المواطن24
في صيف اواسط التسعينيات من القرن الماضي ينادي براح القبلية بصوت عالي وسط عتمة الظلام … الحاج عيسى وابنائه وسط فناء المنزل متكأ على وسادة فوق حصير من زعف النخيل، وصوت الحسين الثولالي يتناهى من موجة مذياع يلتقط اشارات متقطعة… ينادي الحاج عيسى ابنه بصوت فيه من التنفيذ المستجعل لامر:
“…. واا علي نقص هذاك الراديو… الله يحضر السلامة اش بغا يقول البراح… البراح ينادي قائلا ومن أعلى صومعة مسجد الدوار … لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الحبيب وسلام ، الله ينصر السلطان، الله يهدن الاوطان، الله يكسر مد لغلا، الله يعاون القبيلة ويعاون من عاونها، وما تسمعوا إلا أخبار الخير وغدا أن اشاء الله ، ضروري نحفروا الساقية البرانية ولي ما جا يتكرى عليه ترابوا… ولا اله الله عليها…. وحيث انتهى البراح نطق الحاج عيسى … واا علي واش ديك البالة جابتها من عندك اولاد خالك…
علي : مزال خدامين بها … وهنا لم يستسغ الحاج عيسى الأمر، وقال لابنه وغدا سير حفر الساقية بكرافسك…. طأطأ علي راسه ، ومد يده للمدياع لزيادة الصوت من شدة خوفه من ابيه… وهنا بدأ الحاج عيسى محاضرته الليلة وهو يمسك بمروحة يذاعب بها الهواء … واش ديما انا نبقى تابعكم… واش مكتعرفوا القيمة ديال الدوزان… إلى أي وقت من الزمن غادي ندوم ليكم… تقاطعه زوجته الحاجة فاطمة ، صافي الحاج يصبح ويفتح مولانا … هكا واحد الكأس ديال اتاي بعدا باش نجيبوا العشاء … الحاج عيسى : راه قلت ليك هذا الدراري مزال خاصهم الروداج … ياك عقتلتي داك النهار خلا الزنبيل في الجنانات والغبار معمر الروا سيمانا ،وهو يدور…
رغم ذالك كله يبقى الحاج عيسى ذالك الرجل الطيب ،المضحك ، و الصارم في الوقت نفسه … نوضي ا فاطمة جيبي لينا العشاء… احضر العشاء … كصعة من الكسكس وافراس والكرداس… اجمتع الحاج عيسى وابنائه حول مائدة العشاء، وامسك الملاعق بيده ،وأعطى لكل واحد من أبنائه واحدة إلا ابنه علي … قال له سير جيب البالة عند ولاد خالك كول بيها… وهنا ضحك الأبناء والزوجة وتناولوا العشاء متناسيا ما فات …. انها حنكة الحاج عيسى مع ابنه بطريقة ديبلوماسبة وتربية سلسلة في تمرير النصائح….”