إدريس سحنون
السلطات المختصة بالرباط تعاملت مع الأساتذة المتظاهرين بأناقة ورقي.
سليمان العمراني يصدر فتوى شرعية في إغلاق المساجد برمضان احترازا من كورونا الليلية ويغض الطرف عن كورونا النهارية.
بعد تأجيل مروره ببرنامج “حديث مع الصحافة” الذي يبث على القناة الثانية “دوزيم”، والذي أثار العديد من علامات الاستفهام، استضاف عبد الله ترابي مقدم البرنامج ،يرافقه محمد بلقاسم الصحافي بموقع هيسبريس سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لمدة ساعة لمناقشة مجموعة من القضايا كالوضع الداخلي لحزب العدالة والتنمية واستعداداته للانتخابات المقبلة وموقف سليمان العمران من مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية…
و بخصوص آخر الأحداث التي وقعت في المغرب المتعلقة بما يسمى بالأساتذة المتعاقدين أو الذين فرض عليهم التعاقد قال العمراني :إن الأمر يتعلق بأساتذة الأكاديميات وليس بتسمية أخرى كما أنه شدد على أن السلطات المختصة بالرباط تعاملت مع الأساتذة أسفه المتظاهرين بكل أناقة وبرقي مع الاحتجاج ولم تسجل أية أحداث مبديا في نفس الوقت
على ما وقع من تعنيف في حقهم وربط التعاقد بتوسيع الجهوية المتقدمة وقزم ملف التعاقد في نقطتين اثنتين هما الانتقال من أكاديمية إلى أخرى وموضوع التقاعد الذي لا يحكمه الصندوق الوطني للتقاعد في الوظيفة العمومية ولسان حاله يحث الأساتذة على الالتجاء إلى صندوق تكميلي للتقاعد.
وفي معرض رده على حزب الاستقلال في هذا الموضوع حمل أمينه العام نزار بركة مسؤولية عدم حل مشكل الخصاص في التعليم عندما كان وزيرا للاقتصاد والمالية وكان المرحوم الوفا ـ من نفس الحزب ـ وزيرا للتربية الوطنية، واللجوء الى هذا التوظيف الجهوي في رأي العمراني أملته الحاجة الملحة.
وعن حظر التجول الليلي فيما بين الساعة الثامنة مساء والساعة السادسة صباحا بفعل فيروس كورونا أكد العمراني أن حظر التنقل في محله ،مشددا على أن ثقة المواطنين بحكومتهم وتعاملها مع الجائحة ارتفعت إلى 50% وأضاف أن المغرب يعتلي كرسي الريادة العالمية في مواجهة الوباء وربط هذا الحظر بالجيل الثاني لكورونا وحاول حسم الأمر بالاختباء وراء ما أسماه باللجنة العلمية للحكومة التي “تفتي” في أمر الحجر الصحي وضرب تحت ذريعة التدبير الوقائي لهذه اللجنة حقوق العاملين في القطاعات غير المهيكلة كعمال المقاهي والمطاعم وتوسل مرة أخرى بالمصطلح الديني في ربطه إغلاق المساجد ومنع صلاة التراويح في رمضان ب”الرأي الشرعي” .
واكتفى بإبداء الأسف وتهوين الأمر بكون الدولة قد أبدعت صندوق كوفيد 19 وبإمكانية ـ دون ضمانة ـ استفادة العاملين في القطاع غير المهيكل منه مرة أخرى بعد أن استهدف فئات هشة عريضة.
وفي الشق السياسي حاول محمد بلقاسم الصحافي بموقع هسبريس جاهدا إحراج العمراني وملاحقته بأسئلة حارقة، لكن الضيف متمرس في التعتيم واللف والدوران فحزب العدالة ـ في اعتقاده ـ ليس ضحية ولا يمارس المظلومية في شأن القاسم الانتخابي وإنما الضحية هو الدستور والديموقراطية، فهولا ينفي ديموقراطية تصويت فرق المعارضة وفرق الأغلبية باستثناء العدالة والتنمية على تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين لا المصوتين ولكن جوهر قاسم الانتخابات على أساس المسجلين في رأي العمراني غير ديموقراطي وبهذا يكون قد ابتدع مفهوما جديدا للديموقراطية وهو أن الديموقراطية ليست ديموقراطية، لأن الدستور يعلو ولا يعلى عليه وكل ما يخشى منه المتحدث هو نسبة التمثيلية في معركة الانتخابات المقبلة.
وهي جوهر النقاش الدائر حول القاسم الانتخابي، والبؤرة التي تثير الكثير من الحدة والصراع بين العدالة والتنمية وباقي الأحزاب التي تدافع عن تعديل صيغة احتساب القاسم الانتخابي.
وتساءل محمد بلقاسم عن ثقة المغاربة في العدالة والتنمية العدالة التي باتت مهزوزة بعد حصيلة باهتة لولايتين تشريعيتين متتاليتين ووضع داخلي للحزب مقلق وإشكالات مرتبطة بالفرقاء والقاسم الانتخابي … وكعادته يلتجئ إلى تلميع صورة حزبه، فهو يمتلك حصيلة مشرفة جدا
في الحكومة والجانب الاقتصادي والاجتماعي وفي الجماعات الترابية والشأن الداخلي للحزب يعيش حالة قلق عابرة ،تعبر عن حيوية الحزب ولا تحد من قوة الحزب ويكفي تعبئة مناضليه للذهاب إلى الانتخابات المقبلة بحصيلة مشرفة.
ومن بين الأمور التي حظيت باهتمام بالغ خلال هذا البرنامج موضوع القنب الهندي والخرجة الإعلامية لبنكيران رئيس الحكومة السابق التي أبانت عن تناقض صارخ في تعامل حزب العدالة والتنمية مع هذا الملف ، فالأمانة العامة للحزب تتحفظ على مشروع القنب الهندي الطبي والمجلس الوطني يرفضه ووزراء العدالة يصادقون عليه في الحكومة والأمين العام للحزب هو رئيس الحكومة فموقف العدالة من تقنين مشروع القنب الهندي واستعماله في المجالات الطبية ضبابي ومتدبدب كما يرى محمد بلقاسم…
ومرة أخرى ينتهج الرجل الثاني في حزب العدالة أسلوب المراوغة، فالموضوع في رأيه شائك ويحتاج إلى نقاش عمومي واسع وإلى مشاورات سياسية وإلى حوار مع المزارعين ساكني المنطقة. فرئيس الحكومة حسب العمراني يرى بأن هذا المشروع جزء من حل لمعضلة وطنية مطروحة في منطقة يعيش مزارعوها حالة عدم الاستقرار وذلك بناء على مصادقة اللجنة الوطنية المغربية للمخدرات بتاريخ 11فبراير 2020 على توصية المنظمة العالمية للصحة بإعادة ترتيب القنب الهندي من جدول المخدرات إلى جدول التداوي والتصنيع وأضاف أن الحكومة لم تناقش هذا الموضوع منذ ذلك التاريخ واكتفى بالإشارة إلى فئة أخرى تشكك في علمية هذا الموضوع ولم يذكر بنكيران الذي قرر مغادرة الحزب
ولا إدريس الأزمي المستقيل من رئاسة المجلس الوطني وغيرهما ممن خلقوا أزمة حقيقية داخل الحزب.
فالرجل يتلاعب بتنصيصات لغوية ومصطلحات تجمع بين السياسي والديني (الاعتبار ليس للمقاعد وإنما للدستور ـ الرأي الشرعي ـ الإجماع في البرلمان ـ الحرية في التقييم والنقد والمساءلة) ويبرع في الغموض والتعتيم في استعمال المصطلحات فهو على سبيل المثال لا يذكر كلمة إسرائيل ولا كلمة التطبيع ولا كلمة منطقة شمال المغرب وهو يجيد العزف على وتر الوطنية والمصلحة العامة ويتوسل بخطاب المظلومية ولعب دور الحزب الضحية ويتعامل مع مضيفيه بنوع من الحذر والتوجس ويخلق مسافة بينه وبينهما بهدف إخماد سخط المواطنين على العدالة والتنمية وسد الثغرات التي أحدثها بنكيران والعثماني من بعده والتي جرت على الحزب نقمات الحلفاء قبل الخصوم.
ويأبى الضيف الثقيل إلا أن يختم اللقاء بتهوين كل الأمور وتقليل حيرة الرأي العام في حزب انكشفت أوراقه وتوجيه دفة الحوار إلى موضوع أخلاقي يوظف فيه الخطاب الديني في ترك آخر انطباع لدى المشاهد وبمنطق ارسطو منطق الروح والجسد أو القوي والضعيف أو السيد والعبد فالحكومة تقرر لأنها قوية والمواطنون يخضعون لها بالاستجابة للعمراني الذي يطالبهم في آخر أنفاس الحلقة بالتراحم والتغاضي والتساكن والانصياع في شهر رمضان .
فلماذا لا تختم اللقاء ـ السيد سليمان العمراني ـ بالتفاتة خاطفة إلى أولئك الذين تقوم الدورة الاقتصادية على أكتافهم؟ لماذا لا تسأل عن أوضاعهم في رمضان؟
أما زلت تراهن على حصان بناء الثقة بين حزبك والمواطن؟