يعتبر قطاع المطاعم والمقاهي من أبرز القطاعات تضرراً في المغرب بعد مرور سنة على انتشار فيروس كورونا وبدء سياسات الإغلاق العام والجزئي التي شملت على الدوام المقاهي بشكل مطلق والمطاعم بشكل جزئي ما كلف هذا القطاع خسائر تاريخية غير مسبوقة.
الرباط – استنكر المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعم “التعامل اللامسؤول” للحكومة ولجنة اليقظة الوطنية مع شكايات ومقترحات أرباب قطاع المطاعم والمقاهي، للبحث المشترك عن سبل تجاوز تداعيات أزمة كورونا.
وأعلنت الجمعية في بيان لإضراب وطني إنذاري يوم الجمعة 9 أبريل لمدة 24 ساعة، ضد تجاهل الحكومة ولجنة اليقظة الوطنية لكل التنبيهات التي وجهتها لهما الجمعية.
ومنذ بداية الأزمة، حاول أصحاب المطاعم والمقاهي الصمود على أمل انفراجة قريبة في الوباء العالمي قبل أن تبدأ الكثير من هذه المشاريع بالإغلاق تدريجياً وذلك عقب تعاظم الخسائر وعدم وجود أفق لنهاية الأزمة وسياسات الإغلاق، فيما لا يزال آخرون يصارعون من أجل البقاء على أمل حلول لا تبدو قريبة في الأفق.
أوضحت الجمعية أن قرار الإعلان عن إضراب “إنذاري”، بعد استنفاذ كل المحاولات من أجل فتح الحكومة ولجنة اليقظة الوطنية نافذة حوار مع الجمعية، للبحث عن سبل وقف نزيف الإفلاس الذي ضرب القطاع، حيث لم تصمد عدد من وحداته أمام قرارات الحكومة ولجنة اليقظة الوطنية المتعلقة بوباء كوفيد19.
وعبرت الجمعية المهنية عن استيائها التام لعدم توفر الحكومة على أي تصور أو خطة لوقف نزيف الإفلاس الذي ضرب القطاع، ولعدم رغبتها في تصحيح الاختلالات التي تعرفها الترسانة القانونية التي يخضع لها قطاع المقاهي والمطاعم.
وكانت الحكومة المغربية، خلال اجتماعها الأسبوعي، اليوم، إنه تمت دراسة والمصادقة على مشروع مرسوم بتطبيق المرسوم بقانون القاضي بسن تدابير استثنائية لفائدة بعض المشغِلين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والعامِلين لديهم المُصَرح بهم وبعض فئات العمال المسْتَقِلين والأشخاص غير الأُجَراء المؤَمَّنِين لدى الصندوق، المتضرِّرين من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا، في ما يخص القطاع الفرعي المتعلق بالمطاعم.
وكشفت الحكومة، في بيان لها يوم الخميس 18 مارس الماضي ، أن مشروع هذا المرسوم، الذي قدمه وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز، يحدد صرف التعويض للعامِلين في القطاع الفرعي المتعلِّق بالمطاعم خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى غاية انتهاء سريان مفعول القرار الإداري القاضي بإغلاق المطاعم واستئناف النشاط.
كما يحدد مشروع هذا المرسوم أيضاً، كيفيات التّصْريح وتحديد فترة التصريح للعاملين في القطاع الفرعي المتعلق بالمطاعم.
وكانت الحكومة وفرت للعديد من العمال المتوقفين عن العمل المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تعويضات مالية في حدود 215 دولاراً شهرياً، كان آخرهم العاملون في قطاع تموين الحفلات والترفيه.
ويأتي قرار الحكومة بصرف تعويضات للقطاع في وقت يلوح فيه أرباب المطاعم والمقاهي في المغرب بخوض إضراب خلال الأيام المقبلة، مهددين بتحدي قرار الحكومة القاضي بتمديد حظر التنقل الليلي وإغلاق المطاعم والمقاهي على الساعة الثامنة ليلاً، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
وكانت “الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم في المغرب”، قد أصدرت، أخيراً، بياناً شديد اللهجة، وصفت فيه تمديد حالة الطوارئ الصحية بـ”الخطوة الحكومية المتهورة”، معتبرة أن اتخاذ هذا القرار “غير مبرر ويقود البلاد نحو التوتر الاجتماعي”.
وأبدت الجمعية استياءها مما وصفته باستخفاف رئيس الحكومة و”لجنة اليقظة” والوزارات المعنية بالقطاع من خطورة الوضع الذي يعيشه عشرات الآلاف من المهنيين ومئات الآلاف من الأجراء.
ومثلت الجمعية لذلك الاستخفاف بعدم تجاوب الحكومة مع مطلبهم بتغيير توقيت الإغلاق المتمثل في الثامنة ليلاً، مؤكدة أنّ القرار سيدفع أرباب المقاهي والمطاعم إلى خوض إضراب وطني، على أن يعقبه تحد للإجراءات والتدابير التي تفرضها السلطات.
ورداً على ما سمّته تجاهل وزارة الشغل وعدد من الوزارات المعنية بالقطاع لمراسلات واستفسارات المكتب الوطني، أعلنت الجمعية عن توجيه مراسلة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس لوضعه في الصورة حول خطورة الوضع الذي يعيشه التجار والمهنيون المغاربة جراء “القرارات الحكومية العشوائية والتعسفية والمتهورة، وعدم اتخاذ الحكومة لأي قرار يخفف من معاناة المهنيين المغاربة”.
وأوضحت أن تخطيها للحكومة ومراسلتها الملك جاءت لأن الحكومة لن تقدم “على اتخاذ أي تدابير لإيقاف نزيف الإغلاقات التي تعرفها وحدات القطاع جراء هاته القرارات، وبناء على تجاهل عدد من الوزارات والمؤسسات المعنية لعدد من الاستفسارات والمراسلات التي ينبه فيها المهنيون إلى خطورة الوضع القائم”.
وعلى أقل تقدير يوجد عشرات آلاف المطاعم والمقاهي المتنوعة في البلاد وأعداد أكبر في عموم المملكة يعمل بها مئات الآلاف من الشباب ومحدودي الدخل ويملكها مستثمرون صغار ومتوسطون لا يمتلكون القدرة على الصمود لفترة طويلة أمام التحديات الاقتصادية العظيمة التي فرضتها شروط الإغلاق الناتجة عن انتشار فيروس كورونا.
ومنذ آذار/مارس الماضي كانت المطاعم والمقاهي الهدف الأول لقرارات الإغلاق المختلفة التي اتخذتها الحكومة المغربية، وبينما أغلقت المقاهي بشكل كامل، سمح للمطاعم بالعمل عبر خدمة التوصيل إلى المنازل ومنعت من استقبال الزبائن منذ أشهر طويلة جداً، وهو ما أدى إلى تراجع عملها إلى أدنى المستويات على الإطلاق.
وبعد أن كانت المقاهي والمطاعم من أبرز معالم الكثير من الشوارع والمناطق السياحية والشعبية في المملكة، بات غيابها نذير شؤم للمواطنين الذي يراقبون يومياً الكثير من المطاعم والمقاهي التي اعتادوا على رؤيتها منذ سنوات طويلة وهي تتساقط واحدة تلو الأخرى في مشهد يصفه المواطنون بـ”المُحْزِنْ”.
وبات من شبه المعتاد يومياً أن تشاهد مطعما أو مقهى يقوم صاحبه بإغلاقه وإنزال لوحاته الدعائية ونقل معداته من أدوات المطبخ الكبيرة إلى المقاعد والطاولات وذلك بعدما يكون صاحب المشروع قد فقد الأمل بعودة قريبة للحياة الطبيعية واستنفد كافة مقومات صموده المالية لحين انتهاء الأزمة التي لا يبدو لها نهاية قريبة على الإطلاق.
وطوال أشهر الإغلاق، وبالإضافة إلى توقف الدخل بشكل كامل نتيجة توقف العمل، فإن أصحاب هذه المشاريع يضطرون للاستمرار في دفع بديل الإيجار والفواتير وبعض الضرائب إلى جانب دفع رواتب العاملين الذين منعت قرارات حكومية رسمية تصريفهم من العمل وباتوا يمثلون عبئاً هائلاً على عاتق أصحاب المشاريع.