تخيم عبد الفتاح
بينما كل الأنظار تتجه إلى ملاعب كرة القدم الخضراء في كأس العالم قطر 2022، تضل عناصر الأمن المغربية تراقب بحذر وتستشعر أي خطر يمكن أن يهدد أمن هذا العرس الكروي العالمي.
وإذا تم التماس الخدمات الأمنية المغربية، فذلك بسبب خبرتها المعروفة في المجال الاستخباراتي. حيث صنفت مؤسسة فكرية فرنسية متخصصة في الاستخبارات المخابرات المغربية من بين أكثر الأجهزة الإستخباراتية كفاءة في العالم.
المخابرات المغربية معتادة على العمل في الظل، وغالبًا ما يكون العمل في الظل موضوع أساطير وقصص غير معقولة لعملاء سريين بقدرات خارقة، تتجلى في أفلام التجسس بوفرة. ومع ذلك، فإن المهمة التي تؤديها هذه الأجهزة لها أهمية قصوى من أجل تفادي جميع التهديدات التي تشكل خطراً على أمن الدولة ومصالحها عبر العالم.
وفي حين أنه من السهل تصنيف القدرات العسكرية للقوات المسلحة للقوى العالمية، من خلال أخذ عدد الجنود ونوع الأسلحة والمعدات العسكرية كمؤشر (طائرات مقاتلة، سفن حربية، دبابات..)، إلا أن مقارنة قدرات مختلف أجهزة الإستخبارات في جميع أنحاء العالم أمر أكثر خطورة وتعقيداً. وذلك لأن الأجهزة الإستخباراتية تشتغل في سرية تامة، وأغلب العمليات الناجحة أو المعلومات التي يتم جمعها لا يتم إعلانها. وبالتالي، لا يمكن تقييم أداء أي جهاز إستخباراتي بشكل موضوعي ودقيق إلا من قبل مدراء هذه الأجهزة.
وتجد المخابرات المغربية مكانها في هذا الترتيب بين القوى الأوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا أو القوى العربية مثل مصر والسعودية والجزائر.
لكن ما يميز أجهزة المخابرات المغربية عن غيرها بشكل خاص هو السمعة التي اكتسبتها في محاربة الشبكات الإرهابية. فدائما ما يعترف الأمن الأجنبي وكبار السياسيين الأجانب بحنكة الأجهزة المغربية في تفكيك الخلايا الإرهابية خارج الأراضي المغربية.
هذا ما حدث خلال هجمات باتاكلان في نوفمبر 2015، عندما تم تحديد مكان منفذي الهجوم على أساس معلومات قدمها المغرب لفرنسا، ومؤخرًا في يناير 2021، عندما ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض على جندي أمريكي كان قد تعهد الولاء لداعش، قبل أن ينفذ هجومًا في نيويورك، وذلك بفضل المعلومات التي قدمتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
كما تنشط المخابرات المغربية في الخارج، حيث تدخلت هذه الأخيرة مؤخرا بشكل مباشر في عملية إطلاق سراح ناشط ألماني اتخذ رهينة من طرف جماعة إرهابية بمالي لأزيد من أربع سنوات.
وعليه، إذا كانت المملكة المغربية تشكل جزيرة للأمن والاستقرار في منطقة غير مستقرة للغاية، تعاني من الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، فإن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى قدرة المخابرات المغربية على توقع التهديدات وإبطالها بواسطة موارد بشرية مؤهلة تأهيلا عاليا، تعمل في الظل والخفاء من أجل تحصين المملكة المغربية من كل شر.