كباسي نجيد
يبحث المغرب أكثر من أي وقت مضى تعزيز رصيده الدبلوماسي في القارة الإفريقية، اعتمادا على ذراعه الاقتصادي القوي “الفوسفاط”، وذلك في استغلال للتغيرات الجيواستراتيجية التي يعرفها العالم في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وما استتبعه من طلب دولي متزايد على الاسمدة الزراعية. وبما أن المغرب يعتبر رائدا عالميا في إنتاج وتصدير الفوسفاط، يعتمد احتياطاته الكبيرة من المادة وتحويلها للأسمدة زراعية، وتوظيفها في العلاقات الثنائية مع عمقه الإفريقي، لعلها تكون ورقة قوية في يد الدبلوماسية المغربية.
اعتماد ورقة الفوسفاط، ظهر جليا أمس الأربعاء، عند زيارة الملك محمد السادس إلى الغابون ولقائه برئيسها علي بونغو أونديمبا، حيث أشرف الملك على تسليم هبة تتكون من 2000 طن من الأسمدة في مبادرة تضامنية ترمي من ورائها الرباط العناية بالفلاحين الغابونيين، ولاسيما في ظل السياق الحالي، الذي يتميز بالأزمة الغذائية العالمية وصعوبات التزود بالأسمدة.
ويراهن المغرب على توظيف ورقة الفوسفاط في علاقاته مع أكثر من أربعين دولة أفريقية، ما سيوفر 4 ملايين طن لدعم الأمن الغذائي بالقارة، وذلك بعدما منح نحو 500 ألف طن إلى دول أفريقية العام الماضي مجاناً أو بأسعار مخفضة.
الفوسفاط ورقة المغرب الرابحة
بالإضافة إلى ما تشكله عائدات الفوسفاط من العملة الصعبة، يقول عبدالعالي الكارح الباحث في العلوم السياسية، إن قطاع الأسمدة أصبح يساهم في تحقيق ريادة للمغرب على المستوى العالمي في كل ما يتعلق بالأمن الغذائي، وهذا يجعل المملكة تنسج مصالح اقتصادية مع مجموعة من الدول في أفريقيا وخارجها، ما جعلها تحظى بمكانة مهمة في الاستراتيجية الطاقية العالمية.
ورقة الأسمدة أصبحت بالنسبة للمغرب، مهمة للغاية إذ تبتغي تأثير كبير لاختراق المواقف الرسمية للدول، ويضيف المحلل السياسي أن قوتها في القارة الأفريقية لا تقاوم سيما بعدما استفحلت تأثيرات التغييرات المناخية وما تلاها من ندرة وارتفاع أسعار الغذاء. ويلفت إلى أن مختلف الدول الأفريقية تجعل من أولوياتها تحقيق أمنها الغذائي والذي لا يتأتى إلا عبر توفير السماد الضروري للرفع من الإنتاج.
يذكر أن نيجيريا تعد أكبر دولة أفريقية مستفيدة من الشراكة مع المغرب، إذ يوفر المجمع أكثر من 90 من المائة من الطلب السنوي على الأسمدة. وفضلاً عن تصدير الأسمدة، ضخّ المجمع استثمارات ضخمة في الدول الأفريقية من أجل مساعدتها على تحسين قدرات إنتاج الأسمدة، مع تقديم برامج للتدريب وبناء قدرات المزارعين في 35 دولة.
وتبقى من أبرز الإشارات على حضور الفوسفاط في سياق تحركات الرباط الدبلوماسية، ما تضمّنه البيان المشترك الذي أصدره وزيرا خارجية المغرب ناصر بوريطة وغواتيمالا ماريو بوكارو فلوريس في سبتمبر الماضي، من “تركيز على الزراعة والأسمدة في التعاون بين البلدين”، مع تجديد الأخير “التأكيد على دعم الموقف المغربي من النزاع”.