[success]المواطن24-رضوان فتاح[/success]
بقلم: عبد الهادي
مزراري ملأ خبر طرد السلطات الجزائرية مواطنين مغاربة من مزارع العرجة مساحات كبيرة في وسائل الإعلامية الإقليمية والدولية.
وبدا الأمر ، من خلال الصيغة التي تم تنفيذ القرار الجزائري بها، بمثابة نصر كبير حققه النظام الحاكم في الجزائر ضد خصمه اللذوذ المفرب.
زاوية معالجة الحدث تعطي الانطباع خاصة في الجزائر بأن النظام الحاكم يتمتع بقوة لاختيار المكان والزمان المناسبين لتوجيه ما يريد من ضربات إلى المغرب. هو أي النظام الجزائري في أمس الحاجة للعب هذه المسرحية خاصة في الزمن الذي يواجه فيه مظاهرات شعبية صاخبة تطالب برحيله.
قبل التطرق إلى طببعة القرار الجزائري وخلفيات وآثاره، لا بد من توضيح مسألة للرأي العام المغربي الذي تأسف لهذا التصرف غير الإنساني، وذكره بقرار طرد المغاربة من الجزائر عام 1976 بشكل همجي خال من أي مروؤة، ومناف لأي أعراف أو قوانين. تعود مزارع العرجة إلى ملكية عائلات مغربية وهذا أمر موثق في عقود مدنية يرجع تاربخها إلى ما قبل تأسيس الدولة الجزائرية.
لكن المشكلة وقعت عندما انسحب الاحتلال الفرنسي من الجزائر، وتأسس ما يسمى بالجمهورية الجزائرية، وبدأت عملية ترسيم الحدود مع المغرب. طبعا ليست كل الاراضي على الحدود في الملك العام للدولة، بل هناك أراضي تابعة للملك الخاص للمواطنين. وطبقا لهذه الحالة جرت عملية ترسبم الحدود السياسية بالاعتماد على التضاريس الطبيعية فاقتطعت أراضي في الملك الخاص لمواطنين وتم إلحقتها إداريا وسياسيا بحدود الدولة الجارة. فأصبح مواطنون من الدولتين يملكون قطعا أرضية في حدود الدولة المجاورة.
لم يسبق ان أثار النظام الجزائري أي مشكل بخصوص هذا الوضع، ولكن وجد نفسه في الظروف التي يمر منها أحوج ما يكون لاصطياد “نصر” حتى ولو كان تحرشا بنملة مغربية تعبر الحدود الجزائرية، فلجأ إلى اللعب على هذه الورقة.
إن القرار الجزائري أتى من أجل ثلاثة أهداف رئيسية وهي: الهدف الأول، محاولة الرد على الانتكاسات، التي تتعرض لها الديبلوماسية الجزائرية في قضية الصحراء المغربية على الصعيد الإفريقي والأممي والأوروبي. لا يجب ان ننسى أن النظام الجزائري لا يستفيق من صفعة في قضية الصحراء المغربية حتى يتلقى أخرى، وبالنسبة إليه تطول قائمة الانتكاسات منذ قرار عشرات الدول بفتح قنصلياتها في العيون والداخلة من إفريقا والشرق الاوسط وصولا إلى أكبر دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية. أضف إلى ذلك فقدان الأمل في تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن قرار سابقتها في الاعتراف بمغربية الصحراء.
كما تم حشر الجزائر وحلفاءها في الاتحاد الإفريقي في مربع ضيق، وتم غلق الباب في وجه البوليساريو حتى للحلم بمقعد في الكاف، وزاد حصول المغرب على مقعد في الفيفا غصة في قلب النظام الجزائري إن كان له من قلب. وتوالت الضربات من الامم المتحدة برفض تعيين مبعوث للصحراء في الوقت الراهن. وأصدرت إعلانا ببطلان ادعاءات البوليساريو والجزائر بالحرب الكاذبة التي خاضتها عصابة الربوني وعصابة المرادية في مخيلتهما.
الهدف الثاني: تسويق هذا القرار للاستهلاك في الإعلام الداخلي من أجل التظاهر بالسيادة والجرأة ضد المغرب الذي أصبح في عيون الشعب الجزائري مقياسا للنموذج الناجح في التنمية والديموقراطية مقابل النظام الجزائري القابض على السلطة بقفازة جبهة التحرير الوطني منذ اكثر من 60 عاما ولم يورث البلاد إلا الخراب والدمار. فالنظام الحاكم في الجزائر يرى في المغرب خطرا على وجوده بسبب اقتناع الشعب الجزائري بأن المغرب ليس عدوا كما سوقت دعاية النظام لذلك على مر عقود، وأن العدو الكبير للشعب الجزائري هو العصابة الحاكمة المتكونة من جنرالات الجيش وااسياسيين الفاسدين المتواطئين معهم.
لذلك سوق النظام الجزائري لمكره وتفاهته بطرد مزارعين من اراضي- تعود لملكيتهم حتى قبل تأسيسه – بأنه قرار سيادي لحماية الجزائر من تسلل الإرهابيين وعبور المخدرات.
الهدف الثالث، هو محاولة النظام الجزائري استفزاز المغرب وجره لمنطقة التصادم، الذي يبحث عنه بأي ثمن من أجل خلق أزمة خارجية يقطع بواسطتها الطريق على الحراك الشعبي الذي يطالب بتنحية العسكر وإسقاط النظام وبناء دولة مدنية.
ثمة تقارير أمنية تتحدث عن محاولات جنرالات الجزائر التحرش بالمغرب وجره إلى الحرب، خاصة أن النظام الجزائري يرى أنه لا يملك شيئا يخسره فهو دمر بلاده وتسبب في إفقار الشعب رغم ما كان للثروات النفطية والمعدنية من عائدات على خزينة الدولة لعقود طويلة.
عمل النظام العسكري الجزائري منذ تحرير معبر الكركرات على استفزاز المغربر فقام بتجييش عصابة البوليساريو في حرب افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه خسر المعركة التي لم تنطلق.
عاد جنرالات الجزائر لاستعراض العضلات على الحدود الشرقية للمغرب في مناورات بالدخيرة الحية، لكن ذلك لم يحرك طرف شفة للمغرب، الذي أجرى بعد ذلك مناورة عسكرية مشتركة مع قوات الولايات المتحدة وصلت أصداؤها إلى مدريد وباريس وموسكو. في النهاية لم يأت التصرف الجزائري بطرد مغاربة من مزارع العرجة بما فيه من رعونة وجهل بالقوانين الدولية، إلا بانتكاسة أخرى لهذا النظام البائد الخالي من كل عناصر الحياة الديموقراطية والسياسبة والاجتماعية والتنموية.
من جهة أخرى، أعطى هذا التصرف الهمجي للنظام الجزائري الحق للفلاحين المغاربة في مقاضاته دوليا، كما ترك الباب مفتوحا للمغرب بالعودة إلى المطالبة بترسبم الحدود بناء على وثائق حكومية ومدنية التي تعرف تاريخيا بحقوق المغرب في الصحراء الشرقية.