ماجدة الفريمي
هي مدينة سامخة بتاريخها العريق ولها أبناء في أرجاء العالم من كل الجنسيات والديانات وأسماء وازنة لها مكانة مرموقة عالمياً. طنجة أقرب مدينة عربية وأفريقية وإسلامية لأوروبا،عاصمة شمال المغرب وعروسه، وأقرب مدينة عربية وأفريقية وإسلامية لأوروبا التي لا تبعد عنها إلا 14 كيلومتراً، تشتهر بسياحيتها وتمازج ثقافاتها. من معالمها الشهيرة مغارة هرقل، وميناء طنجة المتوسطي. تحظى طنجة بمكانة مهمة لكونها من المدن المغربية الكبرى من حيث عدد السكان والأنشطة الاقتصادية والصناعية والثقافية والسياسية. وتقع مدينة طنجة شمالي المغرب وتتوفر على واجهتين بحريتين، الأولى على المحيط الأطلسي
والثانية على البحر الأبيض المتوسط في أقصى شمال غربي القارة الأفريقية، وتبعد عن القارة الأوروبية 14كيلومتراً. يسودها مناخ متوسطي مُعتدل، وتعرف شتاء باردا ورطبا، وصيفا دافئا وجافا مع فترات بينية ممطرة، تتعرض في كثير من الأحيان لظواهر جوية حادة مثل الرياح القوية والأمطار الكثيفة، ويزيد معدل التساقطات المطرية فيها على 700 ملم سنويا. شهدت مدينة طنجة منذ عقود الهجرة القروية وحتى من بعض المدن المغربية ومن القارة الإفريقية.
وصُنفت 2007 ضمن المدن المغربية الغنية من حيث الدخل، خاصة من مداخيل أبنائها في الجاليات المغربية بأوروبا، وتحتضن منطقة صناعية كبيرة تضم مجموعة من المعامل والمصانع، سواء منها الخاصة بآليات السيارات أو الأسمنت أو الصلب وغير ذلك. تعززت قوة المدينة الاقتصادية مع بناء الميناء المتوسطي -الذي يعد من أكبر الموانئ في البحر الأبيض المتوسط- ووجود مطار دولي فيها، وشبكة مواصلات حديثة ومتنوعة (الطريق السريع والسكك الحديدية…)، مما جذب إليها عددا من الشركات والبنوك العالمية. سعى المغرب لجعلها مركزا اقتصادياً مهما في منطقة البحر المتوسط لتنافس المراكز الصناعية الكبرى بأوروبا في إطار مشروع “طنجة الكبرى” وذلك بفضل العناية المولوية السامية لهذه المدينة الشامخة بتاريخها المجيد وشهرتها الواسعة عالمياً منذ قرون،كما يرجع الفضل ايضاً لشهرتها للرحالة الطنجي
“إبن بطوطة”رحمه الله. ووجودها على مقربة من أوروبا جعلها مركزا تجارياً ومحطة تواصل بين حضارات مُتعددة ضاربة في عُمق التاريخ، مر بها الفينيقيون والبونيقيون والرومان والوندال وغيرهم، ولا تزال تحتفظ بآثار شاهدة على ذلك. وصلها الفتح الإسلامي فكانت نقطة عبور القائد طارق بن زياد سنة 711م لفتح إسبانيا وما جاورها وميلاد الأندلس، جعلها عدد من الدول الإسلامية التي تعاقبت على حكم المغرب مركزاً عسكرياً مهماً. تعرضت للغزو مرات عدة من البرتغال وإسبانيا وبريطانيا، وكان لسلطان الدولة العلوية إسماعيل بن علي الشريف (الملقب بمولاي إسماعيل والذي حكم خلال 1672-1727) والسلطان سيدي محمد بن عبد الله دور كبير في تحريرها، وطرد المحتلين الذي هدموا وخربوا كثيرا من معالمها. باتت بعد الحرب العالمية الثانية
-والمغرب محتل من الفرنسيين والإسبان- محط أطماع الدول الأوربية الاستعمارية، وحتى لا تستفرد بها إحداها تقرر إعطاؤها وضعا دوليا فأصبح لها إشعاع عالمي، وبعد استقلال المغرب أقيمت في المدينة منطقة حرة تفادياً لهروب رؤوس الأموال الأجنبية منها. وتمتلك المدينة معالم تاريخية وطبيعية جعلتها قبلة سياحية متميزة، ومن تلك المعالم أسوار المدينة العتيقة الممتدة على طول 2200م، والتي تحيط بالمدينة العتيقة وحي القصبة ودار البارود وجنان قبطان، وواد أهردان وأيت إيدر، وقد دعّمت تلك الأسوار
-التي رممت أكثر من مرة- بأكثر من أربعة أبراج ولها سبعة أبواب. من معالمها أيضاً مبنى السفارة الأميركية التي أقيمت على أرض أهداها السلطان مولاي سليمان الأول 1821 للولايات المتحدة وتعتبر أقدم مقر دبلوماسي أميركي في العالم، وهي المعلمة التاريخية الأميركية الوحيدة التي تقع خارج أرض الولايات المتحدة. وحُول المبنى 1976 إلى متحف يستعرض تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب العربي، ويضم لوحات فنية من التراثين المغربي والأميركي، بالإضافة إلى وثائق تاريخية مهمة وتحف ومنحوتات.
توجد في طنجة كنيسة القديس أندرو التي تعد من الكنائس الفريدة في العالم التي بُنيت وفق الفن المعماري الإسلامي وبأبراج على نمط مآذن المساجد المغربية، إضافة إلى مسجد السوريين الذي أسسته مجموعة من الأسر السورية لتخليد ذكرى المشاركة المغربية في حرب الجولان. تعد “مغارة هرقل” من المعالم الشهير في المدينة، وهي إحدى المغارات الكبرى في أفريقيا لامتدادها ٣
٠ كيلو مترا في بطن الجبل، وتشرف على المحيط الأطلسي قريبا من جبل طارق. كما عاشت في مدينة طنجة الشامخة شخصيات كبيرة في عالم الفكر والأدب، ومن أشهرها الرحالة ابن بطوطة، والكاتب الفرنسي جان ججينيه، والكاتبان الأميركيان بول بولز الذي وصفها بـ”مدينة الحلم” وبـ”بؤرة العالم”. وأقام بها مراسل “التايمز” اللندنية والتر هاريز وأوصى بدفنه في ترابها، إضافة إلى مشاهير في عالم الفن قضوا فيها فترات غير قصيرة كالمخرج الإيطالي بريناردو بيرتولوتشي، والروائية الفرنسية فيليسي ديبوا، والكاتب الروائي المغربي محمد شكري الذي كتب عن علاقة بعض الأسماء المذكورة بمدينة طنجة
. وتعد المدينة أحد المراكز الإعلامية المهمة بالمغرب ففيها يوجد مقر قناة “ميد 1 تي في”، وإذاعة البحر الأبيض المتوسط (ميدي 1) ومقرات مؤسسات إعلامية أخرى. نتمنى أن تعود الروح الدولية والثقافة والفكر والفنون الجميلة لهذه المدينة العريقة قنطرة الحضارات وهي الآن عاصمة لجهة طنجة تطوان الحسيمة.