نورالدين كودري
في مقر ( التعاونية الفلاحة قصبة مديونة) التي تتواجد بأحد مناطق مديونة ( ضواحي الدار البيضاء )، يتحدث أحمد الرضواني رئيس التعاونية، بنبرة ملؤها التفاؤل بشأن أنشطة الفلاحين ومربي الماشية بهذه المنطقة ، بعد إطلاق البرنامج الاستثنائي لدعم العالم القروي .
داخل هذه التعاونية، التي تتواجد بها مواد يحتاجها، المزارعون لأنشطتهم الفلاحية، ومربو الماشية لقطعانهم ، يسترسل بإسهاب في الحديث عن وضعية المزروعات والمواشي، رفقة محمد زكريا الذي يعد من أبرز مربي الماشية بمديونة.
يستحضران بإحساس مطبوع بكثير من الحنين ، فترات التساقطات المطرية الغزيرة ، التي كانت توفر ، بشكل كاف ويزيد ، كل سبل الحياة بالنسبة للمزروعات وقطعان الماشية، مع التوقف في الوقت ذاته عند الوضع الحالي المطبوع بندرة المياه والجفاف نتيجة قلة التساقطات .
هذا الوضع ، كما قالا، يفرض على المزارعين والكسابة إكراهات كثيرة ، لكن المبادرة التي أطلقها، صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، لدعم الأنشطة الفلاحية ، أعادت الأمل للفلاحين والكسابين بشأن استئناف أنشطتهم ، الذي تضررت كثيرا بفعل الجفاف .
وأكدا أن الأمر يتعلق بمبادرة “جديرة بالثناء والإشادة، ” والتي ستخفف لا محالة من التكاليف التي أثقلت كاهل الفلاحين ومربي الماشية .
وأعربا عن الأمل، كما باقي الفلاحين ومريي الماشية ، في الاستفادة من تدابير الدعم التي وضعتها الحكومة في هذا السياق ، خاصة في ما يخص دعم الأعلاف ومختلف المواد التي تستخدم في الزراعات، وذلك من أجل إنقاذ الماشية والمزروعات ، مع الإشارة إلى أن أسعار الأعلاف وأصناف الأسمدة ، سجلت كلها ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة .
السيد الرضواني، الذي كان رجل تعليم قبل أن يغادره ويتوجه لمجال الفلاحة ، والذي راكم خبرة كبيرة في التعاطي مع الأنشطة الفلاحية ، وصف المبادرة الملكية بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح .
وفي سياق متصل ، أبرز الأهمية الكبيرة التي يكتسيها ورش تشييد السدود الذي تم إطلاقه في عهد ، جلالة المغفور له الحسن الثاني ، والذي يمكن المغرب من تعبئة مياه كثيرة توجه للفلاحة والشرب وأغراض أخرى ، لافتا إلى أن ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، يسير على نفس النهج ، كما يولي عناية كبيرة لمجال الفلاحة في مختلف تجلياته ، بما في ذلك توفير مياه السقي لمختلف المشاريع الفلاحية .
وفي هذا الصدد شدد على أهمية ترشيد الموارد المائية، وكذا البحث عن موارد أخرى كتحلية مياه البحر الموجهة للسقي، كما حدث في عدة مناطق ، مشيرا إلى أن تعميم ذلك كي يشمل المناطق المطلة على البحر سيعود بالفائدة على الجميع .
وعن عوامل الإنتاج من قبيل الأسمدة وغيرها ، قال إنها شهدت ارتفاعا في أسعارها ، وهو ما يثقل كاهل الفلاحين ، ومع ذلك يتحملونها ، لكن المشكل يقع في التسويق الذي يستفيد منه كثيرا الوسطاء .
السيد محمد زكريا ، الذي يعد من أبرز مربي الماشية بمديونة ، والذي يتوفر على قطيع مهم من رؤوس الأبقار ، قال إنه يتوفر حاليا على حوالي 96 من رؤوس الأبقار ، بعد أن باع مؤخرا حوالي 20 من رؤوس الأبقار نتيجة الجفاف وغلاء العلف .
لكنه استطرد قائلا ، إنه بعد إطلاق البرنامج الاستثنائي المتعلق بالفلاحة ، توقف تماما عن بيع قطيعه ، لأنه استبشر خيرا بأن الوضع الصعب بالنسبة لمربي الماشية سيتم تجاوزه لا محالة ، وذلك في انتظار أن ينعم الله على الجميع بأمطار الخير .
وبلغة الأرقام ، كما قال أيضا ، فإنه خلال فترات توفر الأعشاب والعلف بكثرة ، كان ينتج حوالي 1600 لتر من الحليب يوميا ، قبل أن يتراجع هذا الرقم حاليا ليصل إلى 1300 لتر يوميا .
ولفت إلى أنه يتوفر على تجهيزات حديثة تمكن من جلب الحليب من أضرع الأبقار بطريقة سريعة، توفر كل شروط النظافة، حيث يتم ضخ الحليب مباشرة إلى خزانين كبيرين يضمنان سلامة ونظافة الحليب وجودته ، قبل أن تأتي شاحنة صهريجية لنقله إلى الجهة التي يسوق لها حليب أبقاره .
هي إذن نماذج من أنشطة فلاحين ومربي الماشية وجدوا أنفسهم في مواجهة جفاف ، قالوا عنه ، إنه يذكرهم بجفاف مماثل حصل في ثمانينيات القرن الماضي ، لكن البرنامج الاستثنائي الخاص بالأنشطة الفلاحية ، أعاد لهم الأمل في ما يتعلق باستمرار أنشطتهم ، التي تساهم بشكل كبير في ضمان الأمن الغذائي .
الأنشطة الفلاحية الوطنية، التي وفرت الخضر والفواكه واللحوم بوفرة للمغاربة خلال فترة اشتداد الجائحة وفترات أخرى ، تضطلع بدور هام جدا في حياة الناس ، حتى في الصناعة الغذائية ، وهو ما يعني توفير فرص شغل كثيرة بشكل مباشر أو غير مباشر .