[success]المواطن24-متابعة[/success]
في ظل ما حققته الدبلوماسية المغربية من مكاسب ونجاحات خاصة منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، سطع نجم وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج “ناصر بوريطة”، الذي دبر المرحلة بما يلزم من حرفية ويقظة وحكمة ودهاء، سواء في مواجهة الخرجات الفاقدة للبوصلة لأعداء السوء، أو في تدبير الأزمة غير المسبوقة بين الرباط ومدريد بسبب الأزمة البطوشية الكبرى وتداعياتها، فالرجل لا يتكلم كثيرا، لكن إذا تكلم كانت ضرباته موجعة للخصوم، ولا يظهر كثيرا، لكن إذا ظهر، أربك المتربصين والحاقدين والعابثين، وحينما يغيب أو يصمت، يحل محله “المقـص” الذي شكل ويشكل كابوسا مزعجا لأعداء وخصوم الوحدة الترابية، مقص بات القوة الصامتة الضاربة للدبلوماسية المغربية المتبصرة، بعدما نجح صاحبه، في قص أشرطة القنصليات التي فتحت بمدينتي العيون والداخلة من قبل عدد من البلدان الشقيقة والصديقة، والمقص كصاحبه، لايعرفان التعب ولا الملل، وهما في أتم الجاهزية والاستعداد في كل لحظة وحين لافتتاح المزيـد من القنصليات بالصحراء المغربية، في ظل جاذبية دبلوماسية القنصليات التي لازالت تفتح شهية الأشقاء والأصدقاء، رغم كيد الكائدين وحسد الحاسدين، وآخر الملتحقين بالركب الدبلوماسي والقنصلي، كانت جمهورية سيراليون التي فتحت يوم الاثنين 30 غشت 2021 قنصلية عامة لها بمدينة الداخلة المغربية.
مقابل ذلك، فقد برز لسان عمر هلال السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية بالأمم المتحدة، الذي وقف الند للند أمام ادعاءات ومزاعم الدبلوماسية الجزائرية، بعدما سدد لها ضربتين موجعتين بكل جرأة وواقعية واحترافية، الضربة الأولى كانت خلال شهر يوليوز الماضي، لما انتقد في مؤتمر لحركة عدم الانحياز، تصريحات وزير الخارجية الجزائري حول الصحراء المغربية، مؤكدا أن تصريحات رمطان العمامرة الذي “يقف كمدافع قوي عن حق تقرير المصير، ينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل، أحد أقدم الشعوب في إفريقيا، والذي يعاني من أطول احتلال أجنبي”، مضيفا في ذات السياق أن “تقرير المصير ليس مبدأ مزاجيا. ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير”.، وهذه الكلمة المحرجة، نزلت كقطعة ثلج باردة على دعاة الوهم والانفصال، الذين لم يجدوا من رد مناسب، سوى البكاء والمراوغة والهروب إلى الأمام ورفع شعار المظلومية والاتهام والتنديد، بل والمطالبة بالرد والتوضيح، لكن المغرب فضل الجواب بلغة الصمت القاتل.
والضربة الثانية التي أتت على لسان هلال، جاءت بمناسبة أشغال الندوة الإقليمية للجنة الـ24 لمنطقة الكاريبي، المنعقدة بدومينيكا، خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 27 غشت الجاري، بعدما رد السفير المغربي، على التصريح غير الموفق وغير اللبق والمليء بالأكاذيب للممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، سفيان ميموني، رد بالتأكيد وبأدلة دامغة، على المسؤولية التاريخية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والإنسانية للجزائر في خلق وإطالة أمد النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية، وهذا الرد المغربي، فضح المواقف الجزائرية حيال قضية الصحراء المغربية، وكشف عن سوءة ما تدعيه الجزائر من أكاذيب ومغالطات وأوهام، نجـح السفير المغربي في تفنيدها بالدليل والحجة والبرهــان.
وسواء تعلق الأمر بمقص وزير الخارجية ناصر بوريطة، أو بلسان السفير الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة عمر هلال، أو بالسفيرة المغربية بمدريد كريمة بنيعيش التي سطع نجمها في عز الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة بين الرباط ومدريـد، فنحن أمام منظومة دبلوماسية مغربية رصينة يقودها الملك محمد السادس بحنكة وتبصر، تقف وراءها خبرات وكفاءات دبلوماسية مغربية، أبلت ولازالت تبلي البـلاء الحسن في أم المعارك الدبلوماسية المغربية، ويتعلق الأمر بمعركة الدفاع والترافع عن الوحدة الترابية للمملكة، وما تفرضه هذه المعركة المواطنة من كفاءات تتوفر فيها شــروط الكاريزما والخبرة والاستقامة ونكران الذات، والجرأة والشراسة واليقظة المستدامة، وهي شروط لامحيد عنها، لتوجيه الضربات الناعمة إلى خصوم وأعداء الوطن، وإحباط مؤامراتهم ومناوراتهم المكشوفة وفضح ما يجترونه من أوهام وادعاءات وأكاذيب.
وفي هذا الإطار، وبقدر ما نثمن عمل كفاءات دبلوماسية مغربية من قبيل ناصر بوريطة وعمر هلال وكريمة بنيعيش، وكل الكفاءات الدبلوماسية المغربية التي تشتغل في صمت ونكران للذات دفاعا عن الوطن ومصالحه العليا، ونعتز ونفتخر بما وصلت إليه الدبلوماسية المغربية من نجاعة وجرأة وحكمة وانضباط، ومن مكانة وريادة وإشعاع إقليمي ودولي، بقدر ما يجب الحرص كل الحرص، في أن تبقى هذه الدبلوماسية في موقع الريادة والإشعاع والتأثير، ليس فقط لأنها واجهة المملكة المغربية في الخارج، ولكن أيضا، لأنها تعد الجبهة الأمامية والمتقدمة للدفاع عن مصالح الوطن وقضاياه العليا والاستراتيجية، والتصدي الشرس لكل مؤامرات ودسائس وادعاءات خصوم وأعداء الوحدة الترابية، وهي مناسبة للتأكيد، أن الحقائب الدبلوماسية، هي مهمات مواطنة جسيمة لخدمة الوطن وضمان استمرارية إشعاعه الدولي، وهي ليست للسياحة أو النزهة أو التسوق كما قد يعتقد البعـض، أو ريعا سياسيا كما يظن البعـض الآخر، ولابد أن تسند لكفاءات حقيقية، قادرة على الإسهام في صناعة النجاح الدبلوماسي المغربي.
وإذا كانت الدبلوماسية الوطنية أبانت عن علـو كعبها وهي تواجه أعداء الوطن الخالدين وتتصدي بجرأة لصناع الابتـزاز والمؤامرات والدسائس، فلأنها مدعومة بمنظومة أمنية واستخباراتية ذات إشعـاع دولي، تتحمل ليس فقط مسؤوليـة حماية الأمـن الداخلي والخارجي للمملكة، بل وتوفـر المعلومة لصناع القرار الدبلوماسي، في إطـار من التعاون والتعاضد والتجانس، حماية للـوطن ودفاعا عن قضاياه الاستراتيجية، إذ، يصعب الحديث عن نجاعة دبلوماسية في غياب أجهزة أمنية ذات كفاءة عالية، كما يصعب إعطاء معنى وقيمة للمعلومة الأمنية الــوازنة، في غياب منظومة دبلوماسية متجانسة على مستوى كبير من المهنية والكفاءة والتبصر.
وإذا بتنـا اليوم، مقتنعيـن أكثر من أي وقت مضى، أن “مغرب اليوم، ليس كمغرب الأمس”، فهذا التحول النوعي الذي يؤسس لقوة مغربية صاعدة، يفـــرض الرهان على إرسـاء لبنات مؤسسات دبلوماسية وأمنية وتشريعية وعلمية وتربوية وإعلامية واقتصادية واستراتيجية وازنـة، قـادرة ليس فقط على الحفاظ على المكتسبات، بل والدفــع في اتجاه أن يكون المغرب قوة إقليمية رائدة في المحيط العربي والإفريقي، ذات إشعاع دولي، تتملك كل أدوات السيادة في أبعادها الترابية والسياسية والاقتصادية والصحية والعسكرية والأمنية وغيرها. ومهما قيل أو ما يمكن أن يقـال، نذكر الحاسدين والحاقدين والمتربصين، أن مقص بوريطة جاهز للقص، ولسان هلال على أتم الاستعداد للقصف، مهما برعـوا في صناعة الأوهام والأكاذيب والادعاءات