اسماعيل ايت بوبوط
بمناسبة دورة قطر لكأس العالم، خصصت جريدة “لوبينيون” في عددها يوم أمس الثلاثاء، ملفا خاصا للأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية التي تؤمن حاليا المشاركين في هذه التظاهرة العالمية بفضل كفاءاتها وخبرتها التي أبانت عنها، مما جعلها تحضى بتقدير دولي، الذي هو ليس وليد الصدفة بل نتيجة لكفاءتها التي جعلت خبراء دوليين يصنفونها من أقوى الأجهزة كفاءة في العالم.
فأسلوب الاشتغال في الظل ووراء الكواليس لهذه الأجهزة جعل منها أجهزة غير عادية وبقدرات ومؤهلات استثنائية في مهام ووضعيات بالغة الأهمية لصد التهديدات ضد أمن الدولة والدفاع عن المصالح العليا للوطن.
وعن أدائها وكفاءتها وجاهزيتها الدولية، تناولها مركز أبحاث الاستخبارات الفرنسية في تصنيفه الذي نشر له في شهر نونبر 2022، معتمدا في ذلك على تحاليل ودراسات قدماء أطر ومسؤولي أجهزة المخابرات الفرنسية، ومن دون مفاجأة، فإن الأجهزة الاستخباراتية للقوى العالمية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين) تأتي على راس قائمة تصنيف هذا المركز، الذي ذكر بأن أجهزة المخابرات المغربية هي من بين أفضل الأجهزة أداء على الصعيد العالمي.
وحسب المركز الفرنسي لأبحات الاستخبارات، تضيف الجريدة، فإنه من الأسهل تصنيف القدرات العسكرية للقوات المسلحة لمختلف القوى العالمية من خلال اتخاذ حجم الجيش والأسلحة والمعدات العسكرية كمؤشر (الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والدبابات… وموثوقية اللوجستيك)، إلا أن مقارنة قدرات مختلف أجهزة الاستخبارات في جميع أنحاء العالم تعتبر الممارسة الأكثر خطورة وذاتية يضيف، ذات المصدر، لأن موظفي وموارد هذه الأجهزة يتم الاحتفاظ بهم سرية بعناية (حتى لو كانت أجهزة المخابرات تعرف تقريبًا بيانات الدوائر المعارضة)، وأن العمليات أو المعلومات الناجحة التي يتم جمعها لا يتم نشرها دائمًا.
وبالتالي، لايمكن تقييم أداء هذه الخدمات بشكل موضوعي إلا من قبل مسؤوليها.
وثانياً، لأن لكل دولة هيكلها الخاص من أجهزة الاستخبارات، والتي قد تشمل أجهزة المخابرات المحلية، وأجهزة الاستخبارات الأجنبية، وأجهزة الاستخبارات العسكرية، وأجهزة الاستخبارات الاقتصادية والمالية. وساهمت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، منطقيًا في تشكيل أقوى أجهزة المخابرات في العالم، وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وجهاز الاستخبارات السوفياتي (KGB)، وأدى سقوط الاتحاد السوفياتي في عام 1991، إلى حل المخابرات السوفياتية، وتكريس سيادة أجهزة المخابرات الأمريكية، التي شهدت صعود وكالة الأمن القومي (NSA)، أما روسيا فقد عرفت ظهور ما يسمى بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB).
ومنذ ذلك الحين، كان جهاز الأمن وكالة هائلة لمكافحة التجسس والشرطة السرية لسنوات. علاوة على ذلك، تمت ترقية فلاديمير بوتين من منصب مدير “FSB”، ودفعه في دجنبر 1999 إلى منصب الرئيس المؤقت للاتحاد الروسي، قبل أن يواصل عمله كرئيس لروسيا حتى يومنا هذا.
وفي الصين فإن الأجهزة تواصل تطوير أنشطتها في أركان العالم الأربعة من أجل خدمة المصالح الصينية، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، ولا سيما من خلال مشروع طريق الحرير. خلف هذه القوى الاستخباراتية الثلاث الكبرى يوجد جهاز المخابرات السري البريطاني والمديرية العامة الفرنسية للأمن الخارجي (DGSE) والموساد الإسرائيلي.
والأجهزة الاستخباراتية هذه لها قدرة عالية على الاستجابة (الاستخبارات والعمل السري) ولكنها لا تغطي العالم بأسره بصورة مستمرة. ويجد جهاز الاستخبارات المغربي مكانة بين القوى الأوروبية في هذا الترتيب مثل ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا أو العرب مثل مصر والمملكة السعودية والجزائر. فبالنسبة لإصدار المركز الفرنسي للأبحاث الاستخباراتية “فميزانيات وموظفي هذه البلدان متشابهة أو أقل من ميزانيات” الفئة الثانية” لكن العديد من هذه الدول يمكن أن تنضم إليها في السنوات القادمة، وبالتالي يمكن أن تكون فعالة مثل القوى الكبرى التي لديها مهمة تغطي جميع مناطق العالم، لكن ما يميز أجهزة المخابرات المغربية عن غيرها هو السمعة التي اكتسبتها في مكافحة الشبكات الإرهابية.
في الواقع، لا تمر سنة دون ترحيب المسؤولين الأمنيين والسياسيين الأجانب بتعاون الأجهزة المغربية في تفكيك الخلايا الإرهابية في الخارج. هذا ما حدث خلال هجمات باتاكلان في نوفمبر 2015 مع منفذي الهجوم على أساس المعلومات التي قدمها المغرب إلى فرنسا، ومؤخرًا، في يناير عندما حاول جنديا أمريكيا مواليا لتنظيم داعش تنفيذ هجوم بمدينة نيويورك فبفضل معلومات مغربية تم إلقاء القبض عليه، كما أن الاستخبارات المغربية نشيطة بالخارج كما كان الحال بالنسبة للرهينة الألماني بمالي الذي تم الإفراج عنه قبل أيام بفضل الوساطة المغربية. وإذا كانت المملكة المغربية، يضيف المصدر، أرضا للسلام وللأمن والاستقرار في منطقة غير مستقرة بدرجة كبيرة وتعاني من تهديدات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، فذلك يرجع إلى حد كبير لقدرة خدماتها على الاستباق وتوقع التهديدات من خلال الاعتماد على الموارد البشرية ذات المهارات العالية التي تشتغل في الظل من أجل المصلحة العليا للبلاد.
ووفقًا لعدد أبريل 2017 من مجلة «الدبلوماسية» فجهاز الاستخبارات هو المسؤول الأول على ضمان المعرفة بالبيئة المحلية والتحكم فيها، وتحديد فرص وضع السياسات وتحديد التهديدات التي يمكن أن تضر بمصالحها.
وتقع على عاتق جهاز المخابرات خمس مهام رئيسية تتمثل في الوصول إلى المعلومات التي يتعذر الحصول عليها بسهولة لتلبية احتياجات السلطات من المعلومات التي تتجلى في الكشف عن التهديدات التي تهدد السلامة الإقليمية والمصالح الاستراتيجية وأمن المواطنين فيما يتصل بالإرهاب والجريمة ومخاطر النزاع والأمن الغذائي والطاقة وما إلى ذلك ؛ثم توقع وفك رموز الاستراتيجيات الخفية ومعرفة النوايا والمناورات السرية للخصوم وكذلك الشركاء والحلفاء.