف المؤيد للمغرب. وأوضح حمادة، في مقال نشرته جريدة “النهار” تحت عنوان “إسبانيا تختار المغرب”، أن رسالة سانشيز لجلالة الملك “فتحت مرحلة جديدة بين البلدين الجارين، لاسيما أنها تضمنت انتقال إسبانيا، للمرة الأولى منذ بداية الأزمة، من موقف الطرف المحايد إلى موقف الطرف المؤيد للطروحات المغربية، التي تعتبر الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي”، الحقيقة التي كانت “قد تكرست منذ سنة 1975 بتنظيم المسيرة الخضراء تحت قيادة” جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني.
وأضاف “صحيح أن الأزمة غدتها مواقف الجزائر التي حملت لواء “جبهة بوليساريو” وقامت بتسليح التنظيم العسكري للقيام بعمليات عسكرية استنزافية ضد المغرب في الصحراء. لكن الصحيح أيضا أن مواقف الدول الأوروبية التي ظلت تلعب على الغموض والرمادية والتأرجح بين الأطراف، أدت إلى إطالة أمد أزمة ما كان يفترض أن تستمر إلى يومنا هذا، لا سيما أنها في عمقها لم تكن سوى انعكاس لحال العلاقات المتردية بين المغرب والجزائر”.
بمعنى آخر – يوضح الصحافي اللبناني- شكلت “أزمة الصحراء” وجها آخر لتحد جزائري لحقوق المغرب التاريخية على الصحراء المغربية في إطار لعبة جيوسياسية، استخدمت فيها “جبهة البوليساريو” التي أسستها الجزائر ونمتها، وسلحتها في المناطق الحدودية قرب تندوف، على مدى عقود من الزمن، لتحاول من خلالها شن حرب استنزاف ضد المغرب لم تتوقف يوما”.
واعتبر أن ذلك حدث في “الوقت الذي كان يمكن للعلاقات بين المغرب والجزائر أن تكون نموذجا في الشمال الإفريقي، لا بل في إفريقيا كلها، فهل أن العلاقات المتردية بين البلدين، منذ عقود طويلة، أكثر تعقيدا من العلاقات بين فرنسا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وقد استطاع الجاران الكبيران أن يتخطيا إرث حربين عالميتين ليتحولا إلى حليفين يمثلان قلب أوروبا الحديثة”.
وشدد على أن رسالة رئيس الحكومة الإسبانية “تنطوي على أهمية كبيرة. لا بل إن بعضهم يعتبر إنها تاريخية لما لإسبانيا من أهمية معنوية في ما يتعلق بموضوع الصحراء، فإسبانيا القوة المستعمرة السابقة التي تعترف اليوم وبعد عقود من المواقف الرمادية والغامضة أن الصحراء مغربية”.
وأكد أنه بناء على ذلك فإن “موقف إسبانيا يصب حتما في صالح المبادرة المغربية لعام 2007 التي تدعو للحكم الذاتي في الصحراء، كما أنه يصب في صالح تسوية سلمية تكرس من الناحية العملية مغربية الصحراء، ووحدة التراب المغربي، وعودة الأرض إلى أصحابها”.
ويرى كاتب المقال أن الموقف الإسباني الجديد “مؤثر جدا في الموقف الأوروبي بشكل عام، لأنه يصدر عن القوة الاستعمارية السابقة التي لا تزال حتى اليوم على صلة وثيقة بالموضوع، خصوصا أنها دولة جارة للمغرب”.
وذكر بأن إسبانيا تتشارك مع المغرب في العديد من الملفات الاستراتيجية، مثل العلاقات الاقتصادية، إذ أنها الشريك التجاري الأول للمملكة، وفي ملف الهجرة السرية القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء، عبر البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي”.
على مستوى آخر – يضيف حمادة- فإن رسالة سانشيز تمثل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية، وإعلانا من مدريد بأن العلاقة مع الجارة الأقرب لها جنوبا حيوية، وهي في الأولوية”.
وتوقع بأن تشهد العلاقات بين البلدين تحسنا كبيرا، “في ظرف من أصعب الظروف الدولية، حيث لا يقتصر الأمر على الموقف من الصحراء المغربية، بل إن الحرب على أوكرانيا وتداعياتها تفرض نفسها على أجندة العالم أجمع، نظرا لما تحمله من أخطار جيوسياسية، واقتصادية على جانب كبير من الخطورة تتعدى الإطار الروسي -الأوكراني”.
وخلص إلى أن إسبانيا “قررت إصلاح العلاقات مع جارتها الأقرب، ويبدو أن الموقف الجزائري المندد بالرسالة والمواقف التي تضمنتها، لن يحدث تغييرا، حتى على صعيد معادلة إمدادات الغاز الطبيعي لإسبانيا”.