سليم لواحي
من ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُۥ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلًا .. صدق الله العظيم سأنطلق من قوله تعالى وما بدلو تبديلا كلمة رثاء للقائد النقابي الكبير الحاج السالكي العروصي
وإنا لله وإنّا إليه راجعون غيّب القدر مؤخرا قائدا »نقابيا كبيرا«.. تمرّس في العمل النقابي، وفي صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مناضلا منذ الخمسينات …
وبعدها النقابة الوطنية للتجار والمهنيين وعرفه العمّال و التجار مدافعا شرسا عن حقوقهم الاجتماعية والنقابية. لقد ترجل الفارس النقابي الكبير عن صهوة العمل النقابي والنضالي ، تاركا عمق بصماته في كثير من المحطات النضالية لمصلحة الحركة العمّالية المغربية ووحدتها، والتي لا يمحوها الزمن مهما طال، وغرس أفكارا ومبادئ في نفوس النقابيين والمناضلين والشباب الذين عرفوا شجاعته ومواقفه وابداء الرأي في الدفاع عن مصلحة العمّال واستقلاليتهم وقضايا أمّتهم وفي مقدمتها القضايا الوطنية.
وقد عمل لتوحيد الجهد والمواقف دفاعا عن عدالة اجتماعية وعن الطبقة الضعيفة في المجتمع فكان السي العروصي الصوت المدوي للذود عن عدالة وشرعية نضال أبناء اليسار في المحافل النقابية أينما توجّه وأينما حلّ وارتحل. لقد كان الفقيد الراحل عملاقا في تعاطيه مع المسائل التي تهمّ الطبقة العاملة ووحدتها، وقرارها المستقل عبر مراحل نضاله في نقابات العمّال وقد عرفته الساحة النقابية بمواقفه الصلبة دفاعا عن حقوق العمّال وحريتهم ومكاسبهم، ورفضه كل أشكال التبعيّة والوصاية على الحركة النقابية من أي طرف خارجي أو داخلي رسمي أو حزبي أو فئوي.
لقد تبوأ القائد النقابي السالكي العروصي مع رفاقه مكانة مرموقة وثقلاً نقابيا وسياسيا لا يُستهان به وقد رفع من صرح الاتحاد الاشتراكي ودائرة نشاطه ودوائره واهتمامه بالشباب العامل والمرأة العاملة والمتقاعدين من العمال، وأعطى للثقافة العمّالية وشمولية مضامينها بعدا واستراتيجية لنهج قائم على الحرية والاستقلال والديمقراطية،. أيّها الراحل الكبير… لقد كنت ودودًا… عظيما.. شامخا… كشموخ جبل تَوبقال… في تعاملك الأخوي مع زملائك النقابيين… نقّي الضمير وقلبك لا يعرف الحقد والضغينة… لقد كبر بك الاتحاد الاشتراكي وكبرت به وكثيرا ما كنّا نختلف في الرأي حول قضايا نقابية…
ولكن الصفاء لم يغادرك حين تهدأ النفوس… ولا يعرف الجفاء طريقه إليك… ولا الصغائر تثنيك عند الترفع والسمو… لقد عايشناك أكثر ممّا عايشنا الأهل والأقربين… ومازلت أذكر نقاشاتنا النضالية في مؤتمرات النقابة الوطنية للتجار والمهنيين ، حينما تأثرت بما مررت لنا من مواقف وافكار وقناعات راسخة عن اليسار وخدمة الشعب بدون مقابل في نكران تام للذات. السالكي العروصي ..
كنت في مقام الوالد وتركت من بعد رحيلك مبادئ نقابية سيحملها جيل بعد جيل من النقابيين الذين ترسّخت في نفوسهم تلك المبادئ والذين غرست فيهم حبّ الوطن والتمسّك بتلك المبادي القائمة على الحرية والديمقراطية والاستقلال والوفاء لمن سبقونا من القادة النقابيين الذين عبدوا طريق بناء صرح النقابات العمالية بالجهد والعرق والدماء. فنم قرير العين يا رمز النضال » أبا العروصي «. وسنبقى أوفياء للحركة النقابية ووحدتها ومبادئها.