بقلم عبد الله أيت المؤدن المواطن24
وباحث في العلوم القانونية والسياسة، واختصاصي في التواصل الفعال ورفع الأداء العالي للمؤسسات والافراد. في أجواء تتسم بالفخر والاعتزاز والإكبار، وفي أجواء التعبئة الوطنية الشاملة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يتم تخليد ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال التي يحتفل بها المغاربة قاطبة في 11 يناير من كل عام. هي من الذكريات الغالية التي تحتفظ بها الذاكرة التاريخية الوطنية.
في الحادي عشر من يناير، يتجدد العهد بالوطن، ويحيي المغاربة هذه الذكرى الغالية في قلوبهم، وهي محطة فارقة في تاريخ النضال الوطني. هذه الذكرى ليست مجرد يوم للاحتفال، بل هي مناسبة لاستلهام العبر والدروس من الماضي، وتأكيد الانتماء للهوية الوطنية، والتعبير عن الولاء للعرش العلوي السعيد. كما تشكل مناسبة للتعبير عن الامتنان والتقدير لكل من ساهم في تحقيق الاستقلال، وبذل الغالي والنفيس من أجل تحرير الوطن.
في ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال، يتذكر المغاربة لحظة فخر وإرث وطني عظيم . في 11 يناير 1944، قام رجال الحركة الوطنية، بقيادة الملك محمد الخامس رحمه الله، بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية الفرنسية، مما كان له بالغ الأثر على مسار العلاقات بين المغرب وفرنسا.
هذه الوثيقة، التي تعتبر إحدى المحطات الرئيسية في تاريخ الكفاح الوطني، حيث دعا فيها رجال المقاومة المغاربة إلى استقلال المغرب في عهد محمد الخامس بن يوسف، فضلا عن إقامة حكومة دستورية ديمقراطية تضمن حقوق جميع فئات المجتمع. وفي هذه المناسبة الوطنية تُنظَّم على الصعيد الوطني وفي مختلف مناطق المملكة المغربية ، العديد من الفعاليات والأنشطة التي تعبر عن عمق الانتماء الوطني، وتبرز أهمية الحفاظ على مكتسبات الاستقلال، والعمل على ترسيخ قيم المواطنة والانتماء.
إن الاحتفال بهذه الذكرى ليس مجرد تقليد، بل هو واجب وطني، يهدف إلى تذكير الأجيال الشابة بتضحيات الآباء والأجداد، وتعريفهم بتاريخ وطنهم العريق ثم ترسيخ الهوية الوطنية، وذلك بتعزيز الانتماء إلى الوطن، وتأكيد الالتفاف حول العرش العلوي المجيد، بالإضافة إلى بناء مستقبل زاهر من خلال الاستلهام من الدروس والعبر التي قدمتها لنا هذه الذكرى، والعمل على بناء مغرب قوي بقيادة رشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي رسم معالم وخطط التنمية الراقية للشعب والوطن من الأمن والاستقرار والازدهار في مختلف المجالات.
ولعل ما نؤكد به هذا الخطابات السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره التي تشكل من أهم المرجعيات التاريخية والسياسية التي تعكس رؤية جلالته الحكيمة لمسار الوطن، وتؤكد على أهمية هذه الذكرى في صون الهوية الوطنية وتعزيز اللحمة الوطنية. ففي التأكيد على أهمية الاستقلال: قال الملك محمد السادس: “إن الاستقلال ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو عقد اجتماعي بين العرش والشعب، تقوم عليه الدولة الحديثة، ويشكل العمود الفقري لهويتنا الوطنية.” ويضيف “إن الاستقلال هو ثمرة نضال طويل وشاق، بذل فيه الآباء والأجداد الغالي والنفيس.”
وهذه دعوة إلى العمل الجاد والمتواصل من أجل بناء مستقبل زاهر للمغرب. ومن جهة دور الشباب في بناء المستقبل للمغرب، نجد جلالته حفظه الله قال في احد خطبه السامية “إن الشباب هم عماد المستقبل، وهم القادرون على مواصلة مسيرة البناء والتنمية، وتحقيق المزيد من الإنجازات لوطننا”. كما قال : “أدعو الشباب إلى الاستلهام من تاريخ وطنهم، والعمل الجاد من أجل بناء مستقبل زاهر للمغرب.”
كما نجد أن تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، يحضر فيها دور المرأة، نعم المرأة التي وقعت الى جانب رجال الحركة الوطنية في الوثيقة. إنها مليكة الفاسي التي تعتبر رمزًا بارزًا في تاريخ النضال الوطني المغربي، وهي المرأة الوحيدة التي وقعت على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944. كانت مليكة مناضلة سياسية وكاتبة وناشطة اجتماعية، انخرطت في الحركة الوطنية المغربية منذ سن مبكرة، وساهمت بشكل فعال في الكفاح من أجل استرجاع الاستقلال. وهذا يدل على دور المرأة واهميتها في المشاركة الى جانب شقيقها الرجل في بناء الوطن.
وهذا ما أكده صاحب الجلالة الملك محمد السادس في قوله :” إن المرأة المغربية هي شريك أساسي في بناء الوطن، وهي تلعب دوراً حيوياً في مختلف المجالات.” وقال ايضا “أدعو المرأة المغربية إلى مواصلة مسيرتها، والعمل على تمكين نفسها، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.” مما يشير أن جلالته يستحضر أهمية المرأة ودعوتها إلى المشاركة في بناء الوطن. ومن أجل الحفاظ على المكتسبات من خلال الاستقلال قال الملك محمد السادس “إن الحفاظ على مكتسبات الاستقلال هو واجب وطني مقدس، يتطلب منا جميعاً العمل الجاد والمتواصل.
” وإننا مدعوون إلى مواصلة مسيرة البناء والتنمية، والعمل على ترسيخ مكتسبات الاستقلال، والمساهمة في بناء مغرب قوي ومتقدم.”كما عبر عن ذلك جلالته في الخطاب السامي. ايها القارئ الكريم ، إن ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال تحمل في طياتها مجموعة من الدروس والعبر الروحية والوطنية التي لا تزال حية في وجدان كل مغربي: فمن الدروس الروحية نذكر أن الإيمان بالله والاعتماد عليه هو القوة الدافعة وراء نضال الشعب المغربي، فالتوكل على الله والصبر والثبات على المبادئ هي السمات التي ميزت المناضلين.
وأما التضحية والفداء فلم يتردد المناضلون في التضحية بأرواحهم وممتلكاتهم من أجل الوطن، وهذا يدل على قوة الإيمان بالهدف السامي. ثم أهمية الصبر والثبات، بحيث واجه المناضلون العديد من الصعاب والتحديات، إلا أنهم صبروا وثابروا حتى حققوا النصر. ومن الدروس الوطنية التي نستقيها من هذه الذكرى نذكر على سبيل المثال لا الحصر الوحدة الوطنية: التي تجسدت في صفوف الشعب المغربي، حيث تكاتفت جميع الفئات الاجتماعية والقبلية من أجل تحقيق هدف واحد وهو الاستقلال. ثم الحب للوطن ، حيث كان هو الدافع الأساسي وراء النضال، حيث ضحى المناضلون بكل ما يملكون من أجل الوطن
. وأما الاعتزاز بالهوية فقد تمسك الشعب المغربي بهويته وثقافته، ورفض كل محاولات الاستعمار لتغييرها. دون ان ننسى أهمية القيادة ، فقد لعبت القيادة الحكيمة للملك محمد الخامس رحمه الله دوراً حاسماً في توجيه مسار النضال الوطني وتحقيق الاستقلال. ومن أجل هذا كله نحث بدورها على ضرورة الحفاظ على المكتسبات، إذ يجب على الأجيال الحالية أن تحافظ على مكتسبات الاستقلال وتعمل على تطويرها.ثم أهمية التكاتف والتعاون، بحيث ينبغي على جميع التكاتف والتعاون من أجل بناء مستقبل زاهر للوطن، فضلا عن الاعتزاز بالتاريخ: يجب على الأجيال الشابة أن تتعرف على تاريخ وطنها وتعتز به لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن بروح وطنية عالية.
إن ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال هي مناسبة لتجديد العهد بالوطن، والتعبير عن الفخر والاعتزاز بما حققه المغاربة. وهي أيضاً دعوة لنا جميعاً إلى العمل من أجل الحفاظ على مكتسبات الاستقلال، والمساهمة في بناء مغرب قوي ومتقدم، يعتز بتاريخه وحضارته، ويواكب التطورات العالمية. لقد كانت وثيقة المطالبة بالاستقلال علامة فارقة في تاريخ النضال الوطني، حيث جسّدت إرادة شعب مصمم على استعادة حريته وكرامته
. إذ لا يشكل إحياء ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال مجرد تكريم للماضي، بل هو تأكيد على استمراريتها في الحاضر والمستقبل. علينا أن نستلهم من روح تلك الوثيقة القيم النبيلة، وأن نعمل جاهدين على بناء مستقبل مشرق لوطننا، يحافظ على مكتسباته ويواكب التحديات المعاصرة، في ظل القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
دخول
Almouaten 24 -المواطن 24
طقس الأحد.. أجواء باردة نسبيا مع تشكل كتل ضبابية بعدد من مناطق المملكة