تطوان: فاطمة أحمد الشدادي
الجمعة 08 دجنبر 2023 سيبقى يوماً خالداً في التاريخ حيث قام وفداً رفيع المستوى بزيارة لمدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان يتقدمهم معالي وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد و عامل عمالة إقليم تطوان عبد الرزاق المنصوري والسيدة المديرة الجهوية للثقافة بجهة طنجة تطوان الحسيمة وشخصيات بارزة
ونتمنى من هذه الزيارة أن تًعطي ثمارها لإعادة الاعتبار لهذه المعلمة الخالدة وهي مفخرة للمملكة المغربية الشريفة مملكة الخلق والإبداع الفني نتمنى أن تأسس مؤسسة مدنية تُعنى بهذه المؤسسة التي داع صيتها عالمياً و تُعتبر مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان تُحفة مُميزة ضاربة في عُمق التاريخ و أكثر من مُجرد مدرسة للتكوين على اعتبار أنها تُشكل متحفاً حياً بامتياز يزخرُ بالعديد من الكنوز التي تبرز بجلاء عبق التاريخ وفن الصناعة التقليدية المغربية الأصيلة.
و في ستة 1919، تداعى أعضاء المجمع العلمي في تطوان والذي كان يضمّ عدداً من رجالات الحركة الوطنية، مثل عبد السلام بنونة وأحمد الرهوني، إلى تأسيس “دار الصنائع والفنون الوطنية”، بهدف الحفاظ على مجموعة من الحرف التُراثية ذات الطابع المغربي الأندلسي الإسلامي. ويمرّ أكثر من مئة عام على تأسيس “دار الصنعة”، كما يسمّيها سكّان المدينة، التي شكّلت واحدة من مؤسّسات وطنية ساهم في تشييدها بنونة الذي كان أحد أبرز قادة المجمع، ومنها المدرسة الأهلية سنة 1925، وكذلك المطبعة المهدية، التي كان لها دورها أيضاً في صدور العديد من الجرائد والمجلات والكتب آنذاك
على مدار السنوات الماضية، تخرّج من الدار آلاف المهنيين الذي احترفوا فنون الزخرفة والنقش على الخشب والجص وأعمال النجارة والتطريز والزليج، والأخير يعدّ من أهم الفنون الإسلامية التي اشتهر بها الشمال المغربي، عبر تكوينه الفسيفسائي من أشكال فخارية هندسية مركّبة من قطع صغيرة متراصفة في لوحة من الجص. تُدرّس الدار فنون الزخرفة والنقش على الخشب والجص والتطريز والزليج. وقد أدار الفنان الإسباني ماريانو بيرتوتشي (1884-1955)، دار الصنائع منذ عام 1930 وحتى استقلال المغرب، وهي الفترة التي شارك طلّابها في العديد من المعارض والتظاهرات الفنية التي أقيمت في إسبانيا، وخاصة في مدنها الأندلسية، ومنها الدورة الأولى من “معرض إشبلية الدولي” سنة 1929، ما خلق التباساً حول الدار باعتبارها مؤسسة أنشأها الاستعمار الإسباني بينما هي خلاف ذلك هي مغربية أصيلة.
الدار بعد الاستقلال نوعاً من الفراغ القانوني في إدارتها، واستمرّ ذلك حتى منتصف السبعينيات حين بدأت وزارة الثقافة في الإشراف عليها. وبفضل المدرسة التي استمر عملها في “الصنائع” لعدّة عقود، تمّ الحفاظ على التراث الحرفي للمدينة حيث نقل من جيل إلى جيل، إلى ان أدرجت تطوان العتيقة ضمن لائحة التراث الإنساني. ويتكون المبنى التاريخي لدار الصنعة من ثلاثة طوابق على شكل رواق دائم للعرض يضم أجود الإنتاجات الحرفية، بالإضافة إلى الجوائز والهدايا التقديرية التي تجسد المنجزات التي حققها تلاميذ المدرسة. كما تضم المؤسسة إدارة ومكتبة وأروقة للعرض، ضمنها رواق الرسام بيرتوتشي، والفضاء المتحفي باسم الحاج عبد السلام بنونة، وورشات للتعلم في العديد من الحرف، وفضاء سيدي المنظري للفن والتراث، المحدث في إطار برنامج التعاون الدولي للتنمية بين وزارة الثقافة وحكومة جهة الأندلس.
وتستوعب المدرسة أكثر من مئة طالب موزّعين على ثمانية محترفات فنية يديرها متخصّصون في الفنون التراثية التي استقرّت على الخشب، الحدادة، الخزف والزليج، الجبس المنقوش، الخشب المطعم، والخشب المنقوش، والطرز التطواني “التعجيرة”. وتمنح الدار لخريجيها شهادة الدبلوم التي تمكّنهم من العمل كمتخصصين في حرفهم، كما تشارك نخبتهم في معارض وتظاهرات محلية وعالمية في الفنون الإسلامية، لكن الإقبال على الدراسة في بعض محترفاتها، بحسب تصريحات المسؤولين عنها، في تراجع مستمر.