سناء كباسي
بقلم : ادريس الروخ
علي سالم سليمان كان يعرف جيدًا ان غرفة نومه ليست كغرف النوم الاخرى ، فهي بدون باب لانه يعلم جيدًا انه لا يخفي بداخلها اسرار تفضحه ولا يخبيء فيها أموالًا لانه ببساطة ليس من هواة جمع الأوراق النقدية وتخزينها تحت الملابس او في علب الأحذية او داخل صندوق فولاذي ..
كانت غرفته تطل على الصالة الصغيرة المكونة من أريكة جلدية بنية اللون ومائدة خشبية وكرسي هزاز من قماش القطيفة ( المخمل ) الناعم والأصفر الفاقع اللون ، و على الحائط خلفه وأمامه لوحتين زيتيتين من الحجم الكبير ، واحدة ترمز لبحر مزبد وشمس تشرق وأخرى لبحر نائم وشمس تغرب ..
وكان قبل ان ينام -وغالبا لا ينام الا في حدود الساعة التالثة صبحًا بعد ان يكون قد أعاد قراءة احد اعمال التشيكوف المسرحية او القصصية ، فمنذ ان كان شابا وهو يعشق أنطون بافلوفيتش تشيخوف صاحب الشقيقات الثلاث وبستان الكرز والدب والعم فانيا ويحتفظ في مكتبته بغرفة نومه بكل كتاباته ..
بل يحفظ بعضها عن ظهر قلب ..وقد يحدث في مناسبات عدة ان يتحدث بلسان شخصياته ويضيف عليها من خياله لتصبح عنوانه في الحياة ..
لسليمان قصة طريفة مع تشيكوف وان لم يكن قد عاصره او التقاه ..فعندما كان يدرس بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء و كان يأخذ تقنيات الرسم من أستاذه جمال الذي تشبع بروح المدرسة الروسية في نقل الواقع فوق القماش وتحويله الى لوحات تأخد القلب والعقل وتسكر الروح ..
كان سليمان في كل محاولة لترجمة ما يقرأه في رواية او قصة او خبر في جريدة شد انتباهه يسرع الى اوراقه وكأنه على عجل مع الحب و يبدع في رسم عوالم ما اثاره وفي أسفل الصفحة يخط كتوقيع بدائي لم ينضج بعد ولم يعرف طريق الشهرة كما هو حاله الان ، كان يرسم دبا صغيرا …
وكان ذلك يضحك أستاذه في البداية وعندما تكرر ذلك مرارا بدأ يلقبه بالدب ، لم يزعجه ذلك خصوصًا انه يعرف جيدًا ان الاستاذ جمال ليس من نوع بعض الأساتذة الذين يسخرون او يستهزؤون من تلامذتهم ،بل كان يعني ما يقوله كنوع من التحفيز خلافا لأصدقائه الطلبة الذين كانوا يتحرشون به ويضحكون كلما سمعوا أستاذه ينادي عليه (الدب الروسي )