[success]المواطن 24/سناء كباسي[/success]
رمضان، شهر الخير والبركة والغفران، وهو شهر تعمّ فيه البركات وتكثر فيه الحسنات وتقل فيه السيئات؛ ففي شهر رمضان المبارك يُضاعف الله سبحانه وتعالى الأجر لعباده، ويغمرهم بعظيم لطفه ورحمته، فهو شهر استجابة الدعوات، وشهر العبادات، وفيه أيضاً يكثر تقديم الصدقات للفقراء والمحتاجين، وينتشر الخير بين الناس، وتكثر فيه صلة الأرحام وإقامة الولائم.
رمضان في المغرب، يتميز حيث تتسم لياليه بأجواء عامرة بالإيمان، وهو ما يتجلى في امتلاء المساجد بالمتعبدين كبارا وصغارا، غير أن المظاهر الرمضانية المغربية لا تقتصر على المساجد فقط، فما يجري من أحداث وفعاليات في الشوارع يجعل من يعيش في المغرب أو الزائر يشعر بقيمة رمضان وتميزه عن باقي الأشهر.
وعادة ما يغادر الناس منازلهم للانتشاء بسماع ابتهالات رمضانية تؤدى طوال الليل بأصوات شجية تجعل المستمع يتمتع دون أن يشعر بالوقت وهو يمر سريعا، ومنهم من يتجه للمقاهي المنتشرة في شوارع المدن الرئيسية يتناولون القهوة والشاي الأخضر، ويعوضون عن صوم النهار بالسهر للمناقشة والسمر.
ويمثل شهر رمضان في المغرب فرصة للذين يعانون البطالة كي يخرجوا منها ولو بشكل مؤقت أو موسمي، فتظهر وظائف رمضانية مثل بيع السلع التي يهتم بها الناس في هذا الشهر الكريم، ورغم أن هذه الوظائف تظهر في مناسبات أخرى كالمولد النبوي والأعياد إلا أن طول شهر رمضان يوفر لصاحبها دخلا معقولا، كما أن البعض الآخر يترك مهنته الدائمة ليعمل في مهن رمضانية توفر له دخلا أفضل ولو لمدة شهر واحد.
في هذا الشهر الكريم، تتجدد طقوس روحانية وتقاليد مؤثرة تستمد معالمها من روح التراث الشعبي المحلي، فالنفار وهو رجل يحمل طبلا بلديا قديما أو مزمارا ينادي الناس استعداداً للسحور، عنصر أساسي في معادلة أعراف المجتمع لا يفارق الأزقة والدروب والسكان،
والمائدة الرمضانية المغربية من أمتع الموائد العربية وأشهاها، وتجتمع العائلة المغربية حولها وهي عامرة بما لذ وطاب، ويأتي في مقدمة الأكلات الشعبية المغربية «الحريرة» وهي حساء غليظ من الحمص والعدس والشعيرية مخلوطة بالكزبرة والبقدونس والكرافس والطماطم والبصل،
بالإضافة إلى الأكلات الأخرى مثل خبز «البغرير» و«الرغايف» و«السلو» وهو معجون الدقيق والزبدة والسكر و«الشباكية» المعمولة من الدقيق والعسل والسمسم وماء الورد و«الكسكس» الذي يعد وجبة شعبية مفضلة في المغرب العربي شأنه شأن الكبسة التي تعد الوجبة المفضلة لدى معظم أبناء الخليج العربي.
وما أن يحل الشهر الكريم حتى تنطلق الألسنة بالدعاء إلى الله لكي يجعله بداية الخير ونقلة في حياة المرء، فتجد الناس يتبادلون الأدعية والتبريكات فيما بينهم فرحين بالضيف الفضيل الذي يغير حياتهم رأسا على عقب، وتعود فضيلة صلة الرحم لتطرق أبواب البيوت، وتفتح القلوب للآخرين بمحبة غير معهودة في الشهور الأخرى من السنة، حيث يتبادل الناس الزيارات في الأسبوع الأول من رمضان، حاملين لبعضهم البعض أطيب الأماني في شهر الإيمان والرحمة.