المواطن24
لم يستوعب الشاب سفيان بعد كيف تحول إلى مدمن على مخدر “البوفا”، الذي حول حياته بين ليلة وضحاها إلى جحيم، على حد تعبيره.
يقول سفيان (28 سنة) : “بدأت أتعاطى “البوفا” في بداية الأمر رغبة مني في اكتشاف ذلك الإحساس الذي تحدث عنه البعض، وتلك النشوة والقوة الذهنية والجسدية التي يمنحها المخدر بمجرد استنشاقه، وهو ما تحول مع مرور الوقت إلى شعور بالقلق والخوف مع فقدان التركيز”.
وأضاف الشاب الذي توقف مؤخرا عن تعاطي المخدرات أن “السعر المنخفض لمخدر البوفا وتأثيره السريع في مدة لا تتجاوز 15 دقيقة هو ما يدفع البعض للبحث عن جرعات إضافية وما يؤدي بالتالي إلى الإدمان”.
ولا يتعدى سعر مخدر البوفا أو “كوكايين الفقراء” كما يطلق عليه في المغرب 50 درهما (5 دولارات) للغرام الواحد، وهو عبارة عن بقايا مخدر الكوكايين التي يتم طهيها على نار هادئة مع مواد كميائية من بينها الأمونياك حتى تتحول إلى مادة شبيهة ببلورات الكريستال.
وتحذر فعاليات مدنية ناشطة في مجال محاربة المخدرات من مخاطر انتشار هذا النوع من المخدرات بين الشباب على الخصوص لما ينطوي عليه من مخاطر قد تؤدي إلى تدمير الجهاز العصبي وتدفع المدمن إلى التفكير بالانتحار.
ووفق رئيسة الائتلاف المغربي لمحاربة الإدمان على المخدرات، رشيدة المقرئ الإدريسي، فإن مخدر “البوفا” الذي يتكون من بقايا الكوكايين بالإضافة إلى مواد أخرى، يشكل خطورة جسيمة على القدرات العقلية والجسدية لمن يتعاطاه، ويتسبب في نوبات قلق مصحوبة بهلوسة.
وأوضحت الإدريسي في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن المخاطر التي يشكلها البوفا والذي بات رائجا في أوساط الشباب بشكل متزايد تعد كثيرة ومتعددة، من بينها الشعور بالقوة والتجرد من الخوف مما قد يدفع إلى إيذاء النفس أو الآخرين.
وأضافت الناشطة المدنية أن “من بين آثار التعاطي لهذا النوع من المخدرات الشعور بالقلق الشديد والتوتر وفقدان القدرة على النوم لمدة تصل إلى 4 أيام مما يدفع البعض إلى استهلاكه مع أنواع أخرى من المخدرات مثل الحشيش الذي يمنح رغبة بالنوم”.
وبحسب الإدريسي، فإن أهم سبب وراء انتشار مخدر “البوفا” في أوساط الشباب والمراهقين هو “رغبتهم في اكتشاف التغيرات الذهنية والجسدية التي يتيحها استهلاك المخدرات مع سهولة استمالة هذه الفئة والتغرير بها من قبل تجار الممنوعات”.
ودعت المتحدثة كافة الأطراف لتنسيق الجهود لمحاربة ترويج المخدرات مع تكثيف الحملات التوعوية من أجل التعريف بمخاطر الإدمان عليها على الفرد والمجتمع.
صعوبة العلاج
ويثير مخدر “البوفا” قلقا شديدا في أوساط المختصين في علاج الإدمان على المخدرات، بسبب تأثيراته الوخيمة وتداعياته الخطيرة على صحة المستهلك وصعوبة العلاج منه.
ويشير المختصص في علم السلوك والبرمجة الدماغية بنيوسف أكجاج، إلى أن مخدر “البوفا” أو “كوكايين الفقراء” والمعروف أيضا باسم “الكراك” يعتبر من بين أخطر أنواع المخدرات الرائجة حاليا والتي يدمن عليها عدد كبير من الأشخاص.
وبيّن اكجاج في تصريح له أن هذا المخدر المعروف بسعره الرخيص والذي تقبل عليه بشكل خاص الفئات من الطبقة الفقيرة يعتبر من بين المخدرات التي يصعب معالجة الإدمان عليها، لافتا إلى غياب بتروكول طبي خاص بهذا النوع من الإدمان.
وتابع قائلا إن علاج الإدمان من مخدر البوفا يتطلب التحلي بعزيمة قوية للتوقف عن تدخينه أو استنشاقه، أو العزل في غرفة منفردة حتى يتخلص من الرغبة في هذا المخدر الخطير.
وكانت فعاليات سياسية ومدنية قد لفتت الانتباه مؤخرا إلى انتشار ظاهرة تعاطي مخدر “البوفا” بشكل واسع بمحيط المدارس بالنظر لسهولة استمالة التلاميذ وسعره المنخفض.
ويعتبر رئيس فدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمغرب نور الدين عكوري، أن ترويج المخدرات في محيط المدارس بات يشكل ظاهرة أدت إلى بروز سلوكيات منحرفة تتسم بالعنف بين التلاميذ وتمثل عقبة حقيقة أمام مسارهم التعليمي.
وشدد العكوري في تصريح له على ضرورة قيام أولياء أمور التلاميذ والأطر التعليمية بتبليغ مصالح الأمن عن أي انحرافات مرتبطة بترويج مخدرات سواء داخل المدارس أو في محيطها أو ظهور آثار تعاطي على أحد التلاميذ.
ولفت العكوري إلى أن محاربة هذه الظاهرة تستوجب الرفع من منسوب اليقظة وتشديد المراقبة في محيط المؤسسات التعليمية والضرب بيد من حديد على كل من يثبت تورطه في بيع المخدرات للتلاميذ أو استغلالهم في ترويجها داخل المدارس.