محمد شنوري
تواصل الجزائر تحدي الواقع الميداني الذي يثبته الخبراء، بإعطاء تطمينات معسولة إلى إسبانيا حول توريد الكمية المعتادة من الغاز حتى بعد إلغاء الأنبوب المغربي الذي يمر عبره أكبر كمية من الغاز الجزائري نحو إسبانيا، والذي لا يمكن تعويضه إلا بتكلفة باهضة الثمن.
وفي هذا السياق، قالت النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية، تيريزا ريبيرا، التي قامت برحلة خاطفة إلى الجزائر أمس الأربعاء لضمان إمدادات الغاز بشكل آمن، بعد إلغاء الأنبوب المغربي، (قالت) إنها تلقت نفس التطمينات التي عاد بها وزير الخارجية الإسبانية خوسيه مانويل ألباريس في رحلته السابقة إلى الجزائر حول نفس الموضوع.
وأكدت تيريزا ريبيرا، في ظهور مشترك مع وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، على أن “الضمان الإجمالي لتوريد الغاز قد تم توضيحه فيما يتعلق بالأحجام المتفق عليها اليوم” ، مضيفة أنه “تم أيضًا تناول طريقة تلبية طلب أكبر محتمل من إسبانيا”، وفق ما نقلته صحيفة “لافانغوارديا“.
ونبهت الصحيفة نفسها إلى أن خرجة المسؤولة الإسبانية البارزة، تجاهلت السبب الذي دفعها إلى هذه الزيارة العاجلة إلى الجزائر، رغم أنه جميع التحليلات والمؤشرات تؤكد على أن ذلك بسبب إمدادات الغاز، إذ لم يتبق سوى أربعة أيام على قطع الإمدادات عبر خط أنابيب الغاز المغاربي، الذي كان يمد إسبانيا بالغاز عبر المغرب.
وأشار المصدر نفسه، إلى أن هذا القرار يتطلب أن يمر كل الطلب الإسباني على الغاز الجزائري في شبه الجزيرة عبر خط أنابيب الغاز ميدغاز، الذي يربط الجزائر بألميريا، لكن طاقته الإجمالية البالغة 8000 مليار متر مكعب لن تكون كافية.
وأوضحت نائبة سانشيز، في تصريحها الصحفي، كيفية القيام بنقل هذا الغاز عبر خط أنابيب غاز ميدغاز، بالنظر إلى أن العلاقة التعاقدية مع خط أنابيب الغاز المغربي تنتهي في 31 أكتوبر، وكيفية تكميله بالغاز الطبيعي المسال، وفق جدول زمني يقومان به.
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن تأثير هذا القرار على الاقتصاد الإسباني ملحوظ، حيث أن جزءًا كبيرًا من حجم الغاز الذي وصل حتى الآن عبر خط أنابيب الغاز، وهو الأرخص وفقًا للخبراء، سيتعين الآن نقله عبر السفن، في لحظة التوتر الجيوسياسي بين المغرب والجزائر والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن.
من جهة أخرى حذر رودريغو ياجوي، الأستاذ في مدرسة OBS Business، من “مخاطر نقص الغاز الطبيعي بالنسبة للعائلات منخفضة حقًا، لأن الاضطرار إلى نقل الغاز الطبيعي عن طريق البحر سيترتب عليه تكلفة إضافية ستؤدي حتماً إلى تصعيد في السعر الذي سينتهي به المستهلكون إلى دفعه”، حيث سيتم توفير 25 بالمائة من الغاز عبر خط أنابيب Medgaz، و 75 بالمائة الأخرى عبر السفن على شكل غاز مسال”.
جدير بالذكر أن هذه التطمينات التي تلقتها إسبانيا أمس الأربعاء، هي نفسها التي سبق للجزائر أن أعربت عنها هذا قبل أسابيع قليلة لوزير الخارجية خوسيه مانويل ألبارس، الذي زار الجزائر برفقة مديري شركات الغاز الإسبانية الرئيسية، والذي تجاهل تطمينات الجزائر وطار بعد أيام إلى قطر لتأمين كميات غاز أخرى لسد أي خصاص محتمل لأسبانيا من الغاز الجزائري بعد إغلاق الأنبوب المغربي.