بني ملال: رشيد البرهمي بني ملال
احتفاءً بذكرى رحيل أحد الرموز الشامخة في الكفاح الوطني والتحرري بمنطقة تادلة ، نظم الفرع الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي ببني ملال مساءَ السبت 08 يونيو 2024 بغرفة التجارة والصناعة والخدمات ندوة سياسية تواصلية حول موضوع : من أجل أنسنة الفعل السياسي وتشبيك العلاقات الحزبية في أفق إعادة الأمل ، وذلك بمشاركة نخبة من السياسيين والأكاديميين عن حزب الاتحاد الاشتراكي و حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية وحزب فيدرالية اليسار ، تناولت مداخلاتهم الحديث عن مناقب المغفور له أحمد مشيش
. في هذا السياق ، قال رشيد مشيش ابن المرحوم احمد مشيش مشيش الحضور البارز في حزب فدراليةاليسار ومستشار جماعي بقصبة تادلة في كلمة له بالمناسبة: فقد وجدتني مضطرا على التذكير ببعض الشذرات مما كان عليه الراحل حتى وان كنت اعلم انني لن استطيع توفيته حقه كاملا أكثر من أولئك الذين جايلوه وعاشروه واقتسموا معه الالام والأمال والاحلام، ولا أكثر من الذين تتلمذوا على يديه في كل المجالات لذلك وكواحد من اسرة آل مشيش وكواحد ممن عاش تحت كلفة داخل البيت وإلى جانبه في ساحة الكفاح والنضال ولو لمدة قصيرة من سنوات الجمر والرصاص.
وما تلاها من وقائع واحداث وانشقاقات وتصدعات كان لها الأثر البليغ على مشهدنا السياسي بشكل عام، وعلى اليسار المغربي بشكل خاص ، حيث التشرذم والبلقنة والتهافت وتغليب المصالح الشخصية البيئة التي غدتها الاختراقات المخزنية من جهة ، وزاد في تغديتها اشباه المناضلين الذين تسللوا إلى كل الأجهزة وحولوها إلى وكالات ودكاكين مغلقة في وجه المناضلين الصادقين والمنتفضين في وجه من احكموا قبضتهم على التنظيمات باشكال ملتوية وبعيدة كل البعد عن المبادئ السامية التي بنيت عليها هذه التنظيمات، ضاربين عرض الحائط ما تم التعاقد عليه مع الوطن والمواطنين. لذلك كله وغيره ، أجدد شكري للإخوة في حزب الاتحاد الاشتراكي الذين بادروا وأصروا على تنظيم هذا اللقاء احتفاء بالمناضل احمد مشيش وبغض النظر عن كونه والذي فإنه في نفس الوقت ملك لكل المناضلين الصادقين أيا كان انتماؤهم وبما ان المناسبة شرط كما يقال فلا يسعنى الا أن أشير إلى أن الرعيل الأول واحمد مشيش واحد من هذا الرعيل قد عمل جاهدا على غرس ثقافة الانسنة وتثمين الروابط الاجتماعية وتجدير العلاقات الحزبية في أفق بناء مجتمع ينعم بالحرية والديمقراطية والمساواة في الحقوق والواجبات.
ومن أجل ذلك قدم هؤلاء المناضلون تضحيات جسام غير عابئين بما رافق سنوات الجمر والرصاص وما بعدها من مكابدة ومعاناة فاقت كل التصورات. وبما أن اللحظة لحظة احتفاء بالفقيد احمد مشيش فلا بأس أن أقف عند بعض ما عرفته ويعرفه كل متتبع للشأن السياسي عن هذا المناضل. لقد عاش مستوعبا ومدركا ومؤمنا بان الاختلاف لا يفسد للود قضية، ومن تم عرف كيف يختلف على ارضية التعايش لقد عاش وحدويا وموحدا حتى ولو كلفه ذلك عداوات مجانية من طرف دعاة “أنا وبعدي الطوفان”، وكذلك المتزمتين والمنتصرين للانغلاق والشوفينة المقيتة. لقد عاش وفيا لمبادئه وأسرته واصدقائه وزملائه ورفاقه وفاء الكبار الذين لم يتحلوا ابدا عن انتمائهم للقاع المجتمعي بكل اهاته واناته واجزائه الكثيرة والمتعددة وكذا افراحه على قلتها.
لقد عاش رافضا لكل الأغراءات المسمومة ولكل اشكال الهرولة والانبطاح. لقد عاش مؤمنا بالقضية مند البدء وعمل جاهدا على جعلها أولى الأولويات وبشجاعة ناذرة وجرأة عصية على المقاومة.
لقد عاش مسترخصا كل شيء في سبيل استنبات ثقافة التضحية والصدق والوفاء والنزاهة ونبذ ثقافة الفردانية والوصولية والانتهازية بكل اشكالها. لقد عاش شامخا شموخ جبال الأطلس العنيدة ومات تقيا واقفا مرفوع الرأس رافضا الخنوع والخضوع والانبطاح كيف لا وهو الذي عايش ثلة من المناضلين في أول كتابة اقليمية بعد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي سنة 1975 بني ملال خنيفرة ازيلال، انذاك رفقة سي محمد بوكرين ولطفي وياسين وبرادي وعنفير ومنير وآخرين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. كيف لا وهو الذي قاد تجربة ناجحة بكل المقاييس كرئيس للمجلس البلدي بمدينة قصبة تادلة رفقة مجموعة من المناضلين الأوفياء الذين عملوا على القطع مع كل التجارب السابقة واضعين المدينة بما تحقق من مشاريع مختلفة وتدبير عقلاني وانفتاح على المواطنات والمواطنين في مصاف المدن التي يضرب بها المثل فيما ينبغي أن يكون عليه التسيير الجماعي.
كيف لا وهو الذي زاوج بين المهام الجماعية والبرلمانية بحنكة ودون تفريط فيما تقتضيه المسؤولية المحلية ومثيلاتها الوطنية وبانفتاح دائم مع الاجهزة الحزبية التي يستمد منها التوجيهات الكفيلة بضمان الوفاء لما تم عليه التعاقد مع الساكنة. كيف لا وهو الذي ساهم في تأسيس النقابة الوطنية للتعليم بعد مغادرتها للاتحاد المغربي للشغل بمعية مجموعة من المناضلين وفي مقدمتهم الجابري والضمضومي الذي انتخب كاتبا عاما لهذه النقابة. كيف لا وهو الذي خبر غيابات السجون، ونتوءة الزنازن وجبروت الجلادين وخرج منه منتصرا وأكثر إصرارا على مواصلة المسير ومؤمنا بان الارهاب لا يرهب المناضلين المخلصين والقتل لا يفنيهم، وقافلة التحرير تشق طريقها باصرار.
كيف لا وهو الذي ادى الأمانة وبلغ الرسالة واعطى كل ما يملك للقضية بكل تفان وشجاعة دون انتظار جزاء ولا شكورا. بكلمة واحدة، فالراحل عنا جسدا والحاضر معنا دوما روحا عاش مشكلا نموذجا للعفة والعزة والصمود والتحدي والمقاومة والصدق والانضباط والصبر والحلم والتسامح والتضحية والشجاعة والقدرة على المواجهة الجريئة والمسؤولة والتشيع بثقافة التجميع بدل التشتيت والتفكيك. لذلك اتوجه الينا جميعا من اجل الاقتداء بما ضحى من اجله الشهداء وكل المناضلين الشرفاء الذين أمنوا بالمبدأ بالقضية الى حد التماهي.
فالمجد والخلود للمناضلين الذين غادرونا في منتصف الطريق. والخزي والعار لأشباه المناضلين الذين لا يدخرون جهدا في المتاجرة بهذا الرصيد النضالي النقي الذي عمل المناضلون المخلصون على مراكمته خدمة للوطن والمواطنين اولا واخيرا
. في نفس الإطار ، شدد رشيد البرهمي المنسق الاقليمي لحزب التقدم والإشتراكية على ضرورة إعادة ضبط البوصلة بشكل يعيد للاحزاب السياسية قيمتها ومكانتها دون أي توظيف أو متاجرة أو محاولة لتحويل الشأن الإنساني أداة لتحقيق المصالح ، “فأنسنة” السياسة واجب عام يقع على عاتق الأحزب التقدمية والاشتراكية بشكل خاص من إجل إعادة الفعل السياسي إلى مكانه الخاص قصد تحقيق الديمقراطية ، الكرامة والعدالة الاجتماع