توفيق مباشر
في الوقت الذي يفتخر فيه المغاربة بإنجازات شبابهم في مجالات متعددة، من بينها الرياضات الإلكترونية (Esports)، يُصدم الرأي العام مجددًا أمام حادثة تكشف مدى الحيف و”الحكرة” التي ما زالت تنخر جسد الرياضة الوطنية. هذه المرة، الضحية ليس لاعبًا عاديًا، بل أحد أبرز الوجوه التي صنعت التاريخ في تمثيل المغرب والعالم العربي في المحافل الدولية: يوسف شريف.
رفقة زميله أيمن الأزمي، ساهما في إيصال فريقهما المحلي إلى المرتبة الثالثة عالميًا، في سابقة لم يحققها أي فريق عربي أو إفريقي من قبل في هذا المجال. والأدهى؟ أنهما حققا هذا الإنجاز التاريخي بلا أي هزيمة، وضد أعتى الفرق العالمية، ومن دون أي دعم فعلي من المؤسسة التي كان من المفترض أن تحتضنهما وتكرمهما.
أسماء مثل يوسف شريف وأيمن الأزمي ماشي غير لاعبين، هادو سفراء الرياضة الإلكترونية المغربية، مثّلوا المغرب فـ بريطانيا، ألمانيا، السويد، السعودية… وساهموا في خلق اسم لفريقهم فالساحة العالمية. ولكن عوض التكريم، كان جزاؤهم الإقصاء، الإهمال، وتحقير العقود التي وقعوها بصدق وبنية العطاء.
في لحظة مواجهة، قيل لهم: “ما عندكوم حتى علاقة بالفريق. العقود ماشي موقعة من طرفكم!”
تصوروا حجم الصدمة. لاعبين شرفوا البلاد، عطاو من جهدهم وصحتهم وحياتهم، يتقال ليهم بكل برودة: “نتوما ما كاتسواو والو.”
رغم توصلهما بعروض من فرق عالمية من تركيا، كندا، فرنسا، إسبانيا، والسعودية، قرر يوسف شريف البقاء وفاءً للفريق وللراية التي لطالما دافع عنها. رفض المال والمغريات لأنه كان يؤمن بـ”مشروع”، بـ”عائلة”، بشيء اسمه الانتماء.
لكن من الواضح أن الانتماء اليوم لا يُكافأ، بل يُستغل.
الحادثة ديال يوسف شريف وأيمن الأزمي ماشي غير حادثة شخصية، هي مرآة لوضع كارثي كيعيشه بزاف من الشباب فمجال الرياضة الإلكترونية وحتى الرياضات الأخرى. مواهب كتضيع، وأحلام كتموت، وكلشي ساكت.
أين المسؤولية؟ فين هي الرقابة؟ شكون كيدير تتبع ديال العقود؟ فين هو دور الجامعات؟ فين هي الكرامة الرياضية اللي كنسمعو بيها؟
اليوم، يوسف شريف قالها بصوت عالي، ولكن راه كاين يوسف فكل مدينة، في كل دار شباب، فكل فريق، وخصنا نسمعو ليهم قبل ما يفوت الفوت.
إذا كانت الوطنية هي العطاء دون انتظار مقابل، فإن ما وقع ليوسف وأيمن يُعد خيانة مزدوجة: خيانة للوطن الذي مثلوه بشرف، وخيانة لقيم الرياضة التي من المفترض أن تُبنى على الاحترام، الاعتراف، والتقدير.
وإلا فمرحبا ببلد يطرد أبناءه المخلصين، ويستورد بطولات بلا روح.


