[success]المواطن24[/success]
هل تنجح التفاهة في حسم المعركة في بلادنا .. ؟ وينجح مسلسل الرداءة في التحكم في مفاصل مشهدنا العام .. ؟ مبرر هذه الأسئلة المريرة المستفزة ، هو ما يعتمل اليوم في مشهدنا العام سواء على مستوى النقاش الرائج حول الاستحقاقات المقبلة ، أو على مستوى التحركات في كل الاتجاهات لكائنات تحاول الآن ، والآن فقط .. التفرغ للشأن السياسي / الانتخابي ، بعد أن كانت إلى وقت قریب تنبذ كل حديث عن السياسة وأهلها ، بل هناك من يستغفر الله طالبا العفو من مجرد سماع حديثها … ! لكننا اليوم نلاحظ أن التفاهة تحاول تسَیّدْ مشهدنا العام .. كل التيارات العدمية والشعبوية الرافضة أصلا للفكرة الحزبية ، خلال الفترة الفاصلة بين الاستحقاقات الانتخابية ، تحاول اليوم ومع اقتراب موعد الانتخابات ، الانقلاب على مواقفها وتغيير افكارها والتخلي عن ” قناعاتها ” فأي دوافع هذه التي تدعم هذا الانقلاب على المواقف والتخلي عن القناعات والمبادئ .. ! ؟ كيف تحول السخط على ” الدكان و ساكنه ” إلى غزل وطلب ود عبر استجداء التزكيات … ؟ كيف يمكننا قراءة هذا المشهد السوريالي من ” فاعل ” رافض أصلا للمبدأ والفكرة إلى طالب ود و تزكية .. ؟ من ممسك عن الحديث عن السياسة والحزب وحانق على ممارسها .. إلى مدمن على تتبع أخبارها وتحليل تفاصيلها والتدقيق في كل جزئیاتها .. ! غريب أمر هؤلاء ، أن تتحول هذه الكائنات التي استفاقت للتو من سباتها إلى كائنات مدججة بخطاب اختزالي ، سطحي وتبخيسي ، فاقد لكل عمق فكري أو ايديولوجي أو أخلاقي قيمي … كيف يستقیم الحديث عن الديمقراطية من خلال فصلها عن أهم شروطها … ؟ كيف يستقيم الفعل الحزبي السياسي دون ربطه بشروطه السياسية الثقافية والاجتماعية … وأكثر من ذالك دون فعل تراكمي مثبت في الزمان والمكان … ! كيف يحاول هؤلاء ( … ) اليوم ترویج خطاب فئوي مقيث ، أو خطاب صراع أجيال مفترى عليه ، أو خطاب منتصر لسلطة المال ومنطق الأعيان المتجاوز بمنطق الزمن السياسي والدستوري الراهن .. كيف إذن نطلب من الأحزاب السياسية التأطير وفتح المقرات من منطلق وفكرة الوساطة كما تؤطر لها القاعدة الدستورية ( .. ) وفي نفس الوقت تغتال الفكرة الحزبية كما أسس لها غرامشي وغيره .. من خلال استباحة الفضاء السياسي بكل ما يحمله من رمزية ديمقراطية ( الاغورا ) وسياسية في مجال للتدافع الفكري ( .. ) من طرف سماسرة الانتخابات، عبر محاولة تحويله إلى فضاء مخصب للتفاهة والرداءة .. ؟ كيف يسمح، بمبرر القانون والمساواة من أجل اغتصاب السياسة وتشويهها وقتل ما تبقى لها من جاذبية .. ؟ الا تحتاج ممارسة السياسة ، احتراما لنبلها ، إلى شروط خاصة على غرار كل المجالات … وما قيمة كل التقارير التي تجمع على امتداد الزمن السياسي الفاصل .. ؟ ما فائدة كل عمليات التتبع والرصد والتوثيق إذا لم تكن عنصر فرز واداة تقييم واستحقاق .. ؟ أليس من باب أولى أن تشكل هذه الممارسات محطات مرجعية فاصلة في توفر الاهلية من عدمها … ؟ أليس عبثا أن ندعو (دستوريا / الفصل 7) إلى الشيئ ونقيضه .. ؟ إلى التأطير واللأتاطير إلى التنظيم واللاتنظيم .. ! أليس من باب الاجحاف أن نساوي بين (الحزب والمناضل) القابض على جمر العمل اليومي ، تأطيرا وتكوينا وتواصلا مع كل فئات المجتمع (شباب / نساء / مهنيين …) وبين من ينكرون ويتنكرون لهكذا وظائف…! فليجربوا القبض على الجمر بأيديهم ، وليجربوا كما فعلنا ونفعل يوميا .. فليجربوا مرة واحدة ، ولهم منا شرف التجريب والترشيح والتدبير ( كاع ) .. مع الأسف ، لقد تحول مشهدنا العام إلى حيز للمقاومة واليأس .. مقاومة لوبيات ومجموعة مصالح ومحترفوا التبخيس والتفاهة .. ويأس يزحف علی ربیع نتمناه مغربيا .. يزحف محاولا التهام بذور أمل جميل في فضاء مواطن .. يأس يحاول إعادة إنتاج التفاهة عبر الالتفاف على شرعية الاستحقاقات من خلال ترويض الفكرة وتطويع المشروع السياسي و استبداله وتحويله إلى مجرد ” کاتالوغ ” دعاية في يد ” حامل تجاري ” عوض أن يكون خارطة طريق لحزب باعتباره إطارا حامل للبعد الاقتصادي ، الثقافي و الاجتماعي .. يقال دائما أن السواقي لن تكون صافية إذا كان النبع آسنا ..
فلتنقدوا السياسة من زمرة التافهين الذي يعملون تحت طلب لوبیات مصالحية لا هم لها إلا أطماعها التي لا تعرف الحدود …
فلتنقدوا السياسة وقيمها من زحف الزواحف ..
فلتنقدوا الإرادة الشعبية بكل تجلياتها وخلفياتها الفكرية والفلسفية النبيلة .
فلتنقدوا المواطن من إغراءات الاستسلام والإخضاع والتخدير …
فلتنقدوا السياسة من هواة الصعود نحو الاسفل .. ومن محترفي الارتقاء نحو الأعلى …
رجاء افعلوا ذلك من أجل هذا الوطن الجميل …
ذ. سعيد المسكيني: عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية