كباسي سناء
يخوض الممثل المغربي هشام إبراهيمي، تجربة تلفزيونية درامية جديدة، من خلالها يكشف بقوة عن مؤهلاته الفنية والتشخيصية العالية، التي تختزل بعمق واحترافية أزيد من ثلاثين سنة من سحر الوقوف أمام الكاميرا. الأمر يتعلق بالسلسلة الدرامية “قبر الحياة”، التي تعرض على القناة الأولى كل خميس، وهي مكونة من أربع حلقات، أخرجها بطريقة غاية في الإمتاع المخرج يونس الركاب، ﺗﺄﻟﻴﻒ نبيل المنصوري، وتعالج موضوعا اجتماعيا، يهم النصب العقاري على زبناء لمشاريع لم تنجز بعد. في السلسلة، وبغرض الاستثمار، يقتني “عماد” شقة في مشروع عقاري جديد وفي نيته تخصيص مفاجأة سارة لزوجته. لسوء الحظ يكتشف بأنه كان ضحية عملية نصب، ويصدم عماد أيضا حين تطلب زوجته الطلاق بسبب إخفائه الأمر عنها. يحاول رفقة باقي ضحايا المشروع العقاري الوهمي استرجاع أمواله، لكن ولأن المشاكل تأتي تباعا، يجد نفسه متورطا في جريمة قتل صاحب المشروع، قبل أن يصاب بفقدان ذاكرة جزئي، فهل تظهر الحقائق ويستعيد حقه؟ وهل يمكن أن تعود حياته لسابق عهدها واستقرارها؟. هشام ذو الملامح الصارمة، المتسلح، بمسار فني احترافي، يرافقه في تألقه اللافت بهذه السلسلة، عددا من النجوم لعل من أبرزهم، حسناء مومني، قدس جندل، أيوب أبو النصر، سحر الصديقي، فاطمة الزهراء الحرش، إضافة الى العربي أجبار، ورشيدة منار، مصطفى حسين، ومراد حميمو، نزهة بدر، الصديق مكوار، كريم بوملال، وغيرهم. في هذه السلسلة الشيقة، هشام ابراهيمي، بإطلالته الجديدة، حين يتقمص شخصية المقاول والمنعش العقاري، بكل خصاله وخصوصياته، في عالم المال والاحتيال، فهو بهذا ينقل بطريقة غاية في الذكاء، وبكثير من الأحاسيس عوالم نفسية تقيس مشاعر المشاهد ومن خلاله مشاعر المواطنين، ولكثير من المعاناة والجراح، التي يعانيها كل من اكتوى بنيران أصحاب المقاولات، بحثا عن بيت دافئ يأويهم، ويحقق لهم حلم العمر طالما حلموا به منذ زمان. ابراهيمي، الذي لم يعتد على مثل هذا الأدوار، استنادا الى أدوار سابقة قوية، وجد في دور المنعش العقاري، نوعا من المتعة والفضول الفني، أضاف الى ذائقته الفنية والتشخيصية طاقة إيجابية، ومناسبة حقيقية لإبراز قدراته في التشخيص، وملامسة الأحاسيس، والوصول إلى عمق الإشكالية انطلاقا من ايماءات وحوارات وتصرفات، بررت قوة شخصية عزيز، والدور الذي يلعبه في الحياة، للباحثين عن قبر الحياة. ابراهيمي في تصريحات صحافية متفرقة، أعرب عن سعادته بالمشاركة في هذا العمل، الذي وصفه بالمميز، كما ابرز القيمة الاجتماعية للسلسلة التي صورت بمدينة اصيلة، والمواضيع والقضايا التي يقيسها إلى جانب موضوع العقار الرئيسي، وهي تجربة جديدة، تعكس مرايا مصقولة تنعكس عليها قضايا المجتمع والمواطن المغربي، وبالتالي تكون التلفزيون في جانها الدرامي، المنصة الحقيقية القادرة، على الإمتاع، من خلال طرح أي إشكالية او ظاهرة، وإعادة صناعتها وفق رؤية فنية مبدعة.
بالمناسبة أثنى إبراهيمي على هذه التجربة وعلى التعامل مع المخرج يونس الركاب، الذي تربطه به علاقة ود وصداقة طويلة، وعلى أجواء التصوير التي وصفها ب “الرائعة”، والتي وفرتها بكل اريحية “مون افريك” كشركة إنتاج محترفة وبتنفيذ من إبراهيم الدامو، كما حبذ فكرة استمتاع الجمهور بالمغربي بالدراما المغربية على طول السنة دون الحاجة إلى انتظار رمضان، وهذا الامر يجعل المشاهد المغربي أكثر التصاقا وتحبيبا للانتاجات الوطنية، التي تعبر عن انشغالاته وهمومه. يذكر ان هشام إبراهيمي، هو ممثل مسرحي وتلفزيوني وسينمائي، وخريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، شارك في العديد من الأعمال المغربية والأجنبية الى جانب ممثلين عالميين كبار وتألق فيها، كما يعتبر من مؤسسي العصبة المغربية للارتجال. وقد انهى مؤخرا تصوير فيلم تخييلي طويل للمخرج كمال كمال بعنوان “أميرة جبل عصفور”، وآخر وثائقي طويل أشرف على إخراجه، ضور بمدينة بوجدور باقاليمنها الجنوبية، فضلا عن تصوير أول فيلم روائي طويل مع المخرج عبد الإله زيراط وفاتن محمدي. بهذه الإطلالة الجديدة، في قبر الحياة، يكون هشام قد فتح شرفة أخرى للمتعة الدرامية، ضمن شرفات سابقة أمتع فيها وأجاد، كما ساهم إلى جانب نخبة من نجوم الدراما المغربية في طرح قضايا اجتماعية ومحاولة معالجتها تلفزيونيا وفنيا. وبهذه الإطلالة الرفيعة، تعود بنا الذاكرة إلى أعمال قوية سابقة شارك فيها هشام، لعل من أبرزها “بنات اليوم” لمحمد نصرات، وسلمات أبو البنات لهشام الجباري، وهل يا ترى يعود لمحمد نصرات وهو في طور الانفتاح ، وأعمال سينمائية مثل “أصدقاء من كندا” لمحمد الكغاط سنة 2004، و”ضفائر” للجيلالي فرحاتي سنة 2000 و”مول الإحصاء” لهاشم العسري عام 2017، و”كبرو ومبغاوش يخويو الدار” سنة 2019، لنور الدين دوكنة، و”اكتشاف” سنة 2021 ليازيد القاديري.