المواطن 24 وسيمة جمعون
أقامت دار الشعر في تطوان أمسية شعرية كبرى يوم الجمعة الماضية، في فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بالمدينة، حيث امتلأت القاعة عن آخرها، بحضور مغاربة وإسبان، من عشاق الشعر والموسيقى. وافتتح مخلص الصغير، دير دار الشعر بتطوان، هذه التظاهرة، معلنا عودة دار الشعر إلى مدينتها تطوان، بعد سلسلة من اللقاءات التي أقامتها الدار في فاس ومكناس والحسيمة وتاونات وطنجة، خلال الشهر الماضي، احتفاء بالسنة الأمازيغية، وضمن فعاليات ثقافية أخرى. من جانبه، نوه المدير الإقليمي للثقافة بتطوان الأستاذ العربي المصباحي بالعمق الثقافي لمدينة تطوان، وانشغال أهلها بالثقافة والفن والشعر، مستشهدا بدار الشعر، التي تقيم فعالياتها في تطوان، وباقي المدن المغربية، وهي تستضيف مختلف الأصوات الشعرية المغربية الخلاقة والمبدعة. كما رحب المصباحي بالحضور الذي توافد بكثافة وأناقة على فضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية، بطابعها الأندلسي المغربي، وبدائعها وتحفها التي أبدعها كبار المعلمين الذين مروا من هذه المؤسسة التي شيدت منذ أزيد من قرن.
واستهلت عازفة العود الفنانة ماجدولين بن صغير ليلة الشعر هاته بأغنيات ووصلات ونوبات موسيقية أندلسية تفاعل معها الحاضرون، وتواصل معها الشاعر ياسين عدنان، وهو يقرأ من ديوان “ناي الأندلسي”، مستحضرا فضاءات إشبيلية ومدن ومعالم الأندلس، بوصفها واحدة من أهم الفضاءات واللحظات الفريدة التي عاشتها الإنسانية وشيدتها بالحوار والتعايش والإبداع والتسامح ومحبة الفن والحكمة والجمال. يقرأ ياسين عدنان، عن إشبيلية قبل أن يعطف على قرطبة، ومنها إلى غرناطة “”هل تعرفينَ ابن زيدون؟ سألتُ باميلا البائعةَ المِغْناجَ بمختبر التصوير قرب المسجد الأمويّ بقرطبة. كنتُ ثانيَ اثنَيْنِ. شاعران من جنوب المتوسط. تركتُ صلاح ستيتية يلتقطُ أنفاسَه في باحةٍ صغيرةٍ جِوارَ المسجد. وذهبتُ لأُصلح الكاميرا. أمامنا المزيدُ من الصُّوَر عند الوادي الكبير، ثمَّ بين الأزقة، وعلينا أن نُصلح الكاميرا. لكنَّ باميلا لا تتحدثُ غير الإسبانية ولا تعرف ابن زيدون. أضحى التَّنائي بديلًا يا ولاَّدة/ أضحى التَّنائي بديلًا باميلا/ (أضحى التَّنائي بديلًا عن تَدانِينا/ ونابَ عن طيبِ لُقيَانا تَجَافِينا) يا رُصافَةَ قرطبة… لم أكن مهتمًّا لمصير أحد/ كنتُ فقط أغطس قدمَيْ غرناطة/ في الموج/ أغسل ساقَيْها المرمريتَيْن/ عند شاطئ ألمونيكار/ وأحرس القلعة العتيقة/ من حوافر الخيول/ وأقمار الشعراء. غرناطةُ السرُّ/ لن أبُوحَ/ لن أبُوح”.
أما الشاعرة عائشة بلحاج فاختارت السفر بالحاضرين إلى باريس، وهي صاحبة كتاب “على جناح دراجة.. من طنجة إلى باريس”، حيث تردد: “للمرّة الأولى في باريس/ أضع قدماً فوق أخرى/ وأرقص/ لم يكن لي حظٌّ في الغناء/ تذكّرتُ خطوات جدّتي في الحقول/ ولففتُ العالم على قدمٍ واحدة/ في بيتي.”. وعن هوية الشاعرة قرأت عائشة بلحاج من ديوانها “لا أعرف هذه المرأة”، حيث “للشّاعرة رائحةُ نهر/ يجري في الغابةِ/ حاملًا أيّامها اليابسة./ للمرأةِ رائحةُ الموتِ/ الذي يأتي قبل الأوان/ ويحملُ ركّابًا إضافيّين في عودته./ ما نفعُ الكلماتِ للطيور/ ما نفعُ سنوات/ أرضعتني فيها الحياة/ حليبها المرّ/ كريحٍ تنقلُ أشلاء الشّجر؟”.
وتوج الشاعر عمر الراجي ليلة الشعر وهو ينشد: لعينيك ابتهالات الصفات/ أيا امرأة أسميها: حياتي. تقلبني كفنجان الخبايا/ كأن العشق صوفي السمات. وتسلبني اليقين بكل ود/ وتمنحني عزاء الذكريات. وتسلبني اليقين بكل ود/ وتمنحني عزاء الذكريات. وإني إن غرقت ببحر حزني/ فمنها وحدها طوق النجاة.أيا امرأة بغيم الروح تلهو/ ويعجبها… شتاء الكبرياء. ويعجبها بكائي إذ ألالي/ من التحنان… مجروح السماء. أيا امرأة التجلي والتواري/ وسيدة اللظى والانطفاء. ستنزف في غيابك أغنيات/ لها من الشجو لحن من بكاء. ويسأم من حضورك عطر أنثى/ قتلتِ لقاءها قبل اللقاء… ولست بخيلَ آمال ولكن/ يموت الحبُّ من فرط الرجاء”.