المواطن24
الكثير منا يذكر قصة الأسد الذي اغتال مدربه ( محمد الحلو ) و قتله غدراً في أحد عروض .. السيرك بالقاهرة و ما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة الحيوان واضِعاً نهاية عجيبة لفاجعة مثيرة من فواجع هذا الزمن ..
و القصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى تصفيق الجماهير بعد نمرة ناجحة مع الأسد ” سلطان ” ..
و في لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف و أنشب مخالبه و أسنانه في ظهره !! ..و سقط المدرّب على الأرض ينزف دماً و من فوقه الأسد الهائج ..
و اندفع الجمهور و الحُرّاس يحملون الكراسي و هجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد و تمكن أن يخلص أباه بعد فوات الأوان ..
و مات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام . أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة اكتئاب و رفض الطعام و قرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسداً شرساً لا يصلح للتدريب ..
و في حديقة الحيوان استمر سلطان على إضرابه عن الطعام فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة !! و طردها و عاود انطواءه و عزلته و اكتئابه ..
و أخيراً انتابته حالة جنون ، فراح يعضّ جسده و هَوَى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين !!! .. ثم راح يعضّ ذراعه ، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه ..
و راح يأكل منها في وحشيّة ، و ظل يأكل من لحمها حتى نزف و مات واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد .. ندَم حيوان أعجم و مَلِك نبيل من ملوك الغاب .. عرف معنى* الـوفـــاء * و أصاب منه حظاً لا يصيبه الآدميون !!
أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين .. درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التي تأكل شعوباً .. و تقتل ملايين في برود على الموائد الدبلوماسية و هي تقرع الكؤوس و تتبادل الأنخاب .
ثم تتخاصر في ضوء الأباجورات الحالمة و ترقص على همس الموسيقى و ترشف القبلات في سعادة و كأنه لا شيء حدث !! إنّي أنحني احتراماً لهذا الأسد الإنسان ..
بل إني لأظلمه و أسبّه حين أصفه بالإنسانية .. !! كانت آخر كلمة قالها ( الحلو ) و هو يموت ..أوصيكو ما حدش يقتل سلطان ..
و صية أمانة ما حدش يقتله . هل سمع الأسد كلمة مدربه ؟ .. و هل فهمها ؟ يبدو أننا لا نفهم الحيوان و لا نعلم عنه شيئاً .
ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذي انتحر على أننا أمام نفس راقية تفهم و تشعر و تحس .. ؟! و تؤمن بالجزاء و العقاب و المسؤولية ؟؟ !! .. نفس لها ضمير يتألّم للظلم و الجور و العدوان ؟؟!!