المواطن 24
بقلم : مصطفى بنفاتح
المندوب الوطني للتعاضدية المغربية لحماية المال العام والدفاع عن حقوق الإنسان. — في ظل الجدل الذي أثارته تصريحات وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي بشأن هبة عقارية لزوجته تم التصريح بها بقيمة مالية تقل بكثير عن قيمتها التجارية الحقيقية، وما تبعه من تساؤلات حقيقية في
الرأي العام حول مدى قانونية هذا السلوك، يصبح من الضروري تسليط الضوء على الإطار القانوني المنظم لواجبات التصريح في مثل هذه المعاملات
. فالقضية لا تتعلق فقط بتفويت عقار بين زوجين، بل بمبدأ جوهري في دولة القانون: المساواة أمام القانون، واحترام الضوابط الضريبية التي تضمن الشفافية والعدالة الجبائية. –
—
أولاً: الهبة لا تُعفي من الالتزام الضريبي تنص المادة 63 من المدونة العامة للضرائب على إعفاء الهبات بين الأزواج من الضريبة على الأرباح العقارية.
لكن رسوم التسجيل تبقى واجبة الأداء، وتُحتسب بناءً على “القيمة التقديرية” للعقار عند إبرام العقد، كما هو منصوص عليه في المادتين 131 و133 من نفس المدونة. —
ثانياً: القيمة التقديرية لا تعني “قيمة رمزية” يروج البعض لفكرة أن المصرح له الحق الكامل في اختيار أي قيمة شاء للعقار الموهوب، وهو طرح يتعارض بوضوح مع القانون
. فـالمادة 217 من المدونة العامة للضرائب تمنح لمفتش الضرائب حق مراجعة وتعديل القيمة المصرح بها إذا لم تكن مطابقة للقيمة التجارية للعقار
. كما أن المادتين 220 و232 تسمحان بتصحيح الأثمان المصرح بها خلال أجل تقادم مدته 4 سنوات. —
ثالثاً: حماية المال العام وحق الدولة في الشفعة يذهب المشرّع المغربي أبعد من ذلك، حين منح الدولة، ممثلة في وزير المالية أو من ينوب عنه، حق ممارسة الشفعة على العقارات
محل التفويت، سواء بعوض أو بدون عوض، متى تبين أن القيمة المصرح بها لا تعكس الواقع السوقي. لكن الاستثناء الوحيد من هذا الحق يشمل فقط الهبات بين الأصول والفروع، ولا يشمل الهبات بين الزوجين، كما هو الحال في قضية الحال، طبقًا للمادة 143 من المدونة.
—
رابعاً: لا أحد فوق القانون القيمة المصرح بها في الهبة محل النقاش كانت مليون درهم، في حين أن العقار ذاته تم اقتناؤه قبل أربع سنوات فقط بمبلغ 11 مليون درهم.
هذا الفرق الشاسع لا يمكن تبريره لا قانونًا ولا أخلاقيًا.
وإذا قبلنا بهذا النوع من التصريحات المجحفة، فإننا نفتح الباب أمام التحايل الضريبي والتهرب المقنع، مما يُفقد الثقة في النظام الجبائي، ويضرب مبدأ تكافؤ المواطنين أمام القانون. —
الخلاصة:
حماية القانون من التلاعب مسؤولية جماعية نحن اليوم أمام اختبار حقيقي لمدى صلابة المؤسسات في فرض احترام القانون، بغضّ النظر عن موقع وصفة المعنيين بالأمر. السكوت عن مثل هذه التجاوزات يُعدّ تواطؤًا ضمنيًا ضد المال العام وضد مبدأ العدالة.
وبصفتي المندوب الوطني للتعاضدية المغربية لحماية المال العام والدفاع عن حقوق الإنسان، أجدّد التأكيد على ضرورة: تفعيل آليات المراقبة والمساءلة
. ضمان الشفافية في التصريحات الضريبية. وعدم التساهل مع كل من يسعى للتحايل على القانون، مهما كان موقعه. —
مصطفى بنفاتح المندوب الوطني للتعاضدية المغربية لحماية المال العام والدفاع عن حقوق الإنسان



