المواطن24-متابعة
المهتم بالشأن المغربي، لايمكنه إلا التوقف عند ما حققه المغرب خلال السنوات الأخيرة، من زخم اقتصادي وتنموي ودبلوماسي وأمني واستراتيجي وتواصلي وإشعاعي، وخاصة بعد واقعة الكركرات، وما أعقبها من تطورات ومتغيرات جيوسياسية، لم تكرس فقط مغربية الصحراء، بل وبرزت معها معالم قوة مغربية إقليمية صاعدة، باتت لاعبا قويا في المسرح الإفريقي، ومدخلا لامحيد عنه للجواز الآمن إلى الأسواق الإفريقية الواعدة، التي تسيل لعاب اللاعبين الكبار من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وبلدان الاتحاد الأوربي وتركيا وغيرها .ومن الطبيعي أن تواجه هذه القوة الصاعدة، تيارات الرفض والتوجس والقلق والابتزاز والاستفزاز، سواء تعلق الأمر ببلدان الجوار الأوربي التي لاتنظر إلى النجاحات المغربية في إفريقيا بعين الرضى، أو بجيران السوء، الذين لم ولن يهضموا ما وصل إليه المغرب من بناء ونماء ومن نجاح اقتصادي وإشعاع دبلوماسي وأمني واستراتيجي، ولم يستوعبـوا بعد، أن المغرب تجاوزهم بكثير بدون نفط أو غاز، ولم يعد في جعبتهم، إلا اللعب على حبل العداء الخالد، والرهان على خطط المناورة والاستفزاز والابتزاز، في معركة خاسرة، ومع ذلك يصرون بغباء وعناد على خوض أشواطها وفصولها. ومن الطبيعي أيضا، أن يغير المغرب من الخطاب ويرفع من جرعات اللهجة في تعامله مع شركائه الأوربيين، الذين ظلوا لسنوات، أوفياء لازدواجية المواقف مخلصين لأساليب الابتزاز والاستفزاز في تعاملهم مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، ولم يكتف فقط بتغيير الخطاب واللهجة، بل وانتقل إلى مرحلة جديدة من التعامل، قوامها الحزم والصرامة كما حدث مع إسبانيا وألمانيا، سعيا منه إلى إعادة بناء شراكات متوازنة مبنية على قيم المسؤولية والمصداقية والوضوح وحسن الجوار والمنافع المتبادلة، تشكل قضية الصحراء المغربية خيطها الناظم والرفيـــع، وهي القضية التي باتت المحدد الأساس لأية شراكة محتملة، أما جيران السوء، فيكتفي المغرب بمواجهتهم بأدوات التجاهل وعدم الاهتمام، في إطار من التبصر والرزانة والحكمة ورجاحة العقل، مراعاة لروابط الأخوة والدين وقواعد حسن الجــوار. وهذا الصعود المغربي المشروع، يقتضي جبهة إعلامية وطنية موحدة، قادرة على مواكبة جهـود الدولة وهي تخوض معركة فرض الذات وبلوغ المناعة المرجوة، في محيط جيوسياسي إقليمي ودولي، تتحكم فيه لغة المصالح، وإذا كان الرهان على الصحافة الداخلية أمرا لا يمكن الاختلاف بشأنه، فإن معركة اليوم، تقتضي الرهان على الصحافة المغربية المهاجرة في بلدان المهجر خاصة في أوربا وأمريكا وباقي العالم، وهذه الصحافة بمستوياتها السمعية البصرية والورقية والإلكترونية، تبقى مطالبة بمواكبة ما يعيشه المغرب من دينامية متعددة الزوايا، ومسايرة واقع قضية الوحدة الترابية للمملكة وتسليط الضوء عند ما تحقق في جهات الصحراء من أوراش تنموية مفتوحة، حولت الصحراء إلى واجهة اقتصادية وتنموية محفزة على الاستثمار، وبوابة مفتوحة نحو إفريقيا. وموازاة مع هذه التدخلات، فهذه الصحافة المهاجرة، لابد أن تتحمل مسؤولياتها المواطنة في تعريف الرأي العام المحلي بقضية الصحراء المغربية ووضعه في صلب حقائقها التاريخية والقانونية والسياسية والدبلوماسية والتنموية، والحرص على التصدي لما يقــوم به أعداء وخصوم الوحدة الترابية ودعاة الانفصال، من مؤامرات ودسائس، وما يروجونه من أكاذيب ومغالطات وادعاءات، عبر صحافة “منبطحة” مهمتها الأولى والأخيــرة، استهداف المغرب ووحدته الترابية ومصالحه الاقتصادية والاستراتيجية، بكل الوسائل الحقيرة والأساليب القدرة، البعيدة كل البعد عن مهنة الصحافة وأخلاقياتها. ونحن نفتح ملف “صحافة المهجر” عبر هذا المقال، ندرك أن هناك العشرات من المنابر الإعلامية المغربية، التي تنشط في بلدان المهجر والتي يقف وراءها صحافيون من مغاربة العالم، كما ندرك أن هناك العديد من الوجوه الإعلامية المغربية التي نقشت اسمها بأحرف بارزة في عدد من المحطات الإعلامية في عدد من بلدان المهجر، وهؤلاء ومن باب المواطنة وخدمة قضايا الوطن ومصالحه العليا والاستراتيجية، لابد أن يتحركوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، لمواكبة الصعود المغربي، والدفاع عن المصالح العليا للوطن ببلدان الإقامة، والترافع عن قضية الصحراء المغربية عبر تقريب الرأي العام المحلي من حقائقها وتطوراتها في إطار من “المهنية” و”الأخلاق”، لقطع الطريق على أعداء وخصوم الوحدة الترابية وما ينتجونه من أكاذيب وادعاءات ومناورات ومغالطات، لابد أن يتم التصدي لها بالتكذيب والتفنيد بالحجج والبراهين والأدلة القاطعة. ومن باب الواقعية، من الصعب رصد واقع حال الصحافة المغربية المهاجرة، وعلى وجه التحديد الصحافيين المغاربة الممارسين عبر عدد من بلدان المهجر، من حيث أوضاعهم القانونية والتنظيمية، وتكوينهم ومدى انخراطهم واهتمامهم بقضايا الوطن ومدى تتبعهم للشأن الوطني، وإذا وجهنا البوصلة نحو هذه الصحافة المهاجرة، فنحن نقصد بدرجة أولى وأخيرة، الصحافة “المهنية” و”الأخلاقية” الذي تتقيد بضوابط المهنة وتلتزم بأخلاقياتها، وهذه الصحافة، نعول عليها، لتكون في الجبهات الأمامية، مدافعة شرسة عن مصالح الوطن وقضاياه المصيرية، عاكسة للثقافة المغربية الأصيلة وما تتفرد به من وسطية واعتدال، ومن غنى وتنوع واختلاف وسلام وتسامح وعيش مشترك، معبرة عن أوضاع مغاربة العالم، راصدة لتطلعاتهم وانتظاراتهم، متعقبة ما يرسمونه من قصص نجاح لابد أن يصل صداها إلى داخل الوطن، أما الصحافة “العشوائية” أو “التافهة” على وجه التحديد، فهي غير معنية بهذا الخطاب. بكل تأكيد فالصحافيون المغاربة ببلدان المهجر هم “سفراء” للوطن، ولابد أن يمثلوا بلدهم خير تمثيل بكل السبل الممكنة والإمكانيات المتاحة، عبر إنتاج محتويات مهنية رصينـة، خادمة في شموليتها لمصالح الوطن وداعمة لقضاياه المصيرية، وحتى لا نلقي كرة المسؤولية كاملة في مرمى هذه الصحافة المهاجرة، فالوزارة الوصية على القطاع، لابد أن تولي هذه الصحافة ما تستحقه من عناية واهتمام، لما تضطلع به من أدوار متعددة الزوايا، سواء تعلق الأمر بخدمة المصالح العليا للوطن في بلدان المهجر، أو في لعب دور “جسر العبور” بين “مغاربة العالم وبلدهم الأم، ونرى أن الضرورة تفرض الرهان أيضا، على الجبهة الإعلامية المغربية بالخارج، وهذا الرهان يمر قطعا عبر التعرف عليها ومد جسـور التواصل معها والاستماع إلى قضاياها وانشغالاتها وانتظاراتها، وتكريم أقلامها ووجوهها البارزة في إطار الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، وتمكينها من فرص المشاركة في دورات التكوين والندوات وغيرها، وفي جميع الحالات، فأن يكون الإنسان “مغربي” وتسري في دمائه “تامغاربيت”، معناه أن يكون خادما للوطن مدافعا عن مصالحه وقضاياه بتضحية ونكران ذات، حريصا كل الحرص على توهجه وإشعاعه، مهما كان الوضع والصفة والمكـــان والزمان، ولا يمكن أن نختم المقال، دون تحية كل مغاربة العالم الذين حققوا ويحققون قصص نجاح في بلدان الإقامة في عدد من القطاعات والحقول المعرفية، وبنجاحهم وتميزهم وتوهجهم، هم “سفراء” معتمدين للوطن، يقدمون صورة مشرقة ومشرفة وراقية لمغرب حبيب يسكننا ونسكن فيــه …