المواطن24
إسهاما منها في الارتقاء بالحياة المدرسية في أبعادها المتعلقة بالتنشئة الاجتماعية والتربية على القيم والانفتاح والتواصل والسلوك المدني، وحرصا منها على جعل الناشئة في صلب الذكريات والأعياد الوطنية المجيدة، خلدت المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والبحث العلمي والرياضة بالمحمدية، والمؤسسات التعليمية التابعة لنفوذها الترابي، خلدت على التوالي الذكرى 47 لحدث المسيرة الخضراء المظفرة، والذكرى 67 لعيد الاستقلال المجيد، عبر أشكال احتفالية متعددة الزوايا، انخرطت فيها بروح مواطنة، مؤسسات التعليم العمومي والخصوصي على حد سواء، وهمت كافة المستويات والأسلاك التعليمية.
احتفالات مفعمة بروح المواطنة وحب الانتماء للوطن، تنوعت بين الأنشطة التربوية والمسابقات الثقافية والرياضية، واللوحات الغنائية والمسرحية، والعروض والمحاضرات والندوات العلمية، انخرطت فيها الأطر الإدارية والتربوية، بما تقتضيه المناسبتين الوطنيتين، من جاهزية واستعداد وتضحية ونكران للذات، بتنسيق وتعاون مع جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ وشركاء آخرين، من باب المسؤوليات الفردية والجماعية، في استثمار أمثل للذكريات والأعياد الوطنية والدينية، وجعلها رافعة لإدراك وبلوغ ليس فقط مدرسة الجودة للجميع، بل ولجعل هذه المدرسة، مدرسة للتنشئة الاجتماعية والتربية على القيم الوطنية والدينية والانفتاح على المحيط والسلوك المدني، بشكل يساعد على بناء ناشئة مفعمة بالقيم الوطنية والدينية والإنسانية، ومتملكة لأدوات الانفتاح والتواصل الفعال، قادرة على خدمة الوطن بمسؤولية ومحبة وغيرة وتضحية ووفاء ونكران للذات، ورفـع ما يواجهه من تحديات وما ينتظره من رهانات.
في هذا الإطار، وبقدر ما ننوه بجميع المؤسسات التعليمية بالمحمدية في التعليمين العمومي والخصوصي، ونثمن انخراطها المسؤول في تخليد مناسبتي المسيرة الخضراء المظفرة والاستقلال المجيد، عبر حزمة من الأنشطة التربوية والثقافية والفنية والإبداعية والعلمية والتواصلية والإشعاعية، الخادمة للقيم الوطنية والسلوك المدني والتواصل والانفتاح والإشعاع، بقدر ما نرى أن الضرورة تفرض الإشارة إلى أن المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمحمدية، منخرطة في شراكات متعددة المستويات مع عدد من المؤسسات والفاعلين المحليين، وإن اختلفت أهدافها ومقاصدها، فهي تتقاطع في شموليتها، في خانة النهوض بالحياة المدرسية بكل فروعها وامتداداتها، خاصة في شقها المتعلق بالتربية على القيم الوطنية والسلوك المدني، وهي ذات الأهداف والمقاصد، التي يتم الاشتغال عليها على مستوى الأندية التربوية المعتمدة في عدد من المؤسسات التعليمية.
مديرية التعليم بالمحمدية، واقتناعا منها بأهمية ونجاعة الشراكات في خدمة الشأن التعليمي بالمحمدية، نجحت بخطوات ثابتة، في المرور الآمن والسلس، من “الإقليمي” إلى “الوطني”، بعدما أمكن لها التوقيع بتاريخ 29 يوليوز 2021، على اتفاقية شراكة وتعاون من العيار الثقيل، مع مؤسسة عمومية ذات طابع استراتيجي بحجم وقيمة “أرشيف المغرب”، ، تعد الأولى من نوعها على الصعيد الوطني بين مديرية إقليمية للتعليم والمؤسسة الحارسة على الأرشيف العمومي.
وهذه الشراكة التي وقعت من قبل السيد جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب من جهة، والسيد محمد اجبوري، المدير الإقليمي للتعليم بالمحمدية من جهة ثانية، تحت شعــار “تدبير الأرشيف والتربية على حفظه، تثمين للهوية وتقوية للذاكرة وتعزيز للمواطنة”، وإن كانت تتأسس على أهداف أرشيفية صرفة، مرتبطة “بتقديم أرشيف المغرب، للخبرة والمواكبة والدعم التقني اللازم للمديرية الإقليمية، من أجل تدبير أمثل للأرشيف المدرسي وفقا لمقتضيات القانون المتعلق بالأرشيف ومرسومه التطبيقي”، فهي في ذات الآن، تصب في اتجاه خدمة ما تتطلع إليه أنشطة الحياة المدرسية، من تربية على القيم ومن أنشطة تربوية موازيـة خادمة لقضايا الهوية والتراث والذاكرة، من منطلق أن التدبير الأمثل للأرشيف وتكريس ثقافته في أوساط الناشئة، والوعي بقيمته والتربية على حفظه، هو ممارسة معززة للهوية المشتركة وداعمة للذاكرة الجماعية ومكرسة للمواطنة وحب الانتماء للوطن.
وفي هذا الإطار وحرصا منها على أجرأة وتنزيل أهداف هذه الشراكة غير المسبوقة، انخرطت المديرية الإقليمية للتعليم بالمحمدية منذ التوقيع الرسمي للاتفاقية، عبر “لجنة التنسيق والتتبع”، في عملية “جني” ما هو متاح وممكن من الثمار الأرشيفية، عبر سلك ثلاثة مسالك مترابطة ومتفاعلة:
– أولها: تشجيع وبرمجة الأنشطة التربوية، التي من شأنها الإسهام في النهوض بواقع الممارسة الأرشيفية المدرسية على صعيد المديرية الإقليمية وكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية التابعة لنفوذها الترابي، بما فيها التحسيس بأهمية العناية بأماكن الأرشيف، وأهمية الحفظ الأمثل للتراث الوثائقي المدرسي، لقيمته التربوية والعلمية والحقوقية والحداثية والتراثية والتاريخية والهوياتية، والدفع في اتجاه “خلق فضاءات للذاكرة المدرسية”، لما لها من دور في حفظ وتثمين تاريخ المؤسسات التعليمية وصون هويتها وذاكرتها الجماعية.
– ثانيها: يرتبط بالدفع في اتجاه جعل تيمات “المواطنة” و”التاريخ” و”الأرشيف ” و”التراث” و”الهوية” و”الذاكرة” و”حقوق الإنسان”، في صلب أنشطة الأندية المدرسية، التي تبقى قناة محورية لامحيد عنها، لتمرير القيم، وبنـاء دعامات السلوك المدني الرصين.
– ثالثها: السهر على تنظيم وتأطير زيارات استطلاعية لمقر مؤسسة “أرشيف المغرب” بالرباط، لفائدة الأطر الإدارية والتربوية والمتعلمات والمتعلمين، لاعتبارين اثنين، أولهما: دعم أنشطة الحياة المدرسية في أبعادها التواصلية والإشعاعية، وثانيها: وضع أطراف المجتمع المدرسي في صلب واحدة من المؤسسات الوطنية الحاضنة للتراث الأرشيفي الوطني، من حيث ما تضطلع به من مهام واختصاصات وتدخلات، تصب جميعها في معالجة وحفظ وتثمين التراث الأرشيفي .
وسواء تعلق الأمر بالانخراط المباشر في تخليد وإحياء الذكريات والأعياد الوطنية المجيدة، وما يليق بها من طقوس الاحتفاء، أو بالانخراط المتبصر في مد جسور الشراكة والتعاون مع المؤسسات والفاعلين المحليين بالمحمدية، أو بالشراكة الوزانة مع “أرشيف المغرب”، تسعى مديرية التعليم بالمحمدية – عبر المؤسسات التعليمية التابعة لنفوذها الترابي- إلى خدمة أنشطة الحياة المدرسية وما يرتبط بها من تنشئة اجتماعية وتربية على القيم، ومن تواصل وانفتاح وإشعاع وسلوك مدني، وتروم النهوض بالأداء الأرشيفي المدرسي بمختلف المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية بالمحمدية، ونشر ثقافة الأرشيف في أوساط المجتمع المدرسي، وتدخلات من هذا القبيل، لن تكـــون إلا خادمة للقيم الوطنية، التي لايمكن تصورها بمعزل عن “الهوية” و”الذاكرة” و”التاريخ” و”الأرشيف” و”التراث”.
ونختم المقال بتهنئة كل الأطر الإدارية والتربوية بالمحمدية، لما أبلته من بـــلاء حسن، في سبيل تخليد وإحياء مناسبتين وطنيتين، بقيمة “المسيرة الخضراء المظفرة” و”عيد الاستقلال المجيد”، وهذين الحدثين، وإن اختلفت سياقاتهما التاريخية وطقوسهما النضالية والتحريرية، فقد تقاطعا في زاوية “الدفاع عن وحدة الأرض وسلامة التراب”، كما تقاطعا في مدارة “الوطنية الحقة” و”حب الانتماء للوطن” و”التعلق بثوابت الأمة” …، مع تهنئة خاصة للشعب المغربي قاطبة وفي طليعته، قائد الأمة وضامن وحدتها ومهندس مسيرتها الإصلاحية والإنمائية، جلالة الملك محمد السادس أيده الله، سائلين الله العلي القدير أن يشمل برحمته الواسعة، بطل التحرير، الملك محمد الخامس، ومهندس المسيرة الخضراء ومبدعها، الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، وكل شهداء الوطن، متمنيين أن يديم الله عز وجل، نعمة الأمن والاستقرار على هذا البلد الأمين.