[success]حميد تاكني[/success]
مخطئ من يظن أن الجزائر ستنتهي حرائقها بمجرد إطفاء آخر شعلة نار بطائرة الأجنبي المستعمر.حرائق الجزائر ليست ألسنة لهيب تشوي الإنسان والبهيمة والزرع فقط، ، حرائق الجزائر كثيرة ومتنوعة تتمدد وتتجدد مع الزمن العسكري ، حرائق الجزائر آلام يومية لا تنتهي وأحلام تباد وتتحطم مع إستمرار نظام العسكر الإستبدادي الذي يصر على حكم بلد المليون ونصف المليون شهيد بعقلية بلدان المعسكر الشرقي البائدة.
أجهض نظام العسكر الجزائري كل محاولة للتغيير.من بوضياف الى جبهة الإنقاذ الى بنجديد.أفشل حراك الشعب الذي ظل صامدا لأكثر من 105 جمعة.رمى برموزه الى دهاليز السجون بدون محاكمات و ألجم الكثير من الصحفين بفصلهم من وظائفهم ولم يرحم حتى شباب اليوتيوب.حاول تصدير مشاكل الجزائر الى خارج الوطن، زج بنفسه في مشكلة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا بينما مدن الجزائر كلها تموت بالعطش ويصطف مواطنوها في طوابير طويلة من اجل الحصول على بعض من الماء.حاول الزج بأنفه في قضية فلسطين حينما حاول توجيه الرأي العام المحلي الى مشكلة تواجد إسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي وهو يعلم جيدا ان الكثير من الدول الإفريقية ليس لديها أي مشكلة مع إسرائيل، بل لديها مشكلة مع إصرار الجزائر تجويع الشعب من أجل دعم منظمة إرهابية إنفصالية في الجنوب المغربي.
فشل الجيش وفشلت عناصر الحماية المدنية في القضاء على الحرائق في بدايتها.ليس لأنهم غير مؤهلين لهذه المهمة بل لأن نظام العسكر تأخر خمس ساعات قبل ان يتحرك الى الولايات المحروقة. فشلوا لأنهم لم يجدوا الوسائل اللازمة لمكافحة النيران التي تنتشر بسرعة وبدون رحمة…فشلوا لأن دولة العسكر كانت تسلح جيشها الذي لم يخض حربا واحدة في حياته عوض الالتفات لحاجيات المواطن الجزائري.فشلوا لأن نظام المرادية كان همه تبييض صورته امام الخارج تاركا البلاد والعباد لمصائرهم المجهولة.
قبل الحرائق بقليل، إنتفض الجزائريون في جل مدن الجمهورية بحثا عن العدالة والديمقراطية ومحاسبة المفسدين.وعوض الإنصات الى مطالبهم ومحاسبة المفسدين من الحزب الحاكم الذين نهبوا الجزائر طولا وعرضا. تم تنظيم إنتخابات مزورة والمجئ بحاكم من الطغمة القديمة كبديل عن الرئيس بوتفليقة الذي أمضى نصف مدة رئاسته للبلاد وهو غائب عن الوعي. بعدها إنتفضت ولايات ورقلة وحاسي مسعود…مدن تجري من تحتها انهار من النفط والغاز، أبنائها لا يجدون فرصا للشغل ويواجهون ظروفا معيشية قاسية بينما خيرات البلاد تباع وتقسم بين الجنرالات لكي يشتروا بها أسلحة تنتهي خردة في المخازن…أو يصرفوها على سفريات دبلوماسية البوليزاريو.
لا تنتهي الأزمات في الجزائر إلا لتبدأ مرة اخرى وكلها عبارة عن حرائق تكوي المواطن البسيط. فمن ازمة البطاطس الى ازمة الحليب الى ازمة الدقيق والزيت النباتي والماء واللحوم.أزمات لا تليق بكل ما تزخر به بلاد الجزائر من مقومات طبيعية و خيرات فلاحية و معدنية من دون ان نذكر بمداخيل البترول والغاز…التي تضيع معظمها في الإنفاق على العصابات الإنفصالية وشراء السلع والمواد الحيوية التي تستطيع الجزائر بشبابها ان تنتجها دون ان يضيع المخزون النقدي الوطني من العملة الصعبة الذي عرف في عهد تبون إنخفاضا ينذر بكارثة مستقبلية قد تعصف بكل احلام الأجيال القادمة.
نظام العسكر يعرف جيدا كيف يوجه الرأي العام، وكيف يلهيه حتى لا يركز على فساد الطغمة الحاكمة.فهو يصنع المشكلة ثم يسارع الى توفير حلول لها حتى يتهيأ للمواطن ان الدولة تعمل لصالحه وتستجيب لإنشغالاته الملحة. لكن هيهات فالجزائري يعرف كل مكائد النظام وسياتي اليوم الذي نشاهد فيه الإنتقام الموعود.
في جبال تيزي وزو الأبية لم ينتظر الأمازيغ الأحرار تدخل الدولة من اجل إطفاء الحرائق بل هبوا لمساعدة بعضهم البعض و إنقاذ الأرواح والممتلكات وتصدوا للنار على قدر إمكانياتهم وجمعوا التبرعات للمتضررين. فهم يعرفون ان الدولة غاضبة من هذه المناطق ولا يمكن ان تعطيها أي اولوية في المساعدة والمؤازرة.
ارسل نظام العسكر إشارات قبل ذلك بأسابيع عندما ازدحمت المستشفيات بمرضى كورونا و اختفى الاوكسجين وإنخرط الجميع في عمليات جمع التبرعات والإتصال بالجمعيات الخيرية في الخارج .
وساهم الكثير من المؤثربن في وسائل التواصل الإجتماعي في جمع المال من اجل شراء آليات الأوكسجين دون ان ينتظروا تدخل دولة العسكر لأنهم يعرفون حقدها الدفين على هذه المنطقة الحرة التي استعصت حتى على العثمانيين.هتف الكثير من الجزائرين بهتافات ” النار ولا العار” تعبيرا عن سخطهم على النظام، فهم لن يكونوا عبيدا في مزرعة الجنرالات حتى لو التهمتهم النيران.
تفاجأ العالم ان الجزائر لا تملك طائرات إطفاء وان الجنرالات إتصلوا على الكثير من الدول الاوروبية من اجل مساعداتهم في إطفاء الحرائق لكنهم طنشوهم ولم يردوا عليهم لأنهم ببساطة كانوا منهمكين في خدمة شعوبهم وتقديم الدعم والمساندة لمواطنيهم.عرض المغرب مثل كل مرة المساعدة ووضع طائرات الإطفاء تحت تصرف الجزائر، لكن نظام العسكر لم يعر لذلك أي إنتباه وإختار الدعم والمساعدة من “ماماه” فرنسا ومن بعض الدول الاوروبية التي أعطته مواعيد معظمها جاء بعد ان اكلت النيران الأخضر واليابس .
وواصل العسكر الحاقد مسلسل إهانة الجزائر عندما بدا يستجدي المساعدات من دول أقل منه ثراء. وصورة الطائرات التي تحمل مركبات لإطفاء الحريق قادمة من دولة الكويت كانت أوضح إدانة على فساد العسكر.فطوال كل هذه السنين التي أمضاها في كتم أنفاس الجزائريين لم يستطع هذا النظام الظالم أن يوفر بعضا من متطلبات سلامة السكان والمنشآت بينما لا يجد مشكلة في توفير الدعم المالي لشراء ذمم الدول المتخلفة من أجل التخطيط لزرع كيانات سرطانية تهدف الى تعطيل التنمية وبث الفرقة والشتات.
أثبتت الحرائق كما الأزمات التي مرت على الجزائريين أن العسكر سائر في قيادة الجزائر نحو المجهول. عازم على معاقبة الأحرار عقابا جماعيا بدون رأفة ولا رحمة.