المواطن 24 – متابعة
تقف أم كلثوم لتحيي جمهورها بانحنائة خفيفة، تنم عن احترام وشموخ في الوقت ذاته، ثم تجلس على كرسيها الموضوع في مكانه المعتاد، أمام منتصف الفرقة الموسيقية، من خلفها إلى اليمين عازف القانون وقائد الفرقة، محمد عبده صالح، وإلى يمينه عازف الكمان أحمد الحفناوي، وإلى يسارها عازف العود الموسيقار محمد القصبجي، وبجواره عازف الناي سيد سالم، وباقي الفرقة موزعة بين اليمين واليسار.
بعد أن تنتهي الفرقة من عزف المقدمة الموسيقية، أو قبل أن تنتهي بقليل، تقف قيثارة الشرق ليصفق الجمهور من جديد، وتتقدم خطوتين إلى الأمام، ممسكة بمنديل حريري شفاف، وتتمركز في المكان المعتاد، أسفل سماعات المايكروفون المدلاة من السقف، على مسافة مناسبة من فمها.
نظام صارم، أشبه بقاعة محكمة يجلس فيها القاضي “رئيس المحكمة” على منصة، وعلى جانبيه مستشاريه، وأمامه جمهور المتقاضين، الذين يجلسون بخشوع بمجرد أن ينطق الحاجب: “محكمة”.
..نشرت مجلة المصور خبراً في 4 نوفمبر 1949، فحواه أن أم كلثوم كانت تحيي حفلاً نظمته نقابة المحامين المصرية، بمناسبة إلغاء القضاء المختلط، وقبل أن تظهر على المسرح، كانت هناك مشادة بين بعض الحاضرين بسبب أولوية الجلوس على الكراسي، وحين بدأ الستار ينفتح صاح أحدهم: محكمة! (بلهجة وطريقة حاجب المحكمة حين يدخل القاضي)، وفي الحال جلس الجميع، وتحول الهياج إلى صمت وخشوع.