المواطن 24
أثناء تدخلها باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، خلال الجلسة العمومية المنعقدة بالمجلس يوم 2 فبراير ،2021 لمناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول وضعية السجون.
النص الكامل للمداخلة:
شكرا السيد الرئيس؛
السيد وزير الدولة المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
يطيب لي أن أتدخل باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في إطار مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، للوقوف على وضعية المؤسسات السجنية، ويتعلق الأمر طبعا بالسجن المركزي “مول البركي” بآسفي،والمركب السجني المحلي عين السبع بالدار البيضاء، والسجن المحلي “تولال” بمكناس، وهي مناقشة نوليها أهمية كبيرة في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، لأنها مرتبطة بتقوية الأدوار الدستورية لمؤسستنا التشريعية، وانفتاحها على قضايا من صميم اهتمامات وانشغالات المواطنات والمواطنين، وهي وضعية السجناء الذين رغم وضعيتهم يعتبرون ويظلون جزءا من هذا الوطن، لهم مجموعة من الحقوق التي يجب تمتيعهم بها.
هي مناسبة ننوه فيها بمجهودات أعضاء اللجنة التي أنجزت المهمة الاستطلاعية، ونشكرهم على عملهم والذي كان عملا مهما جدا، سواء على مستوى المنهجية التي تم اعتمادها من خلال اختيار مؤسسات سجنية متباينة ومختلفة، أو على مستوى جودة التقرير، أو على مستوى دقة وجودة التوصيات التي خرجت بها المهمة.
السيد الرئيس،
لقد كشفت المهمة الاستطلاعية على واقع يتميز بالاكتظاظ والاعتقال الاحتياطي ومشكل التصنيف، وهي اختلالات وأخرى تنعكس سلبا وتحول دون على عدم استفادة السجناء من حقوقهم كاملة، كما تؤثر على الخدمات المقدمة لهم، سواء على مستوى التغذية، أو الصحة، أو التعليم، أو التكوين المهني، وغير ذلك.
كشفت أيضا على الاشكاليات المرتبطة بالإطار القانوني والتدبيري، وضعف الموارد المالية، والبنية التحتية واللوجستكية، ومواكبة الساكنة السجنية، وغيرها من الإشكالات المرتبطة بالتدبير.
لكن بالمقابل، كشفت عن مجهودات هامة ومقدرة تبذلها المندوبية العامة للسجون بشكل عام، وتقوم بها الموارد البشرية، ومختلف العاملين بهذه المؤسسات بشكل خاص، رغم صعوبة ظروف العمل والمخاطر اليومية التي يتعرضون لها، وغياب التعويضات المناسبة لهم، وغياب كذلك الحماية خارج السجون، الأمر الذي يفرض ضرورة الانتباه لوضعية العاملين بالمؤسسات السجنية وتحسينها، وإعادة الاعتبار لهذه الفئة التي تعاني مختلف أشكال الحيف، رغم المهام والأدوار المهمة التي يقومون بها.
كشفت المهمة كذلك عن وجود تجارب نموذجية سواء على مستوى سجن النساء، أو مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع، والتي يتعين في اعتبارنا تعميمها على باقي المؤسسات السجنية.
السيد الرئيس،
– أكيد أنسنة السجون وتمكين السجناء من حقوقهم المكفولة دستوريا وإدماج السجناء في محيطهم الاجتماعي،وإعدادهم الإعداد الجيد لمرحلة ما بعد انتهاء العقوبة، يمر حتما عبر تنزيل التوصيات التي خرجت بها المهمة الاستطلاعية، لمعالجة الإشكالات والاختلالات المركزية والبنيوية التي تعاني منها المؤسسات السجنية، الأمر الذي يتطلب مقاربة شاملة ومتكاملة بأبعاد ومداخل متعددة، منها:
– ضرورة مراجعة شاملة للسياسة الجنائية، القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وملاءمتها مع مقتضيات الدستور، وكذلك الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة، خاصة في ظل مجموعة من الآثار السلبية الناتجة عن السياسة الجنائية المعتمدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
-إشكالية الاعتقال الاحتياطي، والنسبة المرتفعة للمعتقلين الاحتياطيين، على الرغم من المجهودات المبذولة لترشيد الاعتقال الاحتياطي، باعتبار أن من الضرورة اليوم تدخل المشرع لتوجيه السياسة الجنائية نحو تقييد حالات اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، باعتبار الأصل هو الحرية.
– مراجعة الإطار القانوني المنظم للمؤسسات السجنية، لملاءمته مع مقتضيات الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
– بذل مجهود أكبر للتخفيف من الإكتظاظ الذي تعرفه السجون والذي يحول دون تمكين السجناء من مجموعة من الحقوق والخدمات المكفولة لهم، بالرغم من توجه المندوبية نحو بناء مؤسسات سجنية جديدة للرفع من الطاقة الاستيعابية للسجون، وكذلك تحسين شروط الاستقبال، ولو أننا نعتبر في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، أن التوجه نحو بناء المدارس، والجامعات، وفضاءات التكوين، وفضاءات تأطير الشباب،واستيعاب احتياجاتهم وتطلعاتهم ومتطلباتهم، كان سيكون جوابا أعمقا على الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية،خاصة وأن الشباب يشكل نسبة مقلقة جدا في عدد السجناء، وهو ما يدفعنا لإعادة التأكيد على ضرورة تحمل الحكومة لكامل مسؤوليتها في وضع السياسات العمومية الناجعة بآثار ملموسة، لمعالجة مجموعة من الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، باعتبار أن تزايد التحديات التي تواجهها السجون مرتبط أساسا بفشل السياسات العمومية.
– ضرورة بذل مجهود أكبر على مستوى تصنيف السجناء من حيث السن وطبيعة الجريمة.
– كذلك بذل مجهود أكبر على مستوى ولوج السجناء لحقهم في الصحة على مختلف المستويات، ونؤكد على ضرورة إعطاء الأهمية اللازمة للصحة النفسية، وكذلك من أخرى، للأدوار التي تقوم بها المساعدة الاجتماعية داخل السجون، من أجل التخفيف من مجموعة من العقد الاجتماعية التي تكون لدى السجينات والسجناء،وإعدادهم للانخراط والاندماج بشكل أفضل في محيطهم بعد انتهاء عقوبتهم.
– ننوه كذلك بالمجهودات المبذولة على مستوى التعليم وكذلك التكوين، ولكن مع ضرورة التأكيد على الرفع من مستوى الفئات المستفيدة من التكوين المهني، باعتبارها كذلك مدخل للإدماج أثناء خروجهم.
في الأخير السيد الرئيس، وكما بدأنا، نؤكد أنه آن الأوان لإعادة الاعتبار للفئات والعاملين داخل المؤسسات السجنية، بإعادة النظر في منظومة التعويضات وملاءمتها مع جسامة المجهود الذي يقومون به والمخاطر التي يواجهونها في تدبيرهم لمهامهم داخل المؤسسات السجنية.