كباسي سناء
وصلت القافلة التحسيسية للوقاية من المخدرات في دورتها الثالثة، التي ينظمها منتدى الآفاق للثقافة والتنمية، الجمعة الماضية تاسع دجنبر الجاري، برحاب الكلية المتعددة التخصصات بخريبكة، ضمن جولة حملات توعوية تشمل عددا من المؤسسات التعليمية وايضا المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية.
وتسعى هذا المحطة، الى خلق مزيد من التواصل الفعال مع الطلبة وفتح مجال للحوار حول موضوع “المخدرات” التي اكتسحت بشكل متزايد دون هوادة صفوف التلاميذ والطلبة، آملين في تحقيق الهدف الذي يصبو إليه المنتدى في الحد من هذه الظاهرة وأخطارها على المجتمع. وبالمناسبة تم تنظيم ندوة علمية، استهلت بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الطالب نبيل بلاجي، ثم تحية العلم، لتنطلق أشغال الندوة بكلمة ترحيبية من السيدة ياسمين الحاج رئيسة المنتدى، اكدت فيها على ضرورة التحسيس والتوعية بمخاطر للمخدرات.
من جهته، اثنى خالد السبيعي نائب عميد الكلية، على قيمة مثل هذه المبادرات الجمعوية، التي تلج المؤسسات التعليمية بهدف التوعية والتحسيس، فيما اكدت الاستاذة سعاد الشويتر ممثلة المجلس العلمي المحلي، أن المخدرات اضحى انتشارها امرا خطيرا يهدد الانسان، حيث قطع الشرع، والعلم بمخاطر المخدرات، حتي صارت أكبر مهدد للامن الروحي والاخلاقي والفكري والعلمي، والنفسي والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.
واضافت الاستاذة الشويتر ان الانسان، الذي استخلفة الله لعمارة الارض، اصبح في خطر عظيم منها، مبرزة اتفاق العلماء على حرمة تناول ما يؤثر على العقل من المواد والعقاقير المخدرة، وهو ما يحرم تعاطيها بأي صورة من الصور سواء كان بطريق الأكل أو الشراب أو التدخين أو السعوط أو الحقن بعد إذابتها. ولامست مداخلة الدكتورة بثينة الناصري بالمصحة التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، الأضرار الناجمة عن التدخين، خاصة المتعلق بالجهاز التنفسي كالتهاب الشعب الهوائية الحادة، والمزمنة، وسرطان الرئة، وأضرارا بالجهاز الهضمي منها فقدان الشهية، التهاب وقرحة المعدة وسرطان القولون، بالإضافة إلى أضرار أخرى على الجهازين الدوري والتناسلي وعلى الأم الحامل وجنينها وكشفت ان الدراسات، أثبتت أن تدخين كل سيجارة يقصر من عمر المدخن خمس دقائق، وان الإدمان، يزيد في الآثار الجانبية والمضاعفات عن التدخين، أهمها تأثيره على الجهاز العصبي، حيث إن المدمن دائما ما يكون محبطا وناقما على المجتمع المحيط، منعزلا، ضعيفا، عدوانيا، واحيانا تصدر عنه أفعال لا يرضاها الدين، ولا المجتمع مثل العدوان على الآخرين، السرقة بدافع شراء المخدر الذي يتعاطاه، عقوق الوالدين، ترك الدراسة وقد يصل به الحال إلى الانتحار.
ونوه الاستاذ يوسف الشيخ النائب الاول للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بخريبكة ورئيس الخلية الجهوية للعنف ضد النساء ، في مداخلته بهذه الحملات، مؤكدا ان المشرع المغربي كمثيله من المشرعين بهذه الظاهرة منذ بداية هدا القرن، فاتجه إلى مكافحتها كفاحا هينا نظرا لوجوده مع القوى الاستعمارية، التي عملت بشكل مباشر على انتشار وتركيز زراعته وتعاطي النباتات المخدرة وعلى رأسها مادة الكيف في العادات والتقاليد الاجتماعية للمجتمع المغربي. واضاف في نفس السياق، ان المشرع، أخذ يتشدد تدريجيا في العقاب على المخدرات، وذلك لشدة وطأتها وتزايد انتشارها، حيث أضحت هذه المشكلة تشكل وصفا لا يستهان به داخل المجتمع المغربي، لما أدركت ما يشكله استمرار الوضع من مخاطر مؤكدة على مستقبل البلاد ككل لا من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
كما اوضح الاستاذ الشيخ ان جريمة الاتجار في المخدرات تتحقق كلما كان قصد الفاعل من حيازتها، هو تقديمها للغير بمقابل سواء حصل على المقابل بصورة فعلية، أم لم يحصل عليه، كمن يعرض على الزبناء قطعا صغيرة من أجل تذوقها مثلا. واكد ان الجريمة تتحقق سواء كان المقابل نقدا أو القيام بعمل أو تقديم منفعة.
و الجريمة تتحقق بصرف النظر عما إدا كان الاتجار في المخدرات هو النشاط الوحيد الذي يقوم به الجاني، أو له أنشطة أخرى يقوم بها بالإضافة إليه، كأن يكون صانعا أو مستخدما أو موظفا، وبعبارة أخرى يستوي في تحقيق الفعل الجرمي أن يكون الاتجار في المخدرات هو الحرفة الرئيسية أو الثانوية للجاني. وقال الشيخ ” لقد عاقب المشرع المغربي على الاتجار غير المشروع في المخدرات المادة الأولى من ظهير 21/5/1974م وذلك بالنسبة للأفعال الصادرة عن الأشخاص المرخص لهم بالمخدرات لأسباب إنسانية وطبية كالأطباء، وفي المادة الثانية بالنسبة لأفعال الترويج الغير المشروع التي يرتكبها عامة الناس.
و الاتجار بالمخدرات واقعة مادية يستقل في تقديرها قاضي الموضوع ،واختتم الاستاذ الشيخ بان الكل مسؤول بما فيهم القاصرين (الاحداث) سواء في التعاطي ،او التحريض او المتاجرة”. وقدمت العميد حكيمة عدناني مداخلة قيمة حول المقاربة الامنية للافات والظواهر المجتمعية المرتبطة بالمخدرات خاصة بالوسط الجامعي، كالتعاطي والإدمان على المخدرات التي ترتبط بشكل وثيق بظاهرة العنف المدرسي والعنف والشغب الرياضي، وأيضا التوعية ضد هذه الآفة.
ووقفت عند مرتكزات تعزيز الثقة بالنفس لدى الطلبة كرجال الغد، وأهم المقومات التي تدفع بالشخص إلى الاعتزاز بذاته وثقته بنفسه، بالإضافة إلى التحسيس والتوعية بقيم المواطنة “المساواة والعدل والإنصاف والتسامح”. وشهد مدرج الكلية خلال هذه الندوة، مداخلات قيمة ونقاشات جدية من قبل الاساتذة والحضور والطلبة، كل واحد حسب تخصصه ومقاربته الوقائية أو العلاجية أوالزجرية، فكانت مداخلاتهم جريئة وصريحة وواقعية لحد بعيد، تؤكد على خطورة ظاهرة المخدرات على الفرد وعلى المجتمع، منوهين بهذه الحملة، ومناشدين الجميع لبذل المزيد من الجهود للتصدي لهذه الافة الخطيرة وتتواصل، فعاليات الحملات التحسيسية “لا للمخدرات” في دورتها الثالثة، التي كانت انطلقت في 30 من شهر نونبر الماضي، وتستمر حتى 30 من شهر دجنبر الجاري، تحت شعار ” روعة الحياة لا تفسدها بالمخدرات”، ورهانا من المنتدى