[success]المواطن 24/متابعة[/success]
العناصر الموجودة باستمرار بالشارع العام هي عناصر الأمن وليست الشرطة (2/1)
بقلم: أشرف منصور جدوي*
يعتبر ضابط الشرطة القضائية حسب قانون المسطرة الجنائية قطب الرحى، وما غالينا بوصفنا، فضابط الشرطة القضائية القطب والمسطرة الجنائية رحاه، ومن دون ذلك القطب لن تدور، ونظرا للدور المحوري للشرطة القضائية فقد جعلها المشرع الدستوري مؤسسة دستورية وجرى التنصيص عليها في الفصل 128 من الدستور، فضلا عن أنه بتتبع أثر هذا الدور المحوري بين دفتي قانون المسطرة الجنائية يظهر باديا للعيان من خلال السلط الهائلة المخولة لضابط الشرطة القضائية، ليس فقط خلال مرحلة البحث بنوعيه سواء التلبسي أو التمهيدي، بل وحتى خلال مرحلة التحقيق – الإنابة القضائية نموذجا – وخلال مرحلة المحاكمة.
لا يقدحن في قولنا هذا أن ضابط الشرطة القضائية غائب عن مرحلة المحاكمة، فلئن كان غائبا عن المحاكمة بشخصه وصفته فإنه حاضرفيها بمحاضره، وما لها من قوة ثبوتية خاصة في الجنح.
وبتتبع من لهم الصفة الضبطية من موظفي المديرية العامة للأمن الوطني، طبقا لقانون المسطرة الجنائية خاصة المادة 20 والتي تنص على:
” يحمل صفة ضابط للشرطة القضائية:
– المدير العام للأمن الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها؛
…”و بإسقاط هذه المادة على مرسوم 2.19.429 بشأن النظام الأساسي الخاص بالأمن الوطني، فإن ضباط الشرطة القضائية هم : المدير العام للأمن الوطني، و ولاة الأمن، والمراقبون العامون للشرطة، و عمداء الشرطة وهنا لفظ عميد يفسر تبعا لمقتضيات المرسوم سالف الذكر، إذ لفظ عمداء الشرطة يؤخذ على عمومه ويشمل كلا ممن لديهم رتبة عميد شرطة و عميد ممتاز للشرطة و عميد إقليمي للشرطة، كما أن لفظ ضباط الشرطة يشمل كل من يحمل رتبة ضابط شرطة ورتبة ضابط ممتاز للشرطة.
وغير خاف عن المهتم بالشأن القانوني أو الأمني أن موظفي المديرية العامة للأمن الوطني هم إما منتمون إلى سلك الشرطة و تبتدئ رتبهم من مفتش شرطة إلى غاية والي أمن، وإما منتمون إلى سلك الأمن وتبتدئ رتبهم من حارس أمن إلى غاية رتبة قائد هيئة ممتاز.
واعتبارا للمادة 25 من قانون المسطرة الجنائية التي حددت من لهم صفة عون للشرطة للقضائية خاصة في فقرتيها الأولى والثانية والتي جاء فيها: ” أعوان الشرطة القضائية هم :
موظفو المصالح العاملة للشرطة.
…” أي أن المشرع عرف وحصر من هم أعوان للشرطة القضائية عن طريق الاستبعاد، فكل موظف من موظفي المديرية العامة للأمن الوطني ليس بضابط للشرطة القضائية فهو عون للشرطة القضائية.
وارتباطا بالمرسوم بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الأمن الوطني، فإن أي رتبة من رتب سلك الشرطة إلا وتقابلها رتبة من رتب سلك الأمن، فمفتش الشرطة يقابله في سلك الأمن مقدم للأمن، ومفتش ممتاز للشرطة يقابله مقدم أمن رئيس، وضابط شرطة يقابله ضابط أمن، وضابط شرطة ممتاز يقابله ضابط أمن ممتاز، وعميد للشرطة يقابله قائد أمن ، وعميد شرطة ممتاز يقابله قائد أمن ممتاز، و عميد شرطة إقليمي يقابله قائد أمن إقليمي، و مراقب عام للشرطة يقابله قائد هيأة، ووالي الأمن يقابله قائد هيأة ممتاز، باستثناء رتبة حارس للأمن فليس لها ما يقابلها في سلك الشرطة.
ولعل التمييز بين سلكي موظفي المديرية العامة للأمن الوطني، سلك الشرطة وسلك الأمن هو أن العناصر العاملة بسلك الأمن تمارس مهامها بالزي الرسمي، بينما أفراد سلك الشرطة يمارسون مهامهم بالزي المدني.
واعتبارا للمادة 2 من المرسوم بشأن النظام الخاص بأولئك الموظفين والتي جاء فيها: ” يكون موظفو الأمن الوطني الخاضعون لهذا المرسوم هيأة خاصة منظمة في مستويات تراتبية دون تمييز بين مزاولة المهام بالزي الرسمي أو الزي المدني”، فإن موظفي السلكين لا تمييز بينهما وبنص المرسوم المذكور بل وحتى بالرجوع إلى الظهير الشريف 1.9.213 المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني، فإنه لا تمييز بين السلكين من حيث المهام، حيث إنه طبقا للمادة 2 منه تناط بموظفي المديرية العامة للأمن الوطني مهمة الحفاظ على النظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات.
وإذا كان لا تمييز بينهما كما سلف الذكر، إلا أنه وبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية فهناك تمييز، إذ أن سلك الأمن بمختلف عناصره ورتبييه ليسوا إلا أعوانا للشرطة القضائية.
ولعل هذا التمييز في حاجة إلى مراجعة وذلك بتعديل القانون وبمراجعة خطة التكوين الأساسي وتخويل صفة ضابط للشرطة القضائية لرتبيي سلك الأمن بدءا من ضابط الأمن إلى غاية قائد هيأة ممتاز، وجعل صفة ضابط للشرطة القضائية تخول إلى مقدمي الأمن الذين قضوا ثلاث سنوات من الخدمة الفعلية بهذه الرتبة على الأقل بمقتضى قرار مشترك لوزير العدل ووزير الداخلية، على شاكلة ما هو معمول به بالنسبة لمفتشي الشرطة ولنا في ذلك مجموعة من المؤيدات الواقعية والقانونية، ومن أجل ترتيب المسؤوليات في حال وقوع تجاوزات مع أمل في رفع الحيف عن أطر سلك الأمن، ومن أجل استفادة مثلى من الموارد البشرية.
أولا: المؤيدات الواقعية
من حيث الواقع فإن العناصر الموجودة باستمرار بالشارع العام هي عناصر الأمن وليست الشرطة، ولعله بناء على إبلاغ بارتكاب جريمة فإن أول من يصل إلى مسرح الجريمة هي عناصر الأمن سواء شرطة النجدة المعروفين اختصارا ب P.S أو عناصر الدراجين، وبالتالي فأول من يصل مسرح الجريمة، أو أول من يعاين الجريمة بالشارع العام هي عناصر سلك الأمن، وعليه فلحظة الوصول إلى مسرح الجريمة ينتهي العمل الإداري وتبتدئ نصوص المسطرة الجنائية في الحركة، وأنى لها أن تتحرك ما لم يحركها ضابط للشرطة القضائية !!!
كما أن الواقع العملي يشهد بعمل أفراد من الأمن ملحقين بمصالح الشرطة القضائية يعملون تحت إمرة ومراقبة ضابط الشرطة القضائية، كما يعمل مجموعة من عناصر سلك الشرطة تحت إمرة ومراقبة قائد أمن مثلا عناصر الشرطة سواء مفتشين أو مفتشين ممتازين العاملين بفرقة الدراجين وهو ما يحيلنا على المؤيدات القانونية.
ثانيا: المؤيدات القانونية
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية، فإن المادة 66 في فقرتها الثانية والتي جاء فيها : ” يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه…”
فلنتصور أن عنصرا من عناصر الأمن شاهد جريمة بالشارع العام ولاحق مقترفها وتمكن من إيقافه وإلقاء القبض عليه، أنى له أن يخبره فورا بحقوقه، إذ المشرع تطلب صفة في من يتولى الإخبار وهي أن يكون ضابطا للشرطة القضائية، وهي الصفة المفتقدة لدى عنصر الأمن.
* محام بهيأة البيضاء