متابعةأف ب
قرار الرئيس الصيني، شي جينبينغ، التغيب عن قمة مجموعة العشرين الضوء على توتر العلاقات بين بكين والقوى الرئيسية الأخرى، وازدياد السرية في أعلى هرم سلطة الحزب الشيوعي الحاكم، وفق ما أفاد محللون فرانس برس.
أعلنت الخارجية الصينية، الاثنين، أن رئيس الوزراء، لي تشيانغ، سينضم إلى قادة كبرى اقتصادات العالم في نيودلهي نهاية الأسبوع، في تأكيد أن شي سيتغيب عن القمة.
لم تصدر أي مبررات لتغيب شي، علما بأنه لم يسبق أن تخلى عن حضور القمة منذ وصوله إلى السلطة باستثناء مرة واحدة عندما عقدت في روما عام 2021 وشارك حينها من خلال اتصال عبر الفيديو نظرا لقيود كوفيد.
يتناقض غيابه المرجح بشكل كبير مع مشاركته في قمة مجموعة “بريكس” للاقتصادات الناشئة، التي استضافتها جنوب إفريقيا الشهر الماضي.
هناك، كان شي في الواجهة، فيما اتفق التكتل على انضمام ستة أعضاء جدد، وهو ما وصفه الرئيس الصيني بالإنجاز “التاريخي”.
يعكس التأكيد على العلاقات مع بلدان العالم النامية جهود بكين الرامية إلى “خلق بديل للنظام الدولي الليبرالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية”، بحسب مدير معهد “إس أو أيه إس” الصين (SOAS China Institute) التابع لجامعة لندن، ستيف تسانغ.
وقال تسانغ لفرانس برس إن عملية إعادة التنظيم “صديقة للصين إن لم تكن متمحورة حول الصين، مع حشد الدعم وترسيخه في الجنوب العالمي”.
وأضاف أن “الصين لا يمكنها الهيمنة على مجموعة العشرين، وبالتالي لا تمنحها أولوية. لا أقول إن شي مناهض لمجموعة العشرين. كل ما هناك هو أنه لا يعتبرها بأهمية بريكس”.
ويقلص تغيبه المتوقع عن قمة مجموعة العشرين هذه السنة الآمال بإحياء التعاون مع القوى الغربية بعد حضوره الذي بدا فيه وديا، وإن كان مرتبا بعناية، في النسخة الأخيرة للحدث الذي استضافته بالي في نونبر.
توتر مع الهند
يرى خبراء أيضا أن القرار قد يكون مدفوعا بالتوتر التاريخي مع الهند.
وقالت مديرة برنامج الصين في مركز “ستيمسون” في واشنطن، يون سون، إن “تخلي شي عن حضور قمة مجموعة العشرين جاء مخيبا للآمال، لكنه غير مفاجئ”.
وأضافت: “لم تتسم العلاقات الصينية الهندية بالسلاسة منذ العام 2020، وتشتكي الصين من أن الهند تستخدم مجموعة العشرين لدعم مطالبها في أراض متنازع عليها”.
يدور نزاع حدودي منذ عقود بين بكين ونيودلهي، واندلعت مواجهات دامية على طول الحدود الشاسعة في منطقة الهيمالايا في السنوات الأخيرة.
كما أن الصين تشعر بالامتعاض من عضوية الهند في مجموعة “كواد” الرباعية، التي تضم أستراليا واليابان والولايات المتحدة، وترى فيها بكين محاولة لاحتواء نفوذها في آسيا.
وأفاد أستاذ العلاقات الدولية لدى “جامعة رينمين الصينية” في بكين، شي ينهونع، بأن الهند أبدت مؤخرا أيضا “معارضة أقوى لمطالب الصين في بحر الصين الجنوبي، وصعدت حظرا أو قيودا صارمة على صادرات الصين في مجال التكنولوجيا والاستثمارات المباشرة”.
وقال: “هذه (القضايا) قائمة منذ سنوات وستبقى لفترة طويلة في المستقبل، سواء وقعت أحداث ما في أي لحظة”.
وتوقع كثر أن شي قد يستغل قمة مجموعة العشرين للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، علما بأن الأخير أكد، الأسبوع الماضي، أنه سيصاب بـ”خيبة أمل” إن لم يحضر الزعيم الصيني.
سادت الخلافات بين بكين وواشنطن بشأن سلسلة قضايا في السنوات الأخيرة، انطلاقا من التجارة، مرورا بالتكنولوجيا ووصولا إلى حقوق الإنسان.
لكن سون لفتت إلى أن الاحتمال “الواضح بشكل متزايد” بشأن عقدهما اجتماعا في قمة “أبيك” المقررة في سان فرانسيسكو في نونبر، جعل على ما يبدو حضور شي لقمة مجموعة العشرين أمرا “أقل إلحاحا”.
سرية
تهربت ناطقة باسم الخارجية الصينية من الإجابة على أسئلة الصحافيين المرتبطة بتغيب شي خلال مؤتمر هذا الأسبوع.
ولدى سؤالها مباشرة عن سبب عدم حضور شي، قالت الناطقة ماو نينغ: “قدمت إعلانا مرتبطا بهذه المسألة للتو”.
ومن ثم كررت بيانا يفصل زيارة لي تشيانغ المقررة إلى الهند ولا يأتي على ذكر شي نفسه.
نادرا ما يكشف الحزب الشيوعي الصيني عن المعلومات المرتبطة بكبار القادة، لكن الأضواء سلطت مؤخرا على لجوئه المتكرر للسرية.
أقيل وزير الخارجية السابق، تشين غانغ، من منصبه فجأة في يوليوز ولم يظهر إلى العلن منذ ذلك الحين.
كما تغيب شي عن خطاب كان مقررا في قمة “بريكس”، فقرأه وزير التجارة باسمه.
وقال تسانغ إن “شي يقود الصين أكثر باتجاه الاستبداد. لذا، فإن زيادة الرقابة والسرية هما جزء من العملية”.
ورجح دبلوماسي من دولة في مجموعة العشرين أن شي يحاول التهرب من أي أسئلة صعبة مرتبطة برفضه إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال المصدر لفرانس برس: “لا يحب الإمبراطور أن يُسأل أسئلة غير مريحة”.