[success]المواطن24[/success]
أصبح المغرب في السنوات الأخيرة يولي اهتماما كبيرا في مناهج التعليم العالي والبحث العلمي للأمن السيبراني والشبكات والنظم المعلوماتية، كما تم الحرص على إنشاء العديد من الوكالات المتخصصة في مجال أمن الشبكات ونظم المعلومات، من بينها، المديرية العامة لأمن نظم المعلومات واللجنة الوطنية لحماية البيانات الشخصية.
وفي هذا الإطار، أعلنت المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش “ENSA”، عن إطلاق مسلك للأمن السيبراني وأنظمة الاتصالات المدمجة والتي سترى النور قريبا، في اتجاه تكوين أطر مغربية متخصصة في هذا المجال.
وقال أنس أبو الكلام أستاذ التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش، والرئيس المؤسس لشعبة الأمن السيبراني وأنظمة الاتصالات المدمجة، ورئيس ماستر شبكات الأنظمة والاتصالات والأمن المعلوماتي بذات المدرسة، إن هذه الشعبة جديدة وهي الأولى من نوعها التي ستدرس بالمغرب وتضم تخصصين الأول خاص بالأمن السيبراني، والثاني يتعلق بأنظمة الاتصالات المدمجة مثل “الأنظمة المتواجدة في الأقمار الاصطناعية، والطائرات، والسيارات الحديثة…”
وأضاف أبو الكلام، في حوار مع موقع القناة الثانية الذي أورد الخبر، أن المغرب بدأ يولي اهتماما كبيرا لمجال الأمن المعلوماتي، ولذلك تم سن قوانين جديدة تؤطر هذا الميدان، وذكر بالقانون 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني والذي يلزم على مجموعة من الشركات بما فيها “الشركات ذات الأهمية” والتي تتوفر على بنية تحتية مهمة كالوزارات والشركات العاملة في النقل والاتصالات والصحة وغيرها، بأن تكون لها نظم معلوماتية حديثة ومؤمنة بقوة القانون.
وقال المتحدث إن مجال الأمن المعلوماتي مفتوح للغاية، “ففرنسا مثلا تحتاج سنويا إلى 50 ألف مهندس في مجال الأمن المعلوماتي، أما بالنسبة لنا في المغرب لا يمكننا أن نصل إلى هذا الرقم لكن هناك طلب كبير في السوق الشغل الوطنية وكذا الدولية.”
وأشار أبو الكلام “اليوم بدأت تظهر بعض الحروب الرقمية بشكل ظاهر أو خفي وتتمثل في عمليات التجسس وهذه تدخل ضمن مجال الأمن السيبراني، وبالتالي أصبح هذا الأخير مسألة سيادة الدولة، لأنه دولة ما تتوفر على قوة أمن سيبراني في أنظمتها المعلوماتية سواء في شركاتها ومؤسساتها الكبرى يصعب اختراقها والعكس صحيح.”
وبخصوص أهمية هذا التخصص، قال أبو الكلام “إن هناك دول قليلة في العالم تهتم بالأمن السيبراني بشكل مباشر، وهناك شعب ومسالك في المغرب، كما أن دولا أخرى يُدرّس فيها هذا التخصص بشكل سطحي وغير معمق، ونحن اليوم نرغب في تكوين مهندسين أوطر متخصصة يكون لهم الإلمام الواسع بهذا المجال وهنا تكمن الأهمية. كما يمكن أن نستهدف المهندسين الذين يتلقون تكوينا في مجال البرمجة المعلوماتية وشبكة الاتصالات حتى تكون لهم تكوينا على خلفية الأمن السيبراني.”
وبخصوص سنوات الدراسة، قال أبو الكلام إن “التكوين ينطلق بمسلك للأمن السيبراني وأنظمة الاتصالات المدمجة منذ السنة الثالثة بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش، ويتطلب الولوج إلى هذا التخصص توفر الطالب على سنتين من الأقسام التحضيرية سواء المدمجة في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية أو خارج هذه المؤسسة. ويمتد التكوين بهذا المسلك الجديد لثلاث سنوات تضم (ستة فصول)، وينهي الطالب المهندس تكوينه بمشروع نهاية الدراسة (بحث التخرج).”
ويتم التركيز في المرحلة الأولى على المواد الأساسية وهي تلك المتعلقة بالرياضيات والبرمجة المعلوماتية وشبكة الاتصالات ثم مواد تتعلق بأنظمة الاتصالات المدمجة، ويتم تلقين الطلبة المهندسين المعارف الأساسية المرتبطة بهذه التخصصات، وفي المرحلة الثانية يعطى الاهتمام للمهارات الناعمة “soft skills” واللغات الحية والتواصل..
أما المرحلة الثالثة، يضيف ابو الكلام، “فتهم بشكل خاص تخصص الأمن السيبراني حيث يتلقى الطالب المهندس معارف تتعلق بالجانب التنظيمي والآخر التقني، إذ تعتمد على تلقين التقنيات المستخدمة في الهجمات الإلكترونية وتقنيات الاختراق وأساليب تأمين النظام المعلوماتي. “
وحول الحاجة الملحة لتدريس وتكوين كفاءات مغربية في هذا التخصص، في ظل تزايد مخاطر تدبير الأنظمة المعلوماتية على المستوى العالمي، أوضح أبو الكلام ان “إحداث مثل هذا التخصص أصبح مسألة ضرورية، فالأمن السيبراني بات قضية سيادة وطنية فالأمن الإلكتروني للمغرب لا يمكن منح تدبيره لشركات أجنبية أو متخصصين أجنبيين، لهذا فالمغرب يسعى إلى إدراج مسألة تحصين وتأمين أمن الشبكات ونظم المعلومات ضمن أولويات البحث والتكوين العلمي.”
وختم ابو الكلام بالقول إن “وضع ترسانة قانونية لتأطير هذا المجال، وإحداث مؤسسات لحماية الخصوصية كاللجنة الوطنية لحماية المعطيات والبيانات الشخصية والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، كل هذه المؤسسات الوطنية تحتاج سنويا إلى أطر وكفاءات مغربية لتشغيلها”.