عبد الفتاح تخيم
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
السيدة ممثلة مجلس أوربا؛
السيدات والسادة المسؤولون القضائيون؛
السيدات والسادة الخبراء المشاركين في هذا البرنامج؛
الحضور الكريم؛
إنه لمن دواعي سروري أن أحضر معكم اليوم هذه الجلسة الافتتاحية لإطلاق أشغال الدورة التكوينية لفائدة الفوج الثالث من المسؤولين القضائيين تنفيذا لبرنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان في مرحلته الثانية، علما أنه تم تنظيم دورة تكوينية لفائدة فوج أول بمدينة مراكش خلال أيام 13 و14 و15 دجنبر من السنة الماضية استفاد منها 54 مسؤولا قضائيا عن الدوائر الاستئنافية مراكش، ورززات، اكادير، العيون، كلميم وآسفي، ودورة ثانية بمدينة طنجة استفاد منها 51 مسؤولا قضائيا عن الدوائر الاستئنافية الرباط ، طنجة ، القنيطرة ، الحسيمة وتطوان.
أما دورة اليوم، التي ننظمها في العاصمة الروحية للمملكة مدينة فاس، والتي ستمتد لثلاثة أيام بحول الله، فيشارك فيها 52 مسؤولا قضائيا عن الدوائر الاستئنافية فاس ، مكناس ، وجدة ، تازة ، الراشيدية والناضور. وسيتم تنظيم دورة أخيرة لفائدة باقي زملائكم من المسؤولين القضائيين سيتم تحديد موعدها في وقت قريب.
وأنا أقتسم معكم اليوم شرف إطلاق هذه الدورة من هذا البرنامج النوعي، أود التأكيد مرة أخرى أن اعتماد هذا البرنامج يأتي انسجاما مع ما تفرضه مواكبة انضمام المملكة المغربية المضطرد إلى المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، مما يستلزم انخراط مختلف الفاعلين والمؤسسات الوطنية في الوفاء بالتزامات المملكة بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها.
وفي هذا الصدد يمكن القول إن للقضاء دور أساسي وحاسم في حماية الحقوق والحريات من منظور تلك الاتفاقيات وإعمال المعايير الدولية المنبثقة عنها طبقا لأحكام الدستور الذي أولى مكانة متميزة لحقوق الإنسان وعزز ضمانات حمايتها والنهوض بها.
وكما جاء في كلمتنا بمناسبة إطلاق المرحلة الثانية من هذا البرنامج يوم الجمعة 10 دجنبر من السنة الماضية بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 73 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يجدر التذكير أن المرحلة الأولى منه قد استفاد منها إلى حدود اليوم، سبعة أفواج يتكونون أساسا من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة وعددهم 719 قاضية وقاض، إضافة إلى 123 مستفيدا من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فضلا عن 108 مستفيدة ومستفيدا يمثلون مؤسسات وطنية أخرى من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون.
وينبغي التذكير، كذلك، أن مكونات هذا البرنامج في مرحلته الأولى، والتي ستكون موضوع حلقات اليوم الأول من هذه الدورة بالنسبة إليكم، قد ركزت على التعريف بالإطار الدولي لحماية حقوق الإنسان ولا سيما الشرعة الدولية وغيرها من الاتفاقيات الأساسية، والهيئات المكلفة بتتبع تنفيذ مقتضيات تلك الاتفاقيات، وعلى التذكير ببعض الأنظمة الإقليمية لحماية حقوق الإنسان وكذا الإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني المعني بحماية حقوق الإنسان، علما أنه تم نشر أشغالها في كتاب نضعه رهن إشارتكم اليوم آملين أن يشكل مرجعا لكم في المجال.
بينما ستركز حلقات الدورة التي نطلق أشغالها اليوم، التي تندرج ضمن مكونات المرحلة الثانية، على تعميق المعرفة في العديد من المواضيع التي ترتبط بالضمانات الأساسية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية المنبثقة عن اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها بلادنا.
ولذلك سيتم التركيز على ربط دراسة المواضيع المختارة بممارسة قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم بتناول بعض الحقوق والتطرق لمفهومها ونطاقها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ونخص بالذكر المعايير الدولية بشأن الحق في محاكمة عادلة، والمعايير الدولية بشأن الحماية من التعذيب وسوء المعاملة، فضلا عن المعايير الدولية ذات الصلة بإجراء الخبرة الطبية في مجال التعذيب، والحق في الأمان الشخصي وفي الحماية من الاعتقال التعسفي وضمان حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية، وكذا المعايير الدولية ذات الصلة باستعمال القوة من طرف الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون، مع عرض الاجتهاد القضائي في المجال وكذا الشبه القضائي لهيئات الأمم المتحدة المعنية.
وسيرا على النهج الذي اعتمدناه في المرحلة الأولى حيث حرصنا على إشراك ثلة من الخبراء المغاربة والأجانب في تأطير دورات هذا البرنامج، وكما تلاحظون في البرنامج الذي هو بين أيديكم، فإن مجريات هذه الدورة سيتم تأطيرها أيضا من طرف عدد من الخبراء الوطنيين والدوليين لديهم تجربة ومعرفة عميقة بالمواضيع التي كلفوا بها.
وإذا كنا جميعا، كقضاة النيابة العامة وقضاة الحكم، مدعوون إلى الانخراط في تنفيذ التزامات المملكة المغربية بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها وإعمال المعايير الدولية ذات الصلة، فإن المسؤولين القضائيين لهم دور أهم في هذا الصدد من حيث تحملهم مسؤولية الإشراف على عمل زملائهم القضاة الذين يعملون تحت مسؤوليتهم، ولذلك نأمل أن تكون الاستفادة من مجريات هذه الدورة في أعلى مستوى ممكن.
وفي ختام هذه الكلمة، أود أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان والتحية والتقدير للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على دعمه لهذا البرنامج، وكذا دعمه المتواصل لمختلف المبادرات التي تقوم بها رئاسة النيابة العالمة والتي تهدف إلى تكوين السادة القضاة والمسؤولين القضائيين في مختلف مجالات مهامهم، وبعبارات التحية والتقدير لجميع السيدات والسادة المسؤولين القضائيين، وبالشكر الجزيل لكل لمن ساهم في إعداد هذا البرنامج وتنفيذه من مسؤولي وأطر رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية آملا أن يحقق الأهداف المرجوة منه وأن يساهم في تقوية دور القضاء في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها في بلادنا.
كما أتقدم كذلك بالشكر والامتنان للاتحاد الأوربي ومجلس أوربا على دعمهما لهذا البرنامج، سائلا الله القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس ادام الله تعالى نصره وعزه وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بسمو الأمير مولاي الرشيد وكافة أسرته الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.