بقلم الأستاذ اسليماني مولاي عبد الله تخصص قانون و اقتصاد
Almouaten 24 -المواطن 2
في سياق التغيرات العميقة التي يعرفها المشهد الإداري والقانوني بالمملكة، جاءت مبادرة تأسيس الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية يوم 12 يوليوز 2025 كمحطة متميزة في مسار البناء المؤسساتي للمغرب، وكرسالة واضحة مفادها أن الجامعة المغربية ليست فقط فضاء للتلقين، بل أيضاً رافعة أساسية للإصلاح والتأطير والنقد البناء.
رؤية جماعية بروافد متعددة ما يميز هذه الجمعية، ليس فقط تنوع تركيبتها ولا مركزية وجاهة تخصصها، بل أيضًا كونها ثمرة إرادة جماعية لأساتذة جامعيين وباحثين من مختلف جهات
المغرب، اجتمعوا على هدف موحد: المساهمة في تطوير العلوم الإدارية والقانون الإداري، وتوفير أرضية علمية للنقاش الهادئ والرصين حول قضايا التسيير العمومي وتدبير المرافق العمومية.
وقد تم انتخاب الأستاذ أحمد أجعون رئيسًا للجمعية، وهو شخصية علمية مرموقة بخبرته في رئاسة كلية العلوم القانونية والسياسية، إلى جانب الأستاذ محمد المودن، أستاذ باحث بكلية السويسي، نائبا له، في انسجام يعكس البعد التشاركي.
وتتوزع بقية المهام بين نخبة من الأساتذة الجامعيين، يمثلون جهات أكادير ومراكش والجديدة وتطوان وسلا والرباط، في صورة تؤكد الانخراط الوطني الشامل.
أهداف تتجاوز التنظير ليست أهداف الجمعية حبيسة الإنتاج النظري أو النقاش الفقهي، بل تتجاوز ذلك إلى المساهمة العملية في إصلاح الإدارة المغربية، من خلال: تنظيم مؤتمرات وطنية ودولية في مواضيع مستجدة. إعداد دراسات وتقارير ترفع إلى المؤسسات الدستورية.
تشجيع البحث العلمي في صفوف الطلبة والباحثين. اقتراح مقترحات لتطوير النصوص القانونية ذات الصلة بالإدارة العمومية.

السياق الوطني محفز جاء تأسيس الجمعية في ظل حركية تشريعية وإدارية متسارعة يشهدها المغرب، من إصلاح ميثاق اللاتمركز الإداري، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، إلى إعادة هيكلة عدد من المؤسسات العمومية.
وهو ما يجعل وجود إطار علمي مواكب مثل الجمعية أمراً ضرورياً لضمان التقائية السياسات مع المرجعيات القانونية والدستورية.
صوت أكاديمي مستقل إن الجمعية المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية ليست امتدادًا لأي تنظيم سياسي أو نقابي، وإنما إطار علمي مستقل، يؤمن بقيمة القانون في تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن، ويطمح لتكريس تقاليد علمية رصينة، تعيد الثقة في الجامعة كمصدر للفكر والإبداع. إن تأسيس هذه الجمعية يُعدّ مكسبًا حقيقيًا للمشهد العلمي المغربي، ونقطة تحول في مسار البحث
الإداري والقانوني، كما أنه يعكس روحًا جديدة في العمل الجمعوي الأكاديمي، قائمة على الكفاءة، والاستقلالية، وخدمة المصلحة العامة.



