عزيز أخواض
نظمت الجمعية المعتمدة لدى الاتحاد الوطني لنساء المغرب، بتنسيق مع جمعية نساء بلا حدود بخريبكة، يوم الثلاثاء 19 نونبر 2024، بفضاء المرأة بخريبكة، يوماً احتفالياً بمناسبة عيد الاستقلال المجيد. تميز هذا اليوم بمحاضرة تاريخية ألقاها الأستاذ الصديق عربان، مدير ثانوية ابن عبدون، الباحث في التاريخ، سلط خلالها الضوء على تاريخ المغرب المجيد، ونضاله البطولي لاستعادة سيادته واستقلاله.
أكدت رئيسة اللجنة، السيدة زهور الحمداوي، في تصريح خاص لجريدة المواطن أن الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة “ليس فقط استحضاراً لتاريخنا المجيد، بل هو تجديد للعهد بالوفاء لتضحيات الأجداد، والتأكيد على المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً للحفاظ على مكتسبات الاستقلال. إن عيد الاستقلال يعكس أسمى معاني الوحدة الوطنية والتلاحم بين الشعب والعرش، وهو مصدر فخر وإلهام للأجيال الصاعدة التي عليها أن تحمل شعلة البناء والتنمية”
. وأضافت أن هذا اللقاء، الذي جمع بين الثقافة والتاريخ والنضال، “يجسد التزام المجتمع المدني بمواصلة غرس قيم المواطنة والاعتزاز بالهوية المغربية في نفوس الشباب والنساء على حد سواء، باعتبارهم عماد المستقبل وحماة المكتسبات الوطنية.”
الاستقلال: لحظة فاصلة في تاريخ المغرب استعرض المحاضر رحلة المغرب لاستعادة استقلاله من الاستعمار الفرنسي، موضحاً أن الكفاح الوطني كان نتاجاً لعقود طويلة من التضحيات والالتزام الشعبي، بقيادة رمز الأمة السلطان محمد الخامس. أشار إلى الدور المركزي الذي لعبه الشعب المغربي، من المدن إلى القرى، في الحفاظ على وحدة البلاد، رغم محاولات القوى الاستعمارية لزرع الفرقة وفرض الهيمنة الثقافية والسياسية.
توقفت المحاضرة عند واحدة من أبرز المحطات في تاريخ المغرب الحديث، وهي ثورة الملك والشعب. كانت هذه الثورة رمزاً لتحالف فريد بين العرش العلوي والشعب المغربي. تجلت هذه اللحظة في أسمى صورها عندما رفض السلطان محمد الخامس الضغوط الفرنسية للتخلي عن العرش، مما أدى إلى نفيه عام 1953 إلى جزيرة كورسيكا، ومن ثم إلى مدغشقر.
وأكد المحاضر أن هذا النفي كان الشرارة التي أشعلت فتيل المقاومة الوطنية، حيث وحدت المغاربة خلف قضية واحدة، وهي استعادة استقلال البلاد وعودة الملك الشرعي إلى عرشه. دور خريبكة ووادي زم في المقاومة الوطنية في سياق المحاضرة، أشاد الأستاذ الصديق عربان بدور مدينتي خريبكة ووادي زم في دعم المقاومة الوطنية. كانت هذه المناطق مسرحاً للعديد من العمليات الفدائية ضد المستعمر، وأظهرت قوة الشعب المغربي وقدرته على تنظيم صفوفه لمواجهة الاحتلال. لم تكن هذه المدن مجرد مناطق مقاومة، بل رمزاً للوحدة الوطنية والإصرار على التحرير
. من أبرز المحاور التي تناولها المحاضر، التأكيد على أن التحام الشعب المغربي مع العرش كان العامل الحاسم في تحقيق الاستقلال. فعلى الرغم من الظروف القاسية التي مر بها المغرب خلال فترة الاستعمار، ظل الولاء للسلطان محمد الخامس راسخاً في قلوب المغاربة، ما دفع بالمستعمر إلى إعادة النظر في سياساته. وأخيراً، في 18 نوفمبر 1955، عاد السلطان محمد الخامس إلى أرض الوطن ليعلن انتهاء عهد الحماية وبداية عهد جديد من السيادة الوطنية. اختتمت المحاضرة بدعوة الحضور، وخاصة النساء والشباب، إلى استخلاص العبر من تاريخ المغرب النضالي
. وأكد الأستاذ عربان أن هذه المحطات ليست مجرد ذكريات، بل دروس حية تُبرز أهمية الوحدة الوطنية، والتمسك بالهوية المغربية، والاستمرار في بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة. الاحتفال بروح المقاومة اختتم اليوم الاحتفالي بمجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية التي أضفت جواً من الفخر والاعتزاز بالهوية المغربية
. شكّل هذا اللقاء فرصة للتذكير بالقيم التي يجب أن تبقى حية في نفوس المغاربة، خاصة في ظل التحديات الراهنة. هكذا، كان فضاء المرأة بخريبكة شاهداً على حدث تاريخي يُعيد إحياء ذكرى الاستقلال، ويُبرز التضحيات التي قدمها أجدادنا ليبقى المغرب حراً مستقلاً، وأكد أن الحفاظ على هذا الإرث مسؤولية الجميع.