المواطن 24 – متابعة
سيُدل الستار اليوم الأحد 7 فبراير/شباط 2021، على منافسات بطولة إفريقيا للاعبين المحليين لكرة القدم “شان”، التي احتضنتها الكامرون طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية، وانتهى معها فصل آخر من الصراع المغربي – الجزائري، على ملاعب الرياضة حول المقعد الإفريقي بالمكتب التنفيذي لـ”الفيفا”، لاسيما أنه جاء متزامناً مع اشتداد التوتر بين الرباط والجزائر العاصمة، على خلفية اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء.
المتابعون للاحتقان بين البلدين المغاربيين يعرفون تماماً أنه “كلما تفجرت الخلافات السياسية بينهما، تتساقط الشظايا على الملاعب الرياضية وملاعب الكرة بشكل خاص”.
دعم السلطات
حرص خير الدين زطشي، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، على حضور منافسات “شان” بالكامرون، رغم أن منتخب بلده غير معنيّ بالمنافسات، بعد خروجه من التصفيات على يد المنتخب المغربي المحلي (3-0) في الدور الحاسم المؤهل للنهائيات.
حضور زطشي كان بغرض حشد الدعم لترشحه لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي “فيفا”، إلى جانب المغربي فوزي لقجع، والمصري هاني أبوريدة، وغوستافو إيدوندونغ من غينيا الاستوائية، الذين يتنافسون على مقعدين مخصصين لإفريقيا بالهيئة المشرفة على كرة القدم في العالم.
خير الدين زطشي، شد الرحال إلى الكامرون وهو يجر وراءه دعماً كبيراً من سلطات بلده للظفر بأحد المقعدين، حسب ما أعلن عنه عمار بهلول، نائبه، في تصريح للإذاعة الجزائرية، حيث قال: “تلقينا ضمانات ودعماً رسمياً من الدولة الجزائرية والسلطات العليا، لمساندة ملف خير الدين زطشي للظفر بمقعد في مجلس الفيفا”.
الدعم الذي تلقاه المرشح الجزائري من سلطات بلاده الغرض منه قطع الطريق أمام منافسه المغربي، وبدرجة أقل منافسه المصري على اعتبار أن غوستافو الغيني، دخل سباق الترشح ممثلاً عن الدول الناطقة باللغتين البرتغالية والإسبانية، خلافاً لقجع وزطشي، اللذين يمثلان المنطقة نفسها (شمال إفريقيا).
من جانبه، سعى فوزي لقجع خلال وجوده بالكامرون إلى قطف ثمار ما زرعه طيلة السنوات الماضية، التي عمل خلالها، بدعم من السلطات المغربية أيضاً، على عقد شراكات واتفاقيات مع عشرات الاتحادات الإفريقية، واحتضان المغرب لاجتماعات وأنشطة الكونفيدرالية الإفريقية للعبة “كاف”، كلفت -حسب مصادر “عربي بوست”- خزينة الاتحاد المغربي نحو 20 مليون دولار منذ عام 2017.
المصادر ذاتها، تحدثت عن نوع من رد “الجميل” في عنق الاتحادات الإفريقية، التي استفادت من كرم الاتحاد المغربي، عبر الاتفاقيات المذكورة، التي سمحت لمنتخباتها، بمختلف فئاتها العمرية، إجراء تجمعات تدريبية مدفوعة التكاليف بالمغرب، فضلاً عن استفادة المدربين والإداريين من دورات تكوينية مجانية بالمركز الدولي لكرة القدم بمدينة سلا المغربية، مضيفة أن تصويتها لصالح المرشح المغربي في انتخابات عضوية “فيفا” سيكون كافياً للتعبير عن “امتنانها”.
صفعة “فيفا”
جهود خير الدين زطشي، رئيس الاتحاد الجزائري، في مدينتي ياوندي ودوالا الكاميرونيتين، ذهبت سدى بعد رفض الاتحاد الدولي لملفه، فمنذ وصوله إلى الكاميرون عرض زطشي مساعدات على وفود المنتخبات التي شاركت في “شان”، بدعم من سفارة الجزائر بالعاصمة الكاميرونية، وتقرب إلى ممثلي اتحادات الدول الناطقة بالإنجليزية (الأنجلوسكسونية) عن طريق رئيس الاتحاد الجنوب الإفريقي، باتريس موتسيبي المرشح القوي لرئاسة “كاف”، “فيفا” بخرت مساعي ممثل الجزائر، ورفضت ملفه، على خلفية “تقديمه معلومات مغلوطة في استمارة ترشيحه”، إذ لم يكشف زطشي عن عقوبتين سابقتين صدرتا بحقه من قبل “كاف” والاتحاد الجزائري، ما اعتبرته اللجنة المختصة بالاتحاد الدولي تصريحاً كاذباً ومنافياً للأخلاقيات.
ورغم أن العقوبة التي سلطتها “كاف” على زطشي لا تمنعه من الترشح، ما دامت بعيدة عن شبهة الفساد، فإن التصريح الكاذب في الاستمارة، أسقط الرجل من السباق قبل بدايته، وجعله عرضة لهجوم داخلي، باعتباره خسر مبكراً صراعه أمام ممثل الجار اللدود.
اتهامات للمغرب
محللون رياضيون وتقارير إعلامية جزائرية أسهبت في الحديث عن وجود وشاية و”خيانة” داخلية، بتنسيق مع الاتحاد المغربي للإطاحة بزطشي، الأخير سلك طرحاً مشابهاً، وصرح بأن هناك أطرافاً خرجت من الاتحاد الجزائري تريد أن تعرقله وتبعده عن رئاسته، وقال في تصريح للإعلام المحلي إن من “حطموا الكرة الجزائرية يريدون العودة ويعملون من خلف الستار”.
وذهب كثير من التحليلات أبعد من ذلك، إذ قال خبراء حلوا ضيوفاً على برامج تلفزيونية جزائرية، إن فوزي لقجع يقف وراء إبعاد ممثل الجزائر عن سباق الترشح لعضوية “فيفا”، بل إن أحدهم قال إن لقجع استغل علاقته بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للتأثير على جيوفاني إيفانتينو رئيس الاتحاد الدولي وإبعاد زطشي.
مقابل ذلك تحدث آخرون عن جهل الاتحاد الجزائري بقوانين الاتحاد الدولي، ووقوعه في خطأ فادح عبر تقديم مرشح بسجل رياضي حافل بالعقوبات، كما هو الحال بالنسبة للدولي الجزائري السابق عمر غريب، الذي استنكر وقوع مرشح بلده في “التصريح الكاذب” بكل سذاجة، وانتقد كل من يقول بفرضية الخيانة أو تأثير المغرب على قرارات “فيفا”.
وما زاد من تأجيج الخلافات بين الاتحادين المغربي والجزائري وشعور الأخير بضلوع جاره الغربي في استبعاده، هو طبيعة العقوبة، التي كانت سبباً مباشراً في إقصاء خير الدين زطشي من سباق المنافسة على عضوية “فيفا”، إذ كان المغرب طرفاً أساسياً فيها قبل ثلاث سنوات، عندما احتضنت المملكة المغربية بطولة إفريقيا للاعبين المحليين في عام 2018، حينها انسحب زطشي بشكل مفاجئ من اللجنة المنظمة، وهو القرار الذي جرّ عليه آنذاك توقيفه سنتين من قبل “كاف”، وتغريمه نحو 20 ألف دولار، قبل أن يجر عليه، قبل أيام، حرمانه من الترشح لشغل مقعد بالمكتب التنفيذي للاتحاد الدولي.
كما بات فوزي لقجع يعد “الحصان الأسود” لمسؤولي الكرة الجزائرية، خاصة أنه كان وراء إبعاد رئيس الاتحاد الجزائري السابق محمد روراوة من “كاف” في انتخابات اللجنة التنفيذية للكونفيدرالية الإفريقية الخاصة بمنطقة شمال إفريقيا، التي شهدت كذلك انتخاب المالغاشي أحمد أحمد خلفاً للكاميروني عيسى حياتو، إذ ظل روراوة صامداً في منصبه كنائب للرئيس السابق حياتو لسنوات طويلة.
سجل فوزي لقجع أهدافاً “دبلوماسية” بكثير من الهدوء، فبعدما أثار غضب الجزائر بتنظيمه لنهائيات كأس إفريقيا لكرة القدم داخل الصالات مطلع العام الماضي، بمدينة العيون وهي مدينة تنتمي للمنطقة المتنازع عليها، رجحت مصادر جيدة الاطلاع أن يقدم رئيس الاتحاد المغربي على تنظيم بطولة إفريقيا للسيدات، المقرر إجراؤها في العام المقبل بالمدينة نفسها، وهي البطولة التي حصل المغرب على تنظيمها، خلال اجتماع للجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي بالكاميرون على هامش مسابقة “شان”.
المصادر ذاتها، قالت إن رد فعل الاتحاد الجزائري في حال وافقت السلطات المغربية على مقترح لقجع بتنظيم البطولة النسائية بالعيون، لن يختلف عن رد فعله السابق بعد احتضان المدينة نفسها لبطولة إفريقيا لكرة القدم داخل الصالة، إذ راسل الكونفيدرالية الإفريقية واحتج بشدة على ذلك، ومن المرتقب -تضيف المصادر- أن يقاطع المنتخب الجزائري البطولة، أسوة بالعديد من الأندية الجزائرية في مختلف الأنواع الرياضية الأخرى، التي رفضت المشاركة في بطولات نظمت بمدن الصحراء.