بقلم الأستاذ الجامعي رشيد بوعبيد
“صدى الواحة” أو صوت الواحة ولعله في الحقيقة صرخة الواحة فالصدى هو الصوت المرتد أو الصوت المسموع بعد إصدار الصوت الأول الذي هو صرخة في وضعية مكانية تسمح بارتداد الصوت، ولطالما كانت الصرخة تعبر عن وضعية قلق وأنين أو حزن أكثر مما عبر عن شيء آخر، كما يمكنه أن يشير لذلك الصوت المنبعث من أعالي جبال الأطلس معبرا عن الشموخ والمقاومة والاعتزاز كذا عن جمال الطبيعة وانصهار الانسان فيها… ف “صدى الواحة
” ك سيرة ذاتية لصاحبها محمد واحد قد أطلق عبرها صرخات عدة على مآل الواحة التي فقدت الكثير مما عاشه المؤلف وأجيال من أهل الواحة، هي صرخات على واقع كان، هًم الحجر والنبات والحيوان والماء، وقبل كل هذا شغل الانسان الذي سكن الواحة… لقد أحيا محمد واحد ما اعتبرته الكثير من الدراسات الجغرافية والأنتربولوجية..
. دلائل وشواهد على موت الواحة بفعل التغيرات التي طالت واقعها في العقود الأخيرة، وهو واقع يمتد إلى حدود نهاية الثمانينيات من القرن العشرين على الأقل، وبذلك يمكن اعتبار هذا العمل والمجهود الذي قام به مؤلف “صدى الواحة”
الأستاذ واحد تأريخا وتوثيقا ليس للذاكرة الفردية فحسب بل جماعية إذ أنها في كثير مما حملته توثيق لوقائع تاريخية وشخوص بعينها ولتقاليد وأعراف “بمنطقة اغريس عامة وبقصور “واقة” و”مونحيا” خاصة وليساهم بذلك في حفظ الذاكرة الجماعية خصوصا وأنه يتحدث عن مجتمع واحي تقليدي بسيط تتشابه أوضاع وأدوار ساكنته، فلاشك أن يجد كل فرد نما وترعرع أو عاش في الواحة خلال تلك الحقبة جزء مهما من وضعيات تجرفه نحو حنين يراودنا جميعا نحو الصبا نحو التضامن والتآخي ونحو قيم عفوية، اختفت مظاهرها اليوم ربما لتتمظهر بشكل جديد وحديث أو بالأحرى ممأسس إلى حد ما كما
أريد لها أن تصير اليوم في ثوب الحداثة و المعاصرة…
والجميل في أعمال سي محمد واحد بالإضافة لشخصيته السمحة والعفوية المرحة، أن القارئ سيجده ذو مزاج عنيد كسائر أبناء بلدته يرفض ثقافة الوقوف عند لغة التباكي على الأطلال فله قدرة عجيبة على رسم آمال ملؤها التفاؤل تتجاوز بك غصة وضيق ضياع عبق ذلك الماضي العريق، وما يفسر هذه القدرة عند صاحب رواية “بنعيسى”
أنه انسان مقبل على الحياة إذ يؤكد عبر هذا العمل “صدى الواحة” أن تلك القيم وإن تلاشت مظاهرها فقد حمل أسسها ومعانيها الكثير من أبناء وكوادر الواحة نحو ربوع الأرض داخل الوطن وخارجه، وهكذا يكون “صدى الواحة” ذاك الصوت القوي الذي تجاوز نطاق الواحة لينادي أبناءها بأن لهم أدوار عظيمة في الوطن كما للواحة حق عليهم اتجاهها، فصدى الواحة كصوت سيبقى يرن وينادي لمعانقة أبناءه وبناته ولو خارج الواحة ذاتها..