عبد الله أيت المؤذن. عبد الله أيت المؤذن
Almouaten 24 -المواطن 24
تحتضن مدينة ورزازات، التي تزخر بتراث عريق من قصبات والواحات وجمال الطبيعة، في قلبها صرحًا دينيًا ومعماريًا فريدًا يجمع بين عراقة الماضي وإشراقة الحاضر: مسجد محمد السادس.
هذا المسجد، الذي يعد منارة دينية ورمزًا معماريًا للمدينة، ينهض اليوم من جديد ليؤكد على قوة الإرادة وعمق التضامن، بعد أن تضرر بفعل زلزال الحوز الذي هز المنطقة.
يتميز المسجد بتصميمه المغربي الأصيل، الذي يفوح منه عبق التاريخ والفن الإسلامي، حيث تروي كل زاوية فيه قصة إبداع وحرفية
مئذنته الشاهقة، التي تعانق السماء، وزخارفه الهندسية المعقدة، كلها تفاصيل تعكس التراث المغربي الغني وتجعله قبلة للعين والروح. لطالما كان المسجد مركزًا روحيًا واجتماعيًا نابضًا بالحياة، يجمع المصلين من كل حدب وصوب، ويغذي فيهم الروح الدينية والاجتماعية. لكن، قدر الله أن يختبر
صبر الأمة المغربية بزلزال الحوز المدمر، الذي وإن كان قد أحدث أضرارًا في المسجد، إلا أنه لم يكسر من عزيمة القائمين عليه
. فبفضل العناية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره أمير المؤمنين، انطلقت أعمال الترميم والإصلاح على قدم وساق، تحت الإشراف المباشر لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. هذا المشروع الطموح، الذي يحظى بتعاون وثيق بين الشركاء
والسلطات المحلية، ليس مجرد عملية بناء وإصلاح، بل هو إحياء لروح هذا الصرح العظيم. يهدف مشروع الترميم إلى إعادة المسجد إلى رونقه الأصيل، مع الحفاظ على طابعه المعماري الفريد، وإضافة لمسات عصرية تضمن سلامة المصلين وراحتهم.
إنه رمز للتضامن الوطني والإرادة القوية في الحفاظ على الأماكن المقدسة، وإعادة الحياة إلى الأماكن التي تضررت بفعل الكوارث الطبيعية. سيُعاد المسجد ليكون فضاءً آمنًا وهادئًا، يستقبل المصلين ويحتضن أنشطتهم الدينية والروحية، ويؤكد على مكانته كمركز حيوي في نسيج
ورزازات الاجتماعي. في النهاية، سيعود مسجد محمد السادس ليكون أكثر من مجرد مكان للصلاة، سيكون رمزًا للصمود والعزيمة، ومنارة تواصل الأصالة مع الحداثة، ومركزًا يفيض بالسكينة والطمأنينة. إنه دليل حي على أن الإرادة القوية والتضامن الوطني قادران على تحويل المحن إلى منح، وإعادة البناء من الأنقاض.




