أشرف لكنيزي
إنّ حماية الوطن، المدينة، الحي… والمحافظة على سيادتهم واجب وطني مقدس، ترعرع في قلوب كل المغاربة الأحرار عبر مر الزمن، وكان دائما أبناء الوطن، المدينة، الحي…، يلقبون بالحماة هذا اللقب لم يكن من باب المجاملة بل كان يجسد شهامة هؤلاء الأبطال في مواجهة الطغاة، ولم يستغل هؤلاء الأشاوس في يوم من الأيام قوتهم الجسدية، في نهب ممتلكات الغير، والتخريب، وزعزعة إستقرار الساكنة، وكسر واجهات المحلات التجارية والمنازل، والإعتداء على الساكنة بدون موجب حق.
ما وقع يوم الأحدالماضي، بمدينة خريبكة هو تجسيد واضخ لعبارة الحماة، بعد نهاية المباراة التي جمعت نادي سريع وادي زم، بضيفه فريق الرجاء الرياضي، حيث قامت السلطات الأمنية المسؤولة عن تأمين تنقل الجماهير البيضاوية، بتوجيه مسار الجماهير الرجاوية نحو الطريق السيار عبر حي البيوت وقنطرة أسا، لكن العناصر الأمنية المكلفة بتأمين هذا الموكب الجماهيري، لم تكن متواجدة بالعدد الكافي للحد من تهور بعض الجماهير الغاضبة من نتيجة المباراة، والتي صبت جام غضبها على المحلات التجارية والأحياء السكنية، عبر الرشق بالحجارة للواجهات، وتكسير السيارات، وتخريب الممتلكات العامة، وفي ظل إختفاء بعض رجال الآمن الذين تعرض بعضهم لإصابات خطيرة، وجد بعض أبناء حي البيوت نفسهم مجبرين على حماية أسرهم، وحيهم، وممتلكاتهم من طوفان الجماهير الغاضبة. والتي وثقت كاميرات المراقبة المتبثة بالعديد من واجهات المنازل والمحلات التجارية، حجم الأضرار التي خلفها هؤلاء المجرمون.
ليتم بعد هاته الأحداث توقيف مجموعة من الأظناء، لكن حملة الإعتقالات كانت عشوائية وشملت حتى الحماة، بينهم شابين من حي البيوت في ريعان الشباب، لم تخرجهم لا نية التخريب، ولا التكسير، بل كانوا فقط حماة هذا الحي العريق مدافعين ببسالة عن حرمة حيهم، وخوفا على مجموعة من العائلات من الإعتداءات التي طالت الحقول الزاعية المجاورة للحي، حتى الحيوانات الأليفة تم إعدامها بطريقة وحشية، أمام كل هذه الوقائع تفاجئت ساكنة الحي والمدينة بمتابعة هؤلاء الحماة، بأي ذنب سيتم الزج بهم ولا تربطهم بالمباراة أي صلة فالشابين لم يذهبوا للملعب، ولم يعترضوا موكب الجماهير الرجاوية، بل هذه الأخيرة هي من قامت بالتهجم على الساكنة في قلب منازلها.
إن ظاهرة الشغب في كرة القدم، ليست بوليدة العصر، ولا تقتصر على بلد واحد أو أكثر، بل هي ظاهرة عالمية تتسع دائرتها خاصة في صفوف الشباب والقاصرين، بل أصبحت الملاعب فرصة للشباب والقاصرين في البحث عن الإنتماء لفصيل رياضي، يمرر من خلالهم رسائله السياسية، الإقتصادية والإجتماعية….، لذلك أول شخص يجب أن يمثل أمام القضاء هي الحكومة المغربية، بوزرائها ورؤساء مجالسها ومنتخبيها…، والذين دمروا بسياستهم المدرسة العمومية، والتنظيمات الجمعوية والحزبية، والمخيمات الصيفية… وأصيح الهاجس هو الإغتناء والربح وتحقيق المصلحة الشخصية على حساب الدور التأطيري والتربوي الذي لعبته هذه التنظيمات لغاية نهاية التسعينات. المدرسة العمومية اليوم أصبحت مسرحا لصراعات دموية، بعدما كانت شاهدة على بزوغ رياضيين، وفنانين، ومسرحيين، وكتاب وشعراء… مناقشة هذه الظاهرة تتطلب صفحات عديدة، ومعالجتها وفق عدة مقاربات إجتماعية، تربوية، نفسية، بعدما أظهرت المقاربة الأمنية فشلها الذريع في معالجة ظاهرة الشغب، وثني الجناة عن إعادة أعمال الشغب، لأن إرسال الشباب والقاصرين لقضاء عقوبة سجنية عوض عقوبات بديلة كالحرمان من ولوج الملعب او القيام بخدمات داخل احد المؤسسات الداخلية ربما ستغير حال هؤلاء الشباب للأفضل.