المواطن24-متابعة
في نهاية يوليوز الماضي، تم تناقل أخبار على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي تهم قطع الماء الصالح للشرب من الساعة الحادية عشرة ليلا إلى الساعة الثامنة صباحا وتجميد الأنشطة التي تعتمد أساسا على الماء في أكبر مدينة في المغرب هي الدار البيضاء، الخبر نزل كالصاعقة على البيضاويين قبل أن تخرج الجماعة لتؤكد أن هذه الأخبار زائفة لا أساس لها من الصحة.
تناقل مثل هذه الأخبار وإن كانت كاذبة لكنها يمكن أن تكون واقعا ملموسا في القريب، وهو الإشكال الذي تعاني منه العديد من المدن خصوصا الصغرى، وإن كانت الدار البيضاء ليست بعيدة عنه هي الأخرى.
أزمة الماء في المغرب واقع أقره رئيس الدولة الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان عندما اعتبر أن “إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود”.
كذلك المعطيات الرسمية التي تقدمها الوزارة الوصية على التجهيز والماء، تشير إلى أن الوضع أكثر من مقلق.
لكن بغض النظر عن التحولات المناخية والجفاف، فإن هناك مسؤولون عما وصلنا إليه الآن.
لقد اختارت وزارة التجهيز والماء الصمت في مواجهة الأزمة الحقيقة للماء والتي خصص لها الملك نصف خطابه الأخير في البرلمان، اللهم من بعض حملات التوعية الخجولة بهدف التحسيس لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية.
سياسية السدود الكبرى التي تبناها المغرب، شهدت تعثرا خلال العشر سنوات الأخيرة التي ترأس فيها العدالة والتنمية الحكومة ودبر خلالها القطاع، فمن أصل أصل 57 سدا مبرمجا، تم إنجاز 9 سدود كبيرة في حين يوجد 15 سدا في طور الإنجاز، لكن المسؤولين عن التأخر لحدود الساعة لم يحاسبوا ولم يتم طرح النقاش أصلا عن الأسباب وراء هذا التأخر.
ودون أي تحرك ممن يفترض فيهم المسؤولية السياسية يأتي وزير التجهيز والماء أمام البرلمان ليعترف أن تأخر هذه المشاريع وأخرى نجم عنه تأثير كبير على تلبية الحاجيات من الماء الصالح للشرب لكل من المدن الساحلية الأطلسية ومدينة مراكش.
التساهل الكبير في هذه المشاريع الحيوية في المغرب أنتج لنا واقعا أخر هو التأخر الكبير في مشاريع تحلية مياه البحر خصوصا تلك التي تهم تزويد مدينة الدار البيضاء الكبرى بالماء الصالح للشرب التي من المتوقع أن تعرف عجزا من الماء على المدى المتوسط (2025) وكذا مشروع تحلية مياه البحر بمدينة السعيدية، لسد حاجيات مياه كل من السعيدية والدريوش والناظور وبركان.
في المقابل يعرف المغرب اليوم سياسية لتصدير مياهه عبر زراعات تستنزف فرشته المائية، ودون أي تحرك من الوزارة الوصية على قطاع الفلاحة، وفي زمن الجفاف تستمر هذه الزراعات في مواصلة الاستنزاف في الوقت الذي يتطلب فيه الأمر اجتهادا كبيرا لوقف النزيف.
فماذا بعد أن أقر وزير التجهيز والماء، نزار بركة بالتكلفة الباهظة لعملية زرع البطيخ الأحمر في مناطق الجنوب الشرقي، كما أن الفرشة المائية في العديد من مناطق المغرب التي تعرف زراعة الافوكادو تتعرض للاستنزاف إذ يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد منها 1000 لتر من الماء.
المطلوب اليوم تحرك على جميع المستويات، لأن مشكل الماء ليس أي مشكل، والتعامل معه لا يجب أن يكون بهذا النوع من البرود الذي يتعاطى معه مسؤولون يفترض فيهم أخذ المبادرة وتقديم الحلول لأزمة يمكن أن تتحول إلى أزمة عطش وهم بلا شك مسؤولون عنها.