ج.محمد
هناك حدثان اقتصاديان وتنمويان شهدهما المغرب خلال هذا الأسبوع يحملان دلالات جد هامة ينبغي التوقف عندها. الحدث الأول هو فتح مكتب تمثيلي للمغرب في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المعروفة اختصارا بـ”OCDE”. والحدث الثاني هو قرار مجموعة العمل المالي الدولي (GAFI) خروج المغرب من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هذان الإنجازان ليسا مجرد قرارات شكلية أو دبلوماسية، بل هما يعكسان المستوى الذي بلغه المغرب فيما يتعلق بالوفاء بالتزاماته الدولية من جهة وكذلك فيما يخص تحديث بنياته الاقتصادية والتشريعية والجاهزية لاستقبال المزيد من المشاريع والاستثمارات وتعميق الشراكة مع مختلف الهيئات المالية والاقتصادية العالمية.
فيما يخص افتتاح مقر للمغرب في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فهذه الخطوة تعد تطورا مهما في تاريخ علاقة المغرب بهذه الهيئة الدولية التي تضم في صفوفها 38 عضوا من الدول المتقدمة والصاعدة التي تتمتع بمستوى عالٍ من معدّلات التنمية والنمو الاقتصادي. دول كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا وغيرها من بلدان الشمال الغنية. افتتاح مكتب خاص بالمغرب لا يعني أنه حصل على العضوية، لكنه سيدخل ضمن قائمة ضيقة من البلدان غير الأعضاء الذين يتمتعون بهذا الامتياز داخل هذه المنظمة العريقة. كما أن هذا المكتب يمثل خطوة أولى في طريق طلب العضوية في المستقبل.
لكن الأهم مما هو مقرّر في المستقبل هو تلك المهام التي سينكب عليها هذا المكتب، وعلى رأسها إنجاز تقارير ودراسات محينّة عن الوضعية الاقتصادية بالمغرب وعن آفاق التنمية والنمو وكذلك عن سير الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تحديث كل المنظومات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي. والذي يزيد من أهمية هذا المكتب المغربي داخل المنظمة هو أن هذه التقارير سيتم إعدادها بالمعايير ذاتها التي يتم من خلالها دراسة وضعية البلدان الأعضاء. ماذا يعني ذلك؟ هذا يؤكد أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في اتجاه تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والبنيوية والتشريعية اللازمة من أجل بناء اقتصاد حديث، قوي ومؤهل لاستقطاب الاستثمارات الكبرى. وهذا التطوير لعلاقة المغرب بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يعني أيضا أن المغرب سيقترب أكثر فأكثر من الممارسات والشروط والمعايير الموضوعة في هذه البلدان الغنية على مستوى مطالب التأهيل والإصلاح.
بعد هذا القرار غير المسبوق، تُقرر مجموعة العمل المالي الدولية (GAFI) خروج المغرب من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بناء على توصيات خبراء مجموعة العمل المالي وتأسيسا على زيارتهم الميدانية للمغرب في يناير 2023. هذا القرار يعني ببساطة خروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بــ”اللائحة الرمادية”، بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منذ اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021، وذلك خلال أشغال الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي المنعقد في باريس بفرنسا، من 20 إلى 24 فبراير 2023.