[success]المواطن24/ادريس سحنون[/success]
انعقد ـ ويا ليته لم ينعقد ـ الجمع العام لأولمبيك خريبكة لكرة القدم مؤخرا في جو مشحون بالملاسنات اللاذعة والكلمات الجارحة والألفاظ النابية وتبادل التهم ـ الخطيرة أحيانا ـ …
وحين يطغى على الجمع الصخب والهرج والمرج ويقف بعض
المنخرطين أمام المنصة معترضين، حاجبين الرؤية بين المكتب المسير
والحاضرين يغيب النظام وتضيع خطة تسيير الجمع وتدبيره ويطفو
الارتجال على السطح وتحضر الكلمات المسؤولة واللامسوؤلة وتنطلق
فلتات اللسان من عقالها…
غيرأن فلتة هذا الجمع كانت سابقة في تاريخ جموع أولمبيك
خريبكة ولنا أن نربطها بالصحوة والحس الديموقراطي والشفافية وربط
المسؤولية بالمحاسبة…
عبارة واحدة تفوه بها أحد المسيرين في حق بعض المنخرطين” لا
هم للبعض إلا البزولة” وجاء الرد عليها سريعا وعلى البديهة من صوت
قوي جوهري لأحد المنخرطين “أنت أيضا ترضع منها” كانت كفيلة
بقلب الجمع رأسا على عقب.
كانت لحظة قصيرة، خاطفة، لكنها كانت رهيبة، عقبها صمت
طويل، مطبق ومخيف، استغله البعض للتداول في شأن هذه العبارة،
الجامعة المانعة، خارج أحضان قاعة الجمع العام، وعادوا يحملون
قارورات المياه المعدنية وكأني بهم قد أدركوا أن كلمة” البزولة” عطلت
عمل الحناجر ووزعت القارورات على الأنصار والمعارضين والمعتدلين
على السواء.
قلت لصاحبي: ما البزولة؟
قال: مال لوصيكا ورزقها بالملايير.
وقطع حديثنا أحد المنخرطين الذي غادر الجمع وعاد إليه مسرعا، ليسلط
جام غضبه على المسيرين، مطالبا بالكشف عن أسماء العابثين
ب”البزولة”
قلت لصاحبي: وهذه القارورات التي توزع بسخاء وحفل الشاي… أليس
ذلك من”بزولة لوصيكا”؟
قال صاحبي: القضية ليست قضية فتات وحلوى تعفنت بحرارة الشمس.
إنها قضية الملايير… وسوء تدبير المال العام أونهبه حسب ادعاءات
البعض.
وأردف صاحبي قائلا: أنظر إنهم يتبادلون الأدوار والمواقع…وعدو اليوم
صديق الغد… اختلطت علينا الأمور …فأين المصلح؟ وأين المفسد؟
وانفض الجمع وطويت صفحته كغيرها من الصفحات، لكن كلمة
“البزولة” كانت أقوى من أن تلج طي النسيان، فسرعان ما تلقفها
نشطاء التواصل الاجتماعي لتلوكها الألسن من جديد…
فالكلمة ذات حمولة قوية، تحيلنا على دروس البلاغة بكناياتها
واستعاراتها. لقد شبهت فلتة اللسان لوصيكا بالبقرة وتركت للحاضرين
فرصة التفكير في وجه الشبه بينهما وسرح بنا الخيال إلى أبعد من
المستعار والمستعار له والقرينة وأثداء البقرة الأربعة وعجلها…
لنستحضر ما توصل إليه العلماء المعاصرون في عالم التغذية من أن
البقرة خلقت لترضع عجلها لا لتوزعه على البشر بعد أن تبين لهم من
خلال أبحاثهم الحديثة أن حليب البقر مضر بالإنسان خاصة من تجاوز
مرحلة الطفولة و”بزولة” لوصيكا بهذا المعنى لا تحل إلا لعجلها أي
فريقها، انتداب اللاعبين ـ مع إشهار مبالغ صفقاتهم ـ وتغذيتهم
وتنقلاتهم… وأجرة المدرب والموظفين… حرام على المكتب المسير لأن
عمله تطوعي ولأن من واجبه حسن تدبير المال العام أو قل حماية بزولة
لوصيكا، وهي حرام على المنخرط لأن عمله تطوعي يقتصر على مساعدة
المكتب على القيام بمهامه بما يرضي الله والضمير، حرام على عشاق
لوصيكا وكرة القدم لأن دورهم لا يزيد على تشجيع الفريق ونصرة الحق،
حرام على الإعلامي لأن من واجبه بامتلاكه للسلطة الرابعة أن يحرص
على ألا يقرب بزولة لوصيكا أحد ما عدا عجلها.
ليس من حقنا أن نوزع التهم أو نشيطن أحدا أو نسيئ الظن به
كيفما كان موقعه أوعلاقته بفريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم ولكن من
حقنا أن نتساءل ما البزولة؟ من المسؤول عن مغازلة حلمة لوصيكا أو
الاعتداء عليها؟ ولعل الإجابة عن هذه الأسئلة الحارقة وغيرها خير من
أن نتغنى بالكلمات الفضفاضة، المضللة: مصلحة الفريق، صعود الفريق
أو نزوله.